الامبراطور "مكاري" !

الامبراطور "مكاري" !
حازم شريف

حازم شريف

10:55 ص, الأحد, 29 يونيو 03

الأستاذ زكريا مكاري ـ رئيس مجموعة الأميك ـ “AMIC ” المنبثقة عن رابطة مصنعي السيارات “EAMA ” … بث مؤخرا لأعضاء جماعته ما يشبه المرسوم أو الفرمان الامبراطوري عن طريق البريد الإليكتروني، وذلك في أعقاب ما نشرته جريدة “المال” في صدر عددها الثاني عشر، وتضمن موضوعا تحليليا عن سوق السيارات في مصر، شمل الحصص السوقية لأكبر عشر شركات محلية، في سابقة تعد الأولي في الصحافة المصرية.

ويبدو أن الأمر قد استثار مكاري إلي درجة دعوة الأعضاء صراحة إلي مقاطعة جريدة “المال”، كما جاء في نص مرسومه الذي ننقل في السطور التالية ترجمة حرفية أمينة له ـ حيث صدر المرسوم باللغة الإنجليزية ـ وذلك قبل أن نرد عليه التحية بأفضل منها في سياق تعليقنا عليه.

يقول مكاري: لقد أصبت بخيبة أمل عند قراءة التغطية الصحفية في جريدة »المال« عدد الأول من يونيه الجاري والعنوان الذي استخدمته الجريدة في تغطيتها.

تعليق: العنوان الرئيسي للموضوع كان “10 شركات تستحوذ علي %87 من سوق السيارات المحلي”، وهو عنوان هادئ لا يثير الغضب، إلا إذا كان مكاري يلمح إلي العنوان التمهيدي للموضوع.. “المال تخترق جدار السرية لصناعة لا تعتمد الشفافية”، وهو عنوان نقدر أنه ربما يكون قد أغضبه، باعتباره أحد رموز الستار الحديدي المفروض علي القطاع فيما يتعلق بالشفافية.

ويمضي مكاري معبرا عن حزنه هذه المرة: كما أحزنني أنهم ـ يقصدنا ـ استخدموا معلومات ونتائج وردت في تقريرنا، وكان من السهل علينا أن نوزع نسخة من التقرير علي كل صحفي، بدلا من الاقتصار علي انتقاء بعض المعلومات ذات الطابع العام، إذا ما كانت هناك بعض المطبوعات التي تستطيع الحصول عليها.

توضيح: لمن لا يعرف، فإن مكاري يشير هنا إلي قيام مجموعته بتوزيع بيانات كل ثلاثة أشهر علي الزملاء الصحفيين، تتضمن معلومات تتسم بالعمومية الشديدة عن السوق والمبيعات الكلية للشركات، دون الدخول في التفاصيل الخاصة بكل شركة علي حدي.

ومن خيبة الأمل إلي الحزن.. يقفز مكاري دفعة واحدة إلي وضع الاتهام قائلا: وواضح أن الصحيفة دعمت من قبل أحد الأعضاء، الأمر الذي أدي إلي شكوي جميع الأعضاء الآخرين في المجموعة.

ثم من الاتهام إلي الترجي المبطن بالتهديد: فأرجو أن تقوموا بالاحتفاظ بالمعلومات الخاصة بالمجموعة للتداول الداخلي فقط.

قبل أن يتحول إلي محاولة تأليب أعضاء المجموعة علينا: وأوصيكم أيضا أن تشاركونا في اتخاذ موقف حازم ضد الصحيفة المذكورة أعلاه، بسبب ما أبدته من عدم احترام لقواعد المؤسسة ونظمها، وأتمني أن تتعاونوا معنا في هذا المجال.

   أشكركم مع أطيب التمنيات

   زكريا مكاري

    رئيس مجلس إدارة “AMIC”

والواقع أننا كنا نود أن يستجيب أعضاء المجموعة لوصية مكاري لهم بمقاطعتنا،-على الأقل من باب حرصنا أن يهدأ باله وتسكن هواجسه-، إلا أن ذلك لم يحدث للأسف، بدليل أن عددا منهم، قد بادر بإرسال المرسوم “المكاري” إلينا للاطلاع عليه.

