انكمش الاقتصاد الصيني بشكل حاد في أبريل، فقد أدى إغلاق شنغهاي ومناطق أخرى في جميع أنحاء البلاد لاحتواء تفشي فيروس كورونا على نطاق واسع إلى إغلاق المصانع، وتعطيل الطرق، ومنع الناس من الاستهلاك، مما أدى إلى تصاعد المخاوف بشأن المزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية.
وقد كان الركود واسع النطاق في أبريل، إذ تقلّص إنتاج المصانع بشكل أكبر، وأصبح الطلب على الخدمات أضعف بكثير مما كان متوقَّعاً. وتُعدّ مؤشرات مديري المشتريات أول بيانات رسمية لشهر أبريل، حيث تُوضح مدى الضرر الذي لحق بالاقتصاد بسبب تفشي المرض وسياسات الحكومة (صفر كوفيد).
فضلاً عن ذلك، انخفض نشاط المصانع إلى أدنى مستوى في أكثر من عامين، مع هبوط مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي إلى 47.4 من 49.5 في مارس، وفقاً للبيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء يوم السبت، بما يتماشى إلى حد كبير مع متوسط تقدير الاقتصاديين.
أداء الاقتصاد الصيني
كذلك انخفض المقياس غير التصنيعي، الذي يقيس النشاط في قطاعي البناء والخدمات، إلى 41.9 من 48.4 في مارس، مسجلاً أدنى مستوى منذ فبراير 2020، وهو أقل بكثير من توقُّعات الإجماع عند 46. إذ تشير القراءة فوق 50 إلى التوسع، في حين يشير أي شيء دون ذلك إلى الانكماش.
وقال مكتب الإحصاء في بيان له، إنَّ التدهور في أنشطة التصنيع يرجع إلى الانخفاضات الحادة في كلٍّ من الإنتاج والطلب. فقد أجبر تفشي فيروس كوفيد الأخير، الذي ضرب أماكن متعددة في جميع أنحاء البلاد، بعض الشركات على تقليل الإنتاج أو حتى إيقافه.
كذلك صرّح تشاو تشينغ، كبير الإحصائيين في المكتب الوطني للإحصاء، في البيان أنَّ الأنشطة في صناعة الخدمات تراجعت بشكل حاد “بسبب التأثير الشديد لتفشي المرض”، موضّحاً أنَّ النشاط التجاري تقلّص في 19 قطاعاً من أصل 21 قطاعاً شملها المسح، بما في ذلك النقل الجوي، والإقامة، والتموين.
وأظهرت البيانات أنَّ الطلبات الجديدة التي تم تلقيها في أبريل تراجعت بوتيرة أسرع، مما يشير إلى ضعف الطلب المحلي، في حين تراجعت طلبات التصدير الجديدة بشكل حاد أيضاً.
قال تشانغ شو، وديفيد كو :”تعرّضت الخدمات لضربة قوية، إلا أنَّ مقاييس العرض والطلب تراجعت أيضاً في التصنيع، فقد تكبّدت الشركات الصغيرة المملوكة للقطاع الخاص أكبر الخسائر. وتباطأ نشاط البناء بشكل حاد، مما يشير إلى أنَّ الإغلاق قد يعيق الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية”.
ضمان سلاسل التوريد
انخفض مؤشر يقيس وقت التسليم للمورّدين إلى 37.2 من 46.5، مما يشير إلى أنَّ المواد الخام تستغرق وقتاً أطول بكثير للوصول إلى عملاء التصنيع، وذلك على الرغم من التعهدات المتكررة من قبل السلطات للحفاظ على سلاسة النقل والخدمات اللوجستية. وقد أكد المكتب السياسي يوم الجمعة على أهمية ضمان سلاسل التوريد.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت مخزونات السلع التامة الصنع إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد، ومن المحتمل أن تتراكم المنتجات النهائية في المستودعات بسبب تراجع الطلب وصعوبة نقل البضائع إلى الشاحنات.
قال تشاو: “أكّدت العديد من الشركات زيادة الصعوبات اللوجستية والنقل؛ كما أنَّ بعضهم واجه صعوبات في الحصول على إمدادات المواد الخام الرئيسية والمكوّنات الرئيسية؛ إلى جانب ضعف مبيعات المنتجات النهائية، وتراكم المخزون، وغيرها من المشكلات الأخرى”.
استمرت أنشطة البناء في التوسع ولكن بوتيرة أضعف، فقد قيّدت ضوابط كوفيد حركة العمال. ودعا الرئيس شي جين بينغ هذا الأسبوع إلى بذل جهود شاملة لتحفيز الإنفاق على البنية التحتية، قائلاً إنَّها ركيزة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويتوقَّع الاقتصاديون أيضاً أن يلعب الاستثمار في البنية التحتية دوراً رئيسياً في دعم النمو.
وضع صعب
تقلّصت جميع الأنشطة في الشركات بمختلف أحجامها خلال الشهر، وكان الوضع في الشركات الصغيرة أسوأ مما هو في الشركات المتوسطة والكبيرة الحجم. وانخفض مؤشر تتبّع الأنشطة في الشركات الكبيرة إلى ما دون مستوى 50 للمرة الأولى منذ فبراير 2020.
يُذكر أنَّ بكين تتعرّض لضغوط متزايدة لتعزيز النمو، إذ يؤدي تفشي فيروس كوفيد والقيود في العديد من المدن إلى شلّ الكثير من اقتصادها، وهو ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
يُذكر أنَّ العديد من الشركات المصنّعة حاولت الاستمرار في العمل باستخدام ما يسمى أنظمة الحلقة المغلقة، حيث يعيش العمال في الموقع، ويتم اختبارهم بانتظام. إلا أنَّ النشاط ما تزال تعوقه القيود المطولة على التنقل، بما في ذلك عدة أماكن مثل شنغهاي، حيث تم إغلاق مناطق تضم قطاعات كبيرة من السكان لمدة شهر أو أكثر.