توقع كثيرون من العاملين فى المجال الإعلام أن تساهم ثورة 25 يناير فى ترسيخ مبادئ حرية الصحافة والرأى والتعبير بعد عقود من تكميم الأفواه والزج بكل من يعارض فى السجون دون استناد إلى أصول قانونية أو مراعاة لحق المواطنين فى الاطلاع على التوجهات المختلفة.
إلا أن الوسط الإعلامى شهد متناقضات عديدة على مدار العامين الماضيين مع ما ينبغى أن تغيره الثورة، ومنها حملة الملاحقات القضائية والبلاغات التى تواجه الإعلاميين التى لا طائل من ورائها سوى كسر شوكتهم لكنها تضع الرئيس محمد مرسى – بحسب تقارير حقوقية – على قائمة الحكام الأكثر ملاحقة للإعلاميين، بالإضافة إلى إقرار دستور يقيد الحريات فى بعض المواد منها على سبيل المثال لا الحصر المادة 215 التى تستبدل المجلس الأعلى للصحافة وهو هيئة مؤلفة من صحفيين، بالمجلس الوطنى للإعلام الذى تعيّن الحكومة أعضاءه ويتولى هذا المجلس وضع الضوابط والمعايير الكفيلة بالتزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها وهو ما يتيح للسلطة السيطرة على التغطية الإعلامية والإخبارية وتوجيهها.
ولا تنص أى مادة من الدستور على وقف سجن الصحفيين، بسبب مخالفات متصلة بعملهم الصحفى، مطالبة نقابة الصحفيين المتكررة التى وجهتها للجمعية التأسيسية بأن تضمن نصوص الدستور شروطاً بهذا الشأن، وبموجب قانون العقوبات الحالى يمكن ملاحقة الصحفيين جنائياً بتهمة التشهير وهو ما حدث بالفعل مع كثير من الإعلاميين خلال الفترة الماضية.
أيضاً لم يطرأ جديد على المناخ التشريعى للقطاع، إذ يستمر التداخل فى مهام الجهات التى تشرف عليه مثل وزارة الإعلام التى يقرر المسئولون بوجودها ثم يلغونه كل فترة، ووزارة الاستثمار المنوط بها منح القنوات الفضائية رخصة التشغيل، إلا أن الوزارة نفسها أرسلت مذكرة إلى مجلس الوزراء الأسبوع الماضى تطلب منه إعادة النظر فى قرار إيقاف منح تراخيص القنوات الفضائية.
وثالثة الأثافى أن التشريعات القائمة تمنع على الشركات إصدار أكثر من شكل إعلامى لتحقيق مفهوم وحدة الصناعة واختلاف المحتوى الذى انتشر الآن فى دول أمريكا اللاتينية، وهى ليست بالعملاقة على مستوى الصحافة العالمية مما يوجب إدخال بعض التعديلات التشريعية على القوانين التى تحكم العمل بالقطاع.
وبالتزامن مع كل المتناقضات الحالية على ساحة الإعلام، تحتفل «المال» بمرور 10 سنوات على إصدار العدد الأسبوعى الأول فى 16 مارس 2003 وتعتبر أن إطلاق العمل بالموقع الإلكترونى العام الماضى هو البعث الثالث لها بعد العدد الأسبوعى واليومى وذلك تحقيقاً للتكامل بين إصدارات الجريدة سواء الورقية أو الرقمية .
«المال» عقدت نهاية الأسبوع الماضى ندوة حضرها بعض ممثلى المجال الإعلامى لمناقشة رؤاهم حول مستقبل القطاع والمتناقضات السابق سردها، بالإضافة إلى المشكلات المتوطنة التى تتعلق بصناعة وسائل الإعلام وخاصة الصحافة والتليفزيون والمجال الرقمى.
وإلى التفاصيل..