إلا أن مايحزننا حقا، ليس حالة مكاري النفسية، بقدر قدرته الفائقة على الكتابة باللغة الانجليزية -وهو ما يحتاج إلى مهارات لغوية عالية- دون أن يمتلك للهمة لبذل بعض الجهد للقراءة بذات اللغة-وهو ما يحتاج إلى مهارة لغوية أقل نسبيا- لأنه لوكان يقرأ بنفس حماسته للكتابة، لأمكنه بسهولة ويسر، أن ينقر على مفاتيح حاسبه الشخصي المحمول، ليرصد في ثوان معدودات أحوال وأهداف وطرق عمل المؤسسات والمنظمات المماثلة للأميك، في بلدان العالم المتقدمة، وغير المتقدمة، وهو ماكان سيكفينا ويكفيه أيضا شر القتال.

فعلى سبيل المثال- لا الحصر -فإن الجمعية اليابانية لصناعة السيارات، والتي تضم في عضويتها 13 شركة لصناعة السيارات “JAMA” تمارس العديد من الأنشطة، من بينها جمع ونشر- نكرر نشر – جميع البيانات والآحصائيات، المتعلقة بشركات السيارات اليابانية والمقارنة بينها.

أما جمعية صناعة السيارات الأوروبية “ACEA” فمن بين أنشطتها- وياللعجب – تقديم المعلومات للرأي العام، حول مختلف القضايا المتعلقة بالصناعة و أوضاعها.

كما يمكن لمكاري أيضا، وبمجرد حركة بسيطة من أصبع يده السبابة، أن يتفقد أحوال جمعية صناعة وتجارة السيارات الانجليزية” SMMT ” حينها سيجد انها تقدم لجميع المهتمين بالصناعة، بيانات حول الانتاج من السيارات والتصدير والتراخيص الجديدة ومبيعات السيارات المستعملة…إلا أن مكاري لا يفعل.

كما يستطيع بنقرة من أصبعه الخنصر، أن حتى جميعة السيارات في سنغافورة ” AAS ” تقدم أيضا جميع البيانات الخاصة بالصناعة إلى كافة المهتمين، وربما غير المهتمين.

أكثر من هذا، فإنه يمكنه عند مطالعة أي صحيفة في الخارج، تصدر بلغته المفضلة – الانجليزية أو أي لغة آخرى – أن يتعرف، كم هو من المآلوف، نشر أخبار من عينة، أن الشركة س تستحوذ على حصة معينة من السوق الفلاني، يليها الشركة ص، ثم باقي الترتيب، دون أن يظهر مكاري آخر هنا أو هناك، للتحريض على مقاطعة الصحيفة,صاحبة الخبر.

إلا أنه أيضا لايفعل، وياليته يفعل حقا، ليعفينا من الخوض في معركة- كنا نعتقد انها قد حسمت -حول جدوى الشفافية وتوفير ونشر المعلومات، لجميع الأطراف الفاعلة في السوق من منتجين ومستوردين ومستهلكين.

كنا نود أن يركز مكاري جهوده في إقناع أعضاء جمعيته، بأهمية نشر المعلومات المتاحة، على غرار ما يفعله أقرانهم في الخا رج، حتى نستطيع بدورنا أن نسانده- وسنسانده في جميع الآحوال -في الدعوة إلى توفير الظروف الملائمة، لتنشيط حركة السوق، وتحفيز الاستثمار، ومن ثم الاستهلاك، وإزالة المعوقات التشريعية والبيروقراطية والضريبية، التي تعترض الطريق أمام نمو القطاع الخاص.

نريد أن يساعدنا مكاري- ومن معه – بأن يكون آكثر اتساقا مع النفس، فلا يطالب من جهة بالمزيد من تحرير الاقتصاد، وتفعيل حرية المنافسة، ثم يعود من جهة آخرى، ليسعى لبناء جدار فولاذي، أمام تدفق المعلومات الخاصة بأوضاع الشركات، والخريطة التنافسية للسوق.

باختصار…نحن نعتقد أن ما نقوم به من محاولات لتحرير المعلومات في قطاع السيارات في مصر، أفضل له 100 مرة من فرمانات “مكاري” وتقلب مزاجه المستمر، مابين حالات خيبة الأمل، والحزن، وهواجس الاتهام، التي نخشى أن تنتهي بصاحبها إلى الامساك بتلابيب أعضاء مجموعنه، للاشتباه فيهم الواحد تلو الآخر، بحجة تسريب المعلومات!.