قرر البنك المركزي الليبي تعديل سعر صرف الدينار مقابل الدولار الأمريكي وتوحيد السعر مقابل كافة الاستخدامات، استجابة للضغوط الدولية والبنك الدولي، بهدف مواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب ليبيا جراء تذبذب إيرادات النفط وتداعيات وباء كوفيد-19.
قرار البنك المركزي الليبي
ووصف كمال المنصوري، الباحث في الشؤون الاقتصادية في حديثه لوكالة أنباء (شينخوا) مساء اليوم (الأربعاء)، بأن قرار البنك المركزي القاضي بتعديل سعر صرف الدينار، بأنه “شرٌ لابد منه” لمواجهة أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالاقتصاد الليبي.
وقال مفسراً حول حيثيات القرار، “الحقيقة المُرة التي نواجهها بلوغ قيمة الدين العام 150 مليار دينار، وهي قيمة ضخمة جدا نتيجة سياسة مالية ونقدية غير متوازنة طيلة الأعوام الماضية، وبالتالي كان لابد من التدخل ووضع خيار توحيد سعر الدينار مقابل الدولار لجميع الأغراض”.
وتابع “طيلة سنوات كانت بعض الشركات والأفراد، لديهم قدرة على الوصول إلى شراء الدولار بالسعر الرسمي للبنوك التجارية، وبقيمة 1.40 دينار للدولار الواحد، بينما الدينار في السوق السوداء قفز إلى أكثر من 6 دينارات مقابل دولار واحد، وهي فجوة غير طبيعية كان لابد من معالجتها”.
وأعلن البنك المركزي الليبي اليوم، تعديل سعر صرف الدينار مقابل الدولار الأمريكي 1.4 دينار مقابل الدولار الواحد، على أن يدخل حيز التنفيذ في الثالث من يناير 2021، وسيكون متاحاً لجميع الأغراض “الحكومية والتجارية والشخصية”.
سعر واحد للدولار
وأشار الباحث في الشؤون الاقتصادية أهمية هذا التوحيد، قائلا “الآن الجميع سيتحصل على الدولار الرسمي بذات السعر، وبالتالي الفجوة ستتقلص في السوق السوداء، ولن تتجاوز 1.5 دينار مع السعر الرسمي الجديد، وبالتالي تنخفض الآثار الاقتصادية المدمرة جراء تحكم السوق السوداء بعمليات العرض والطلب والتحكم بأسعار السلع الأساسية”.
بدوره، اعتبر وزير الاقتصاد الليبي السابق علي العيساوي قرار تعديل سعر الصرف بالخطوة المهمة.
وأوضح العيساوي في حسابه عبر تويتر، أن “تعديل سعر الصرف سيكون له آثار مهمة، مع فقدان لإيرادات الرسم على النقد الأجنبي وتحديات لإصلاح الإنفاق العام”.
كما رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بقرار المصرف المركزي توحيد سعر صرف الدينار، كخطوة مهمة نحو تخفيف معاناة الشعب الليبي.
وأوضحت بعثة الأمم المتحدة في بيان تلقت وكالة أنباء (شينخوا) نسخة منه “نشيد بقرار مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي خلال اجتماعه اليوم، الذي طال انتظاره، بشأن توحيد سعر صرف الدينار الليبي، ونعتبره خطوة مهمة ومطلوبة نحو التخفيف من معاناة الشعب، وعلامة جيدة على أن هذه المؤسسة السيادية والحيوية متجهة نحو الاتحاد”.
وضع الخلافات جانبا
وعلقت الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، على القرار بقولها، “الآن هو الوقت المناسب لجميع الليبيين – ولا سيما السياسيين الفاعلين في البلاد – لإبداء شجاعة وتصميم وقيادة مماثلة ووضع مصالحهم الشخصية جانباً وأن يتجاوزوا خلافاتهم من أجل الشعب الليبي بهدف استعادة سيادة البلاد والشرعية الديمقراطية لمؤسساتها”.
وكانت مجموعة العمل الاقتصادية الدولية والأمم المتحدة وبحضور ممثلي البنك الدولي، اختتمت أمس في جنيف بسويسرا وعلى مدار يومين، اجتماع ممثلي المؤسسات المالية الليبية الرئيسية، والاتفاق على جملة من التوصيات لتنفيذ “إصلاحات هامة” للاقتصاد الليبي.
واتفق المشاركون على أنه لا يمكن الاستمرار على الوضع الاقتصادي الحالي، توجب على المؤسسات الليبية اتخاذ خطوات نحو توحيد المهام والعمل بشفافية وإثبات قدرتها على تلبية احتياجات الناس بفعالية، بجانب تحديد خطوات لتوحيد الميزانية الوطنية، وتوحيد وترشيد رواتب القطاع العام، وتخصيص التمويل الكافي للتنمية والبنية التحتية، والإدارة الفعالة للدين العام المتصاعد.
كما اتفق على لقاء ثاني في شهر يناير المقبل، لاستعراض التقدم المحرز في هذه القضايا والنظر في اتخاذ المزيد من الخطوات الفنية اللازمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الليبي.
ويوجد في ليبيا مصرفان مركزيان الأول في طرابلس، ويعترف به المجتمع الدولي وتذهب إليه إيرادات النفط حصرا، والثاني في شرقي البلاد يصفه المجتمع الدولي بـ”البنك الموازي”.
وتواصل احتياطات النقد الأجنبي الليبي منذ العام 2013 في الانحدار، وسجلت خسائر بقيمة تخطت 140 مليار دولار، بسبب الإغلاق المتكرر للحقول والموانئ النفطية وانخفاض أسعار النفط دوليا.
إعادة فتح المنشآت النفطية
وكان قائد “الجيش الوطني” المشير خليفة حفتر، أعلن في سبتمبر الماضي، إعادة فتح المنشآت النفطية في البلاد “مع كامل الشروط والتدابير اللازمة” والضامنة لتوزيع عادل لعوائده المالية، وذلك بعد إغلاق دام ثمانية أشهر.
وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011، ويدور الصراع في الوقت الحالي بين حكومة “الوفاق الوطني” في طرابلس المعترف بها من المجتمع الدولي، وحكومة موازية في شرق البلاد يدعمها مجلس النواب وقوات “الجيش الوطني” بقيادة المشير خليفة حفتر.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.