تمثل قضية مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية الشاغل الأساسي للشعب المصري بصفة عامة والخبراء الاقتصاديين بصفة خاصة لاسيما بعد أن وافق مجلس الشعب مبدئيا علي مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية وسط تأكيدات من المسئولين الحكوميين علي أن هذه المشاركة تخفف العبء عن كاهل الموازنة الحكومية ورفع كفاءة الخدمات المقدمة.
قالت الدكتورة سهير أبوالعينين مستشارة بمعهد التخطيط القومي، إن الهدف الأساسي من مشاركة القطاع الخاص هو دمج قدرات كل منهما من أجل تحقيق مكاسب مشتركة للطرفين.
وأشارت أبوالعينين إلي أن أهم المكاسب المتوقعة للحكومة هي تحسين الخدمات المقدمة وكفاءة النفقات من خلال الاستفادة من خبرات القطاع الخاص ومرونته وقدرته علي الابتكار، وزيادة الاستثمار في المرافق العامة، فضلاً عن تخفيف مخاطر القطاع العام بتحويلها إلي القطاع الخاص الذي يمكنه إدارتها بشكل أفضل، فضلاً عن سرعة الانتهاء من المشروع، واستغلال أفضل للأصول، خاصة أن الشريك الخاص تكون له مصلحة من الاستغلال الكامل لهذه الأصول والاستفادة القصوي من الفرص التجارية لتحقيق أكبر عائد ممكن يؤدي إلى مستويات أفضل للخدمة وإتاحة أكبر وتخفيض للنفقات.
وفيما يتعلق بالمكاسب المتوقعة للقطاع الخاص، أوضحت أبوالعيين أن هذه المكاسب تتمثل في إتاحة الفرصة للقطاع الخاص في إقامة أعمال علي درجة عالية من الكفاءة من خلال التعاقد طويل الأجل مع الحكومة، حيث يضمن القطاع الخاص الحصول علي مقابل الخدمة من الحكومة أو من المستهلك طوال فترة العقد، بالإضافة إلي توسيع أعمالها اعتماداً علي سابقة التعاقد مع الحكومة علي تنفيذ مشروعات معينة.
سهير أبوالعينين: فوائد متوقعة من المشاركة ولكن هناك تجارب عالمية أثبتت بعض الآثار السلبية
وأشارت أبوالعينين إلي أنه رغم الفوائد المتوقعة لكل من الحكومة والقطاع الخاص فإن التجارب العالمية أثبتت بعض الآثار السلبية الناتجة عن هذه المشاركة منها علي سبيل المثال حصول المستمثر الخاص علي عائد أكبر من سعر الفائدة علي سندات الحكومة حيث توصل عدد من الدراسات الاسترالية إلي أن نماذج التمويل في معظم الأعمال التي طرحت كانت أقل جودة وأكثر تكلفة من نماذج التوريد الحكومي.
تجربة نيوزيلاندا
وتابعت: وفي نيوزيلاندا أصدرت وزارة الخزانة تقريراً في 2009 أعلنت فيه أنه لا توجد حقائق تجريبية يعتد بها عن تكاليف ومكاسب مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص، فضلاً عن أن التقارير أشارت إلي أن غالبية مشروعات الشراكة تنشأ عنها مشكلات علي مستوي المشروع، بالإضافة إلي الآثار التراكمية التي تتحملها ميزانية الدولة في المشروعات، نتيجة مجموعة من الأساليب، أهمها كثرة وتعقد الجوانب الإجرائية وما تتضمنه من تكلفة المكاتب الاستشارية والمكاتب القانونية.
وأضافت أن تكلفة إجراءات الطرح لبعض المستشفيات في المملكة المتحدة وصلت إلي 7.4 مليون جنيه استرليني بما يمثل 3.8% من إجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع، فضلاً عن أن مشروعات الشراكة تتضمن أنصبة في رأس المال “أسهم”، بالإضافة إلي القروض البنكية لتمويل الشركة الخاصة التي يتعين إنشاؤها لغرض المشروع بما يمثل زيادة في التكلفة، مقارنة بالإقراض الحكومي لتمويل هذه المشروعات، فعلي سبيل المثال تراوحت التكلفة الكلية لإنشاء مدارس بواسطة القطاع الخاص في اسكتلندا من 7% إلى 13% سنوياً، في حين أن معدل القرض الحكومي يتراوح بين 4.2% و5%.