المعلم : الممارسات الأحتكارية مصدر خطورة علي الاعلام
● «المال»: ما العقبات التى تواجه سوق صناعة الإعلام خلال الفترة الحالية وكيف ترى مستقبلها؟
- إبراهيم المعلم: المشكلات الحالية موجودة فى كل القطاعات وليست متعلقة بالصحافة أو وسائل الإعلام فقط، وهى تنقسم إلى عقبات تشريعية وأخرى تتعلق بكفاءة العاملين، كما أن الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد تنعكس بشكل مباشر على الرؤية العامة وتجعلها تتسم بالضبابية وعدم الوضوح لأن الوطن يمر بأزمة رهيبة أثرت سلباً على ضمير المجتمع الذى أصبح لا يستطيع التمييز بين الرأى من ناحية والسب والقذف والتشهير من ناحية أخرى إلى الدرجة التى تم فيها التشويش على القضاء.
وفى الحقيقة فإن المنافسة غير الرشيدة وقصر النظر وعدم الكفاءة والخبرة أصبحت من المشكلات الضخمة التى لا يستطيع أحد إنكارها فضلاً عن عدم وجود إحصائيات دقيقة يشرف عليها أساتذة إعلام ممارسون للمهنة.
ورغم اهمية الإعلام والصحافة فى تقدم الإنسان وتطوره وتحقيق مفهوم الديمقراطية والحصول على حقوق المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية فيما بينهم.
إلا أننا إلى الآن نكرر مفاهيم خاطئة دون وعى مثل أن الأطفال نصف الحاضر وكل المستقبل وهو مفهوم نفتتح به كل معرض سنوى للطفل منذ 30 عاماً إلى درجة أن ضمير المجتمع أصبح لا يميز وأكبر دليل على ذلك هو أن الفترة الأخيرة شهدت أكبر حركة تزوير للمؤلفات وتعد على حقوق النشر والملكية الفكرية فى مصر رغم الأحكام القضائية غير أن تنفيذها بات غاية فى الصعوبة وهو ما يحمل المؤسسات أعباء إضافية منها مشكلات توفير أجور المؤلفين الرسامين وأصحاب المكتبات وغيرهم ممن يرتبط بصناعة الصحف ونحن فى الشروق ربحنا كـ«دار نشر» أكثر من قضية دون أى جدوى مع استمرار تكرار حوادث التزوير.
● «المال»: ما الآليات التى يجب أن تتبعها المؤسسات الإعلامية لحل المشكلات التى تواجهها؟
- المعلم: على المؤسسات توفير التدريب اللازم مع تحقيق مستوى مناسب من الحياة اللائقة حتى يستطيع الإعلام تحقيق الدور المنوط به، خاصةً أن التكنولوجيا تقفز كل فترة قفزات كبيرة جداً يجب ملاحقاتها ومواكبة تطورها وأكبر دليل على ذلك هو أن دخول بعض الصحف الورقية مجال الإعلام الرقمى وامتلاك مواقع إلكترونية خاصة بها للوصول إلى أكبر عدد من الجماهير لأن التأثير الرقمى أكبر بكثير من تأثير الصحف مع الحفاظ على دخل المؤسسات المادى من الإعلانات فى النسخ المطبوعة.
● «المال»: هل لديك بعض الإحصائيات التقريبية بنسب قراء الصحف فى مصر؟
- المعلم: معظم الإحصائيات الموجودة تشير إلى أن نسبة قارئى الصحف فى مصر تتراوح بين 4 و%7 من التعداد السكانى وبالتأكيد أن هذه النسبة تختلف عن نسب مشاهدة القنوات التليفزيونية ومستخدمى مواقع الانترنت الإخبارية، إلا أن جميع القطاعات الإعلامية تعانى نقص الإحصائيات المدققة.
