الانتخابات الأميركية تدور فى إسرائيل.. والعكس

الانتخابات الأميركية تدور فى إسرائيل.. والعكس
شريف عطية

شريف عطية

6:00 ص, الثلاثاء, 20 أكتوبر 20

منذ زرع الدولة الإسرائيلية فى المنطقة العربية، نشأت علاقة بنيوية بينها وبين الولايات المتحدة، يمتد تأثيرها إلى كل من الانتخابات الرئاسية فى أميركا.. وإلى انتخابات الكنيست الإسرائيلي، سواء بقوة النفوذ اليهودى فى النسيج الداخلى الأميركى أو سواء لانصياع الدولة العبرية للنواهى الآتية إليها من واشنطن، إلى أن شهدت العلاقة الانتخابية منذ العام 2016.. تقاربا مستحدثا لليمين الشعبوى فى كلا البلدين.. فى سبيل احتفاظهما بالسلطة حتى لو أدى ذلك إلى إثارتهما حربا أهلية، يحذر «ترامب» من مخاطرها فى حال فوز منافسه الديمقراطي، كما توجه الاتهامات إلى «نتنياهو» من جانب معارضيه بالعمل على تأجيج تفاعلاتها، كأمر وارد ومطروح سواء فى اغتيال رؤساء أميركيين سابقين أو من بعد اغتيال «رابين» 1995 على يد متطرف يمينى، إيذاناً باعتلاء اليمين الشعبوى (التوراتي) سدة الحكم فى إسرائيل اعتباراً من 1996 إلى الآن، باستثناء سنوات أقل من أصابع اليد الواحدة لصالح اليسار والوسط الإسرائيليين، ما أدى- بالتراكم- فى ضوء العلاقة البنيوية بين البلدين إلى مفاجأة وصول «ترامب» إلى البيت الأبيض، بفضل مرجح من أصوات الإنجيليين (الصهيونية المسيحية)، ذلك فى الوقت الذى يلاحق فيه نظيره الإسرائيلى «نتنياهو» بتهم الفساد.. إلخ، لولا توحدهما سياسياً وأيديولوجياً- وعلى المستوى الشخصى- عبر منافع متبادلة تجلت أهمها فى التخطيط والتطبيق التدريجى لما يسمى «صفقة القرن» كحل نهائى للمسألة الفلسطينية والأراضى العربية المحتلة.. وللتطبيع العربى مع إسرائيل، فى خطوات لم يقدم عليها بهذا التوسع أى من الرؤساء الأميركين السابقين، ما يؤدى من ناحية إلى إفلات المستقبل السياسى لـ«نتنياهو» من السقوط عبر ثلاث انتخابات تشريعية متتالية خلال العام المنصرم، وقد يؤدى من ناحية أخري.. وبرغم التوابع الاقتصادية والصحية لجائحة «كورونا»- إلى احتمالية فوز «ترامب» بتجديد ولايته لمرة ثانية نوفمبر المقبل.

إلى ذلك، وفى سياقه، تسعى حملة «ترامب» الانتخابية إلى حصد أصوات 200 ألف من بين الإسرائيليين الأميركيين ممن لهم حق التصويت فى كل انتخابات أميركية، خاصة من بعد أن بيّنت استطلاعات الرأى تأييد أغلبية الإسرائيليين لـ«ترامب».. الذى يتمتع أيضاً بالترويج له داخل إسرائيل من خلال سفيره «فريدمان» المقرب جداً إليه، بحيث يمكن القول إنه لا يوجد حملة انتخابية أميركية شبيهة تتمتع فى إسرائيل بهذا الزخم، سواء لجهة حصد الأصوات من داخلها لأى من المرشحين الجمهورى والديمقراطي، أو للتأثير على أترابهم ممن لهم حق التصويت فى الولايات المتحدة أو سواء للتأكيد على موقف «الإنجيليين» إلى جانب إسرائيل، إذ إن كل جيد أو سيء فى واشنطن.. يمكن أن ينعكس بالمثل على إسرائيل، كما أن العكس صحيح.. حيث تتحدد الأغلبية النيابية للكنيست بتأثير ليس غير مباشر من واشنطن، أياً كان الفائز بالرئاسة من الحزب الجمهورى أو الديمقراطى، إذ ينقل عن «جو بايدن» قوله من سنوات.. «لو لم تكن إسرائيل موجودة.. لكان على الولايات المتحدة أن تخلق إسرائيل كى تحمى مصالحها»، كما يتعهد حالياً.. بأنه كرئيس محتمل.. سوف يواصل ما سبق له تخطيطه (كنائب للرئيس السابق) فى المساعدة الأمنية الأكبر لإسرائيل فى تاريخ الولايات المتحدة.

على صعيد مواز، سوف يتوزع اليهود من سكان الولايات المتحدة (6 ملايين نسمة) ما بين «ترامب» و«بايدن»، حيث من المعتاد أن يصوت %70 منهم للمرشح الديمقراطى (وقد هاجمهم «ترامب» على ذلك)، فيما تنحو الغالبية من اليهود الأميركيين داخل إسرائيل للتصويت للمرشح الجمهوري، إلا أن البعض من الأميركيين يتجهون إلى تفضيل نجاح إدارة «بايدن- هاريس» كنموذج يلقى إحترام زعماء العالم، كما لإعادة بناء أميركا كدولة أفضل- من وجهة نظرهم- فضلاً عن إعادة تأكيد أمن إسرائيل، إلا أن اليمين الإسرائيلى- على العكس- يهاجم الديمقراطيين.. كون برنامجهم الانتخابى يخلو من التأكيد على المخاطر التى تتعرض لها إسرائيل من جانب التهديدات الإيرانية، إذ لا يتناولها البرنامج فى الفصل الخاص بالشرق الأوسط إلا فى نهايته، كما يستطردون فى القول إن «بايدن» سيكون محاطاً- كرئيس محتمل- بمستشارين وآليات بعيدة عن النهج الديمقراطي السابق لدعم إسرائيل، بحيث ستكون علاقتهم مع إسرائيل مختلفة، ربما بقصد المقارنة بالعلاقة البنيوية التى تربط اليمين الشعبوى الأميركى بنظيره الإسرائيلي، وتأثيرهما على الانتخابات الأميركية التى تدور فى أيضًا إسرائيل.. وبالعكس