وأشارت إلي أن المستمثر الخاص يتوقع الحصول علي ربح ففي المملكة المتحدة تحصل شركات التشييد عادة علي معدل للعائد يتراوح بين 1.5% و2% في حال العقود التقليدية ولكنهم في حال عقود الشراكة يتوقعون معدلا يتراوح بين 7.5% و15% وقد تصل إلى 20% في حال المشاركة في رأس المال فضلا عن بعض المشاكل الناتجة عن طرح مشروعات أكبر من الحجم المطلوب لجعلها أكثر جاذبية للقطاع الخاص حتي لو كان ذلك علي حساب المصلحة العامة، فعلي سبيل المثال كان هناك مشروع لتجديد مستشفي يقدر بحوالي 30 مليون جنيه استرليني نتيجة عدم إتاحة تمويل عام أعيدت صياغة المشروع عدة مرات وطرح المشروع للشراكة مع القطاع الخاص بتكلفة وصلت إلي 400 مليون جنيه استرليني، هذا بالإضافة إلي مشكلة إعادة التفاوض يكون موقف الحكومة ضعيفاً لأنها تخشي من عواقب فشل وتوقف المشروع.
خالد صيام: اللجوء إلى القطاع الخاص يهدف سرعة الإنجاز وتوافر الإمكانات التكنولوجية
وأوضح الدكتور خالد سري صيام، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية الذي ساهم في إعداد مشروع القانون أن اللجوء إلي القطاع الخاص ليس فقط نتيجة صعوبة التمويل وبهدف الاستفادة من المزايا النسبية التي يقدمها القطاع الخاص مثل سرعة الإنجاز وتوافر الإمكانات التكنولوجية في القطاع الخاص، ففي فرنسا يتم اللجوء إلي القطاع الخاص في حال المشروعات التي تحتاج إلي سرعة في الانجاز، خاصة أن الحكومة تستغرق وقتا طويلا في تنفيذ المشروعات مما يؤدي إلي التأخر في تقديم الخدمة وارتفاع التكاليف.
وأشار صيام إلي أن قانون الشراكة بين القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية لابد أن يتضمن مجموعة من الضمانات الكفيلة بتحقيق المصلحة العامة وفي مقدمتها استمرار عمل المرفق العام بانتظام وعرض تقدير سنوي علي البرلمان لتقييم ما تم إبرامه من عقود، فضلاً عن إعداد خطة استراتيجية واضحة للتأكد من دراسة المشروعات ومن أن المنفعة التي حصلت عليها الدولة عالية بالإضافة إلي ضمان تقليص فرص النزاع وتقليل فرص اللجوء إي المحاكم في حال وجود نزاع بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان عدم توقف المشروع وعدم تحميل الأجيال المقبلة أعباء مالية عالية فضلاً عن ضمان حصول الجهات التمويلية في علي أموالها في حال انسحاب القطاع الخاص من المشروع بإعطاء الممول الأولوية في الدخول في هذه المشروعات قبل الدولة.
ورداً عما يشاع عن صعوبة القيام بتقييم هذه المشروعات، أوضح صيام أن التقييم في هذه المشروعات يعتمد علي المخرجات النهائية لها وليس المدخلات.
إبراهيم العيسوي: أهم مخاوف هذا القانون هو تخلي الدولة عن مسئولياتها الاجتماعية
وأوضح إبراهيم العيسوي، الخبير الاقتصادي، أن أهم مخاوف هذا القانون هو تخلي الدولة عن مسئولياتها الاجتماعية.
ورداً علي أن نقص التمويل من أكبر أسباب تدخل القطاع الخاص، أوضح أن نقص التمويل ليس مشكلة فالأصل في المالية العام أولوية النفقات ثم البحث عن مصادر تمويل مثل الضرائب والرسوم وغيرهما.
وأوضح العيسوي أن الأنشطة الإنتاجية في مصر تعاني من نقص في الاستثمار.
وقال عادل العزبي، مستشار غرفة الصناعات النسيجية، إن هناك مخاوف من مشاركة المستثمر الأجنبي في هذه المشروعات، خاصة أن هذه المشروعات ذات حساسية عالية ومن ثم فهناك ضرورة لوضع حدود لهذه المشكلة.