كما أن الملاحظات الأولية تشير إلى تأثير برامج معينة فى طبقة محددة من المناطق الحضرية مثل العاصمة غير أن نفس البرامج ليس لها أى تأثير يذكر أو نسب مشاهدة فى مناطق أخرى ريفية أو بالصعيد، فضلاً عن المناطق ذات الطابع بالمدن الرئيسية، كما أن تطور التكنولوجيا اضطر وسائل الإعلام إلى أن تكون أكثر آنية ولحظية وبالغة السرعة، بالإضافة إلى ضغط العوامل الاقتصادية وتغطية النفقات مع تحقيق أرباح لأن المعلومة متاحة بسعر أقل على وسائل الاتصال الرقمية على الرغم من عدم تطور حقوق الملكية الفكرية فى المجال الإلكترونى.
ونحن الآن نمر بمرحلة مضطربة تضطرنا إلى خوض تجارب مختلفة أبرز سماتها استمرار القراء فى متابعة صحف فقدت مصداقيتها، إلا أنهم يشترونها يومياً رغم اعترافهم بأن المحتوى الذى تتضمنه الجريدة ليس معبراً أو حقيقياً، وذلك فضلاً عن المشكلات الأخرى المستوطنة فى هيكل صناعة الصحف بالسوق المحلية، ومنها اصرار الصحف الخاصة أو المستقلة على الصدور للبيع بأسعار تتناسب مع أسعار الصحف القومية على سبيل المثال بجنيه أو جنيه ونصف الجنيه رغم عدم اتساق ذلك مع تكلفة الطبع وهى مشكلة مبنية على أساس اقتصادى.
● «المال»: وما التأثيرات السلبية على سوق الصحافة المطبوعة نتيجة إصدار صحف على أساس غير اقتصادى؟
- المعلم: يؤدى ذلك إلى عدة نتائج أهمها أن القوى الأخرى ممثلة فى الصحف القومية تتوحش وتدخل منافسة غير متكافئة للاستحواذ على السوق نظراً لتلقيها دعماً من الدولة وهذا غير موجود إلا فى دول ديكتاتورية معينة منها سوريا فى المنطقة العربية والصين وكوريا الشمالية خارج المنطقة، ومن ثم يجب على الإعلام أن يكون صناعة مستقلة من ملكية الدولة.
● «المال»: هل تدعو بذلك إلى إلغاء الدعم الموجه للصحف القومية؟
- المعلم: بعد الثورة من المفترض أن تعامل الحكومات المتعاقبة كل المؤسسات الإعلامية والصحفية بعدل لأن الواقع السياسى الجديد يفرض عليها عدم التفرقة بين مؤسسات حكومية أو غير حكومية.
كما أن الصحف القومية مستمرة رغم أنها تخسر بمتوسط سنوى 5 مليارات جنيه من جيوب المواطنين وبعضها يصدر 40 صفحة كعدد يومى والصحف الخاصة تدخل المنافسة بـما يتراوح بين 12 و16 صفحة ودون تلقى دعم من الدولة.
ومن ثم يجب أن يحظى الجميع بنفس الدعم أو أن يدفع الدعم المالى عن الجميع وفقاً لما يتراءى للمواطنين أنفسهم، لأن المال العام يؤخذ منهم، ولابد أن يتفقوا على الجهات التى تتلقاه فإذا قررنا كشعب أن الإعلام صناعة بالغة الأهمية للضمير الوطنى والتنوير ويجب دعمه فيعمم الدعم للجميع دون تمييز، وفى حال تم الاتفاق على استقلاله وضرورة عمله وفقاً لمعايير اقتصادية فتحرر المنافسة لكل المؤسسات العاملة بالمجال ومن ثم فأنا اشترط أن يتسم التخطيط الوطنى والدستورى لذلك بالعدل وإلا سيكون أساس الديمقراطية فى الدولة متصدعاً ومتخلخلاً.
