قال محافظ البنك المركزي اللبناني، اليوم الاثنين، إن أيامًا معدودة تفصل الاقتصاد اللبناني عن الانهيار، داعيًا إلى تغيير سريع في الحكومة بشكلٍ يُرضي المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع بأعداد غفيرة طيلة الأيام الـ12 الماضية، مما أجبر البنوك على إغلاق أبوابها.
نفاد التدفقات المالية
وأكد محافظ البنك المركزي اللبناني رياض سلامة، في حوار مع وكالة سي إن إن الأمريكية، أن تغيير الحكومة سيمنح الثقة وسيضمن عدم نفاد التدفقات المالية التى يرسلها العاملون بالخارج إلى داخل البلاد.
وأردف: “أيام معدودة تفصل الاقتصاد اللبناني عن الانهيار، والتكلفة ستكون باهظة على البلاد، لكن الشيء الأكثر أهمية هو أننا نفقد يوميًّا المزيد من الثقة. المال والاقتصاد يعتمدان كليًّا على الثقة”.
تشكيل حكومة جديدة
وأشار سلامة إلى أن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يحاول تشكيل حكومة جديدة تحظى بإجماع واسع، أو إدراج تعديلات على الحكومة الحالية بشكلٍ يؤدي إلى استرضاء الشعب اللبناني واستعادة الثقة.
وتابع: “لم يتحقق أي تقدم في الوقت الراهن”.
تلاشي الاحتياطي الأجنبي
ونقلت وكالة دويتش فيله الألمانية عن على يعقوب، السكرتير العام لحزب النهج اللبناني، قوله إن الدَّين يتراكم في لبنان، كل عام، بجانب تلاشي الجزء الأكبر من الاحتياطي الأجنبي.
وتابع: “…الناس لم تعد تثق في الحكومة. وهم يعتقدون أنها فاسدة. لقد بلغنا وضعًا لا نظير له منذ الحرب الأهلية اللبنانية”. ويشير يعقوب إلى الحرب التي مزّقت البلاد واستمرت من عام 1975 إلى 1990.
إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية
الحكومة تبدو على دراية كاملة بالوضع الاقتصادي المتدهور، حسب يعقوب. وقررت الأخيرة، مطلع سبتمبر الماضي، إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية بعد مرور عدة أسابيع على تخفيض التصنيف طويل الأجل؛ لقدرة لبنان على سداد الديون طويلة الأجل المقومة بالعملة الآجلة من قِبل وكالة فيتش للتصنيف الائتماني.
ارتفاع الديون الحكومية
وحسب البنك الدولي، يصل حجم العجز في الموازنة اللبنانية إلى 11.5% من إجمالي الناتج المحلي. وارتفع كذلك الدَّين الحكومي ليصل إلى 151% من إجمالي الناتج المحلي. وتعاني البلاد أيضًا مشكلة انعدام المساواة في الدخول. وقد تفاقمت هذه المشكلة جراء النزاع المسلح في سوريا المجاورة.
ونزح ما يقرب من 1.5 مليون سوري، حوالي ربع التعداد السكاني في لبنان، إلى البلاد منذ بدء الحرب الأهلية السورية في مارس 2011.
انعدام المساواة في الدخول
وقرر برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، في تقريرٍ نُشر عام 2017، تخفيض تصنيف لبنان بمؤشر المساواة في الدخول، إلى المرتبة الـ129 من بين 141 دولة.
وقال فارس السعد، رئيس الحزب الاجتماعي السوري المعارض، إن الأزمة ليست فقط اقتصادية، بل سياسية كذلك.
حكومة ضعيفة
وأشار فارس إلى أن الحكومة اللبنانية الحالية التي يقودها سعد الحريري احتاجت تسعة أشهر لتشكيل حكومة بعد الانتخابات العامة التي انعقدت عام 2018، بجانب أنها تعبر عن خليط من التوجهات والانتماءات الدينية والسياسية المتباينة. وعجزت هذه الحكومة لذلك عن اتخاذ قرار سياسي سريع.
وتم التصديق على موازنة عام 2019 في يوليو 2018 بعد أشهر عديد من المناقشات. وتم تأجيل الانتخابات العامة في البلاد عدة مرات من عام 2013 إلى 2018.
ضعف العملة المحلية
ويرى غالبية المتعاملين في العملة في شارع الحمراء الحيوي أن نشاطهم يعاني التدهور، مؤكدين أن تراجع السيولة يشكل مصدر تهديد لأعمالهم.
ودخل أصحاب محطات الوقود في إضرابٍ؛ احتجاجًا على ارتفاع قيمة الدولار أمام العملة المحلية. وتحصل هذه المحطات على مستحقاتها بالعملة المحلية، لكنها تشتري الإمدادات بالدولار الأمريكي.
الإنقاذ ممكن
وتقول ديبورا ريفولتا، مدير قسم الاقتصاد لدى بنك الاستثمار الأوربي، إن تطبيق إصلاحات اقتصادية عاجلة ربما يسهم في تغيير الوضع الحالي للأفضل وتحسين فرص إنقاذ الاقتصاد اللبناني.
وأضافت ريفولتا أن تطبيق الإصلاحات في قطاعي تكنولوجيا المعلومات والطاقة، بجانب تسريع وتيرة الخصخصة، سيمنع الأزمة من التفاقم.
الكرة في ملعب الحكومة
وأبدى بنك الاستثمار الأوربي استعداده لتقديم العون وتزويد البلاد بدعم تقني ومالي. الكرة، حسب ريفولتا، في ملعب الحكومة اللبنانية.
وتابعت: “أعتقد أن الحكومة اللبنانية لديها خطة إصلاحية قوية للغاية، عليهم تطبيقها ونيل المصداقية اللازمة”.