● «المال»: ما الخطورة فى اعتماد الصحف على الإعلانات كمصدر مهم للدخل؟
- المعلم: هو أن المؤسسات لم تعول على المصداقية والكفاءة كعامل أساسى للنجاح والاستمرار بل تستمر بناء على أسس اقتصادية أو مهنية، كما أنه فى الدول غير المستقرة ديمقراطيا الإعلانات أيضاً لها علاقة مباشرة بخوف المعلن من السلطة، ومن ثم لا يتم الإعلان فى الصحف الخاصة بنفس حجم الإعلانات بالصحف الحكومية.
● «المال»: ما رؤيتك للمشكلة نفسها فى الإعلام المرئى أو المحطات التليفزيونية؟
- المعلم: يخسر التليفزيون المصرى سنوياً مبالغ طائلة من المال العام ومع ذلك فإن موقف المحطات التليفزيونية التابعة للحكومة خلال فترة الثورة تناقض بشكل صارخ مع مطالب الشعب بل لعبت القنوات دوراً منافياً لأخلاقيات المهنة تمثل فى محاولاتها تشويه أهداف الثوار وخدمة مصالح الحكومة.
● «
المال»: هل تستقيم المنافسة فى حال أغلقت الصحف القومية والتليفزيون الرسمى بسبب ضعف قدرتهما على العمل بمعايير اقتصادية؟
- المعلم: أنا لا أدعو إلى إغلاق المؤسسات الإعلامية الحكومية ولكن على جميع الأحزاب والتوجهات المشاركة فى صنع السياسة الجديدة التى يجب أن يتم العمل فى الإعلام من خلالها، اتخاذ موقف محدد من إنشاء وزارة معنية بشئون الإعلام، وإذا تم تدشينها يجب أن تخدم كل المؤسسات العاملة بالقطاع الإعلامى، فلا يجوز أن تستمر وزارة الإعلام فى العمل لصالح الحكومة فقط لأن الديمقراطية تعنى تداول السلطة وإلا فكيف تتسق فكرة دعم المؤسسات الإعلامية الحكومية مع احتمالية تغيير الاتجاه أو الحزب الذى يشكل الحكومة كل فترة، ومن ثم يجب الاتفاق حول معايير محددة تطبق على جميع المؤسسات العاملة بالقطاع بغض النظر عن التوجه السياسى أو الفكرى للقنوات والصحف.
● «المال»: ما موقفك من بعض الاحتكارات فى صناعة الصحافة؟
- المعلم: أنا ضد الاحتكار سواء من الحكومة أو الأفراد أو الشركات.
● «المال»: هذا من الناحية المبدئية لكننى اتحدث عن أنشطة محددة كالتوزيع أو الطباعة؟
- المعلم: الممارسات الاحتكارية فى صناعة الإعلام تمثل خطورة بالغة، وأنا أطالب بتحرير الأنشطة التى يتم فيها الاحتكار داخل صناعة الصحافة المقروءة تحديداً وخاصة التوزيع والطباعة لأن الاحتكار لا يجلب سوى الضرر من خلال سيطرة جهة ما أو شخص ما على النشاط، بالإضافة إلى الخطورة البالغة التى تمارسها المؤسسات الحكومية فى هذه القضية والتى تجعل الدولة أكثر قرباً من مفهوم الدولة البوليسية.
شفيق : المجلس الوطني للاعلام لابد ان يكون مستقلاً
● «المال»: ماذا عن الناحية التشريعية التى تحكم إصدار الصحف وتراخيص القنوات الفضائية؟
– المعلم: مصادرالقوانين التى تحكم العمل بالقطاع الإعلامى ليست لها أصول وبالعودة إلى الاحتكار فلا توجد تشريعات تحدد الاحتكار وهذا مثال بسيط للاستدلال على معاناة الإطار التشريعى من بعض النواقص.
ألبرت شفيق: إصدار تراخيص القنوات الفضائية الخاصة موزع بين جهات عدة حكومية بهدف الرقابة وليس التنظيم لأنه إلى الآن لا يوجد قانون موحد ينظم العملية الإعلامية بشكل عام ويحدد طبيعة المؤسسات التى ترغب فى إنشاء قناة فضائية جديدة.
وكان لابد من نص قانونى يحتم على الشركات تحديد محتوى معين تقدمه مع اشتراط حجم رأسمال معين وميزانية مخطط لها مسبقاً تحدد الأرباح المتوقعة والحصة التى تستهدف الشركة الاستحواذ عليها من السوق، وبعدها يتم التعامل مع جهة واحدة مختصة بإصدار التراخيص.
السبب الرئيسى وراء سعى قناة ON.TV إلى إنشاء وكالة أخبار هو التكاليف التى نتحملها عبر التعاقد مع وكالات محلية فلجأنا إلى توظيف بعض الافراد فى المحافظات المختلفة لإمداد القناة بالتغطيات اللحظية والأخبار المهمة، إلا أن الحكومة تقصر تصريحاتها الخاصة بالوزارات المختلفة فى بعض الأحيان على وكالة الشرق الأوسط قبل أى جهة أخرى ما اضطرنا فى النهاية إلى التفكير بإنشاء وكالة أخبار منافسة لإمداد القناة بالأخبار من ناحية وبيعها للقنوات الخاصة التى تعانى نفس المشكلة.
- المعلم: كان أجدى بالحكومة أن تجعل السوق تعتمد على وكالتها لمعايير لها علاقة بالكفاءة والمصداقية وهو ما كان سيوفر على قنوات التليفزيون الخاصة التفكير بإنشاء وكالة واستثمار هذه الأموال فى أنشطة أخرى.
- شفيق: ولكن تميزنا فى وقت قصير جعل وكالة أنباء الشرق الأوسط تطلب الدمج مع وكالتنا لتمتعنا بدرجة كبيرة من المصداقية إلا أن البيروقراطية عاقت استكمال عملية الدمج.
● «المال»: ما رأيك فى الاقتراح المقدم من مجلس الشورى بإنشاء مجلس وطنى للإعلام؟
- شفيق: لا أعتقد أن دوره سيكون تنظيمياً بل سيكون رقابياً مثله مثل الجهات الأخرى الموجودة للسيطرة على المحتوى الإعلامى المقدم للمواطنين، لأنه لن يكون بعيداً عن يد الحكومة وانا أقترح أن يكون مستقلاً ومكونًا من خبراء إعلام مارسوا العمل إلى جانب مجموعة من شركات الإعلانات وممثلين عن وزارة الاتصالات لتنظيم البث الفضائى وتمكين القنوات من استغلال موقعها الفضائى على الأقمار الصناعية وما يسمى «FOOT PRINT».
وأود أن أضيف أنه على الشركات المتقدمة بطلب إصدار تراخيص أن تحدد الدول التى تستهدفها أو الـ«TARGET GROUP» فعلى سبيل المثال يتم تحديد الدول من موريتانيا إلى دول الخليج ومنطقة جنوب أوروبا وذلك بهدف تفصيل بند الإعلانات المستهدفة لتحدد المؤسسة حجم الإعلانات التى تعتزم بيعه فى الخليج أو جنوب أوروبا ومن خلال السوق المحلية، فضلاً عن التعهد بتعيين كوادر ذات مستوى جيد من الكفاءة، بالإضافة إلى تقديم بيان تفصيلى بخطة العمل والنتائج المالية المتوقعة.
● «المال»: المطالبات بجهة تنظيمية مستقلة للإعلام تبدو منطقية ولكن لماذا تشترط العمل وفقاً لخطط ونتائج أعمال مفصلة؟
- شفيق: لأن جهات ذات أيديولوجيات معينة توظف أفراداً آخرين لافتتاح عدد من القنوات الفضائية تكون مهمتها الأولى والأخيرة توجيه الرأى العام إلى قضية بعينها ثم تغلق بسبب تعرضها للخسائر وإضطرارها إلى تسريح العمالة، فضلاً عن إتمام مهمتها فى الحشد لرأى معين، وهذا حدث قبل وبعد الثورة وربما يكون وضع ضوابط واشتراطات معينة على رأسمال الشركات أحد الحلول لتجنب حدوث هذه المشكلة وأنا أطالب بأن تطبق القوانين التنظيمية على المحطات التليفزيونية الخاصة والمملوكة للدولة.
● «المال»: ما الأسباب التى تجعل التليفزيون المصرى يخسر مليارات الجنيهات كل عام وهو يتلقى دعماً مالياً من الحكومة؟
- شفيق: المنظومة القانونية الحالية تقنن ما يتلقاه التليفزيون الرسمى من وزارة المالية رغم الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد ومعلوماتى الخاصة تشير إلى انه مدين لوكالات أخبار بـما يقارب 80 مليون دولار العام الماضى، فضلاً عن عجزه عن تغطية الرواتب لأكثر من 43 ألف موظف.
والمواطن هو من يتحمل كل هذه الأعباء فى النهاية وستتعجب إذا علمت أن السبب الرئيسى وراء عدم وجود إحصائيات دقيقة لقياس نسب المشاهدة وتأثير القنوات هو منع إدخال «التليميتر» إلى السوق المصرية منذ عدة سنوات قبل الثورة.
● «المال»: وما التليميتر؟
- شفيق: هو جهاز يتم توصيله بالأطباق الفضائية ويبين القنوات التى يعكف المشاهد فى منطقة معينة على مشاهدتها باستمرار والبرامج المحببة، فضلاً عن القنوات التى توقف المشاهد عندها لفترة قبل اختيار قنوات أخرى، فقد خشت حكومات ما قبل الثورة من كشف انخفاض نسب مشاهدة المحطات الحكومية مقارنةً بقنوات أخرى أكثر تأثيراً بدعوى الأمن القومى، غير أن السبب الحقيقى هو أن تليفزيون الدولة ليس له وجود.
● «المال»: هل لديك أى اقتراحات للقنوات الحكومية ذات نسب المشاهدة الضعيفة؟
- شفيق: اقترح أن تضاف القنوات الفضائية التى تغطى الصعيد أو مناطق أخرى إلى عمل المجلس الوطنى للإعلام وأن يكون عمل القنوات الإقليمية تابع للمحافظة مباشرة وأن يكون رأسمال من المحافظة وتغطى نفقات المشتركين من أبنائها نفقات القناة من خلال دفع بعض الفواتير.
● «المال»: هل هذا ترويج لفكرة القنوات الإقليمية الشعبية؟
- شفيق: نعم إذا كان تأثير القناة كبيراً فى أبناء المحافظة سيحافظون على اشتراكهم فيها وسيحدد تأثير القناة من خلال استمرارها أو عدمه وإذا لم تغط الاشتراكات نفقات القناة يتم إغلاقها لترفع أعباء كبيرة عن كاهل الدولة ويوجه الدعم إلى جهات مستحقة أو أن يتم إدخال خدمة القنوات بشكل أرضى أو كابل.
● «المال»: بالتالى هل انت مع إلغاء التليفزيون الرسمى؟
- شفيق: أنا أقترح فقط أن تنفق الحكومة على قناتين أو 3 قنوات تحاول فيها تركيز المحتوى واستهداف فئات معينة وأن يتم العمل بها من منطلق خدمة الشعب وليس مصالح الحكومة فى بعض الأحيان يتم منع بعض الضيوف من دخول مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون رغم أنه ملك الشعب ولايجوز لأحد أن يمنع مواطنين ذات اتجاهات فكرية معينة من الظهور على شاشاته.
- المعلم: نحن الآن فى حالة استقطاب سياسى وما زالت الأطر التى وضعها النظام السابق لتقنين ديكتاتوريته قائمة، وهو ما يجب تغييره فالنظام الجديد لم يولد بعد واستمرار التشريعات القديمة فى العمل حتى الآن يهدد التغيير المطلوب.
- شفيق: حتى هذه اللحطة لم يتم تحديد اتجاه معين لمنظومة الإعلام خلال الفترة المقبلة وحتى اقتراح إنشاء مجلس وطنى للإعلام المقدم بمجلس الشورى لم يتم أخذ قرار باستقلاليته أو القوانين الخاصة به.
● «المال»: نخشى فى هذه المرحلة من فقد فرصة تغيير دفة صناعة الإعلام إلى الاتجاه الصحيح.. ماذا يجب فعله حيال ذلك؟
- المعلم: يجب أن يكون هناك خطوة جادة من العاملين بالقطاع الإعلامى أنفسهم وليست الحكومة رغم أن شخصنة القضايا أصبحت هى الفكرة السائدة.
● «المال»: بالحديث عن السوق الإعلانية ما التحديات التى تواجها فى الإعلام المرئى؟
- شفيق: تقوم بعض الوكالات الإعلانية بعمل استطلاعات رأى وإحصائيات لقياس أعلى نسب مشاهدة لقنوات وبرامج معينة والتوقيتات التى ترتفع فيها نسب المشاهدة أو تنخفض.
من ثم فإن هناك اتجاهين فى السوق وكالات إعلانية تدفع لمؤسسات بحثية لاصدار احصائيات غير دقيقة لصالح بعض القنوات.
فيما يتمثل الاتجاه الآخر فى دفع القنوات الفضائية مبالغ مالية لبعض الأجهزة البحثية لإظهارها وكأنها الأكثر مشاهدة بهدف عرض الأبحاث على شركات الإعلانات للايعاز لها باتخاذ قرار الإعلان فى القناة باعتبارها الأفضل والحقيقة غير ذلك.
● «المال»: ماذا عن دور الجمعيات الخاصة بالعاملين فى قطاع الإعلام؟
- شفيق: هناك بعض الجمعيات الخاصة للإعلانيين تتقاضى من شركات الدعاية والإعلان مبالغ مادية وتوجهها لمؤسسات الأبحاث، وهو ما يجب ضمه إلى مهام المجلس الوطنى للإعلام، فضلاً عن إدخال التليميتر لتحديد الأوقات التى ترتفع فيها نسب مشاهدة التليفزيون أو ما يسمى PRIME TIME لأن كثيراً من المؤسسات البحثية لم تحسمها حتى الآن فبعضها رجحها من الساعة 6 مساء إلى 9 مساء والبعض الآخر رجحها من 9 مساء إلى 12 منتصف الليل وانا رأيى الشخصى أنها تختلف باختلاف الأفراد وطبيعة أعمالهم واهتماماتهم لأن الدراسات الحالية غالباً ما تكون موجهة.
● «المال»: هل يكفى حجم السوق الإعلانية الحالى لازدهار صناعة الإعلام على مستوى الدخل؟
- شفيق: ظهرت مجموعات إعلانية جديدة بعد زيادة عدد القنوات الفترة الماضية وتم الانفتاح على أسواق اخرى بدعم من دخول بعض شركات الإعلانات والوكالات العربية للسوق المصرية مثل مجموعة شويرى.
كما استحدث المجال الإعلانى فكرة ارتباط كل محطة فضائية بمؤسسة إعلانية معينة، بالإضافة إلى تقديم القنوات المصرية نوعيات مختلفة من البرامج من أشكال البرامج الترفيهة المقبولة فى السوق الخليجية وجميعها مؤشرات جيدة تصب فى بوتقة ازدهار السوق الإعلانية.
● «المال»: هل القنوات المصرية مضطرة لتقديم مضامين تناسب بلدان عربية أخرى لاستقطاب إعلانات منها؟
- شفيق: إن النسبة الأكبر من تركيز القنوات المصرية يجب أن تكون على المحتو ى المحلى بما لا يقل عن 90 % والوصول للمنطقة العربية لن يتم إلا من خلال اللهجة المصرية التى يفهمها المواطنون العرب من سنوات كثيرة عبر السينما والمسرحيات، كما أن الاستغراق فى المحلية يوصل القنوات المصرية إلى الأسواق الأخرى، مع ضرورة الاهتمام بنوعيات مختلفة من البرامج، ولكن بقدر ضئيل وإذا كان هناك بعد عربى لابد أن تتم مناقشته من الزاوية المصرية.
● «المال»: بلغ حجم الإعلانات فى السوق المصرية العام الماضى ما يقرب 1.2 مليار دولار ماذا عن حجم الإعلانات فى السوق الخليجية؟
شفيق: اعتقد أن السوق الخليجية أقل من ذلك بكثير وذلك لاعتمادها على دولتين فقط هما السعودية والإمارات وباقى الدول خارج الخريطة الإعلانية بما فيها قطر لأن عدد سكان هذه الدول أقل من مصر.
- المعلم: الإعلان مرتبط بمحورين أساسيين، هما الأحداث والثقافة، ومصر بلد يمر بمرحلة تحول ديمقراطى وتموج بالأحداث التى تصنع المستقبل وتؤثر على دول الجوار.
وهناك مستجدات على الساحة السياسية كل يوم كما أن السوق المصرية لديها تاريخ كبير وثقافة متجددة سواء فى المسرح أو السينما أو الدراما أوالأغانى ولديها كوادر جيدة وبالمقارنة مع السوق الخليجية سنجد أن مصر تحظى بمميزات خاصة، ناهيك عن أن الاقتصاد المصرى يمر بأزمة بعد الثورة ولاشك أن حجم الإعلانات خلال سنوات ما قبل الثورة كان أكبر من حجمها العام الماضى وبالمقارنة بعدد السكان سنجد أن نصيب المواطن المصرى من الانفاق الإعلانى قليل جدا.
وحصلت «المال» على تقرير صادر عن المركز العربى للبحوث والدراسات الاستشارية «بارك» فى وقت سابق يشير إلى أن حجم الإنفاق الإعلانى فى قطر خلال عام 2012، بلغ 461 مليون دولار بارتفاع 4 % عن حجم الإنفاق الإعلانى فى عام 2011 مشكلاً نسبةً تقل عن 10 % من إجمالى الإنفاق الإعلانى فى دول مجلس التعاون الخليجى البالغ 4.8 مليار دولار خلال العام الماضى مقارنةً بـ 4.5 مليار دولار فى عام 2011.
وأشار التقرير إلى أن حجم الإنفاق الإعلانى فى الإمارات بلغ 1.5 مليار دولار مقارنة مع 1.1 مليار دولار خلال 2011 واستحوذت بذلك على 33 % من حجم الإنفاق الإعلانى فى الخليج.
رامز : متصفحو المواقع اكثر كثيراً من قراء الصحف
● «المال»: لماذا لا تستقطب السوق الإعلامية فى المجال الرقمى رؤوس أموال كبيرة؟
رامز محمد: على الرغم من أن تأثير المجال الرقمى ممثلاً فى مواقع الانترنت الإخبارية وقنوات اليوتيوب أكبر بكثير من تأثير الصحف الورقية، إلا أن استقطاب أموال استثمارية فى المجال لا يزال فى مراحله الأولية، علماً بأن عدد مستخدمى الإنترنت فى مصر يقدر بـ30 مليون فرد منهم 15 مليون فرد يستخدمون الـ«فيس بوك».
- المعلم: تأثير جريدة الشروق الرقمى أفضل من تأثير الجريدة المطبوعة بـ 20 ضعفاً.
- رامز: أعداد مستخدمى المواقع الإخبارية أكبر من عدد مشترى الصجف المطبوعة، وهناك الكثير من الصحف التى لم تمتلك قدرات مالية تمكنها من اقتحام سوق الصحف الورقية فى بداية مشوارها فاستثمرت فى مجال المواقع الإلكترونية الإخبارية وعند تحقيق انتشار معين انتقلت إلى المجال المطبوع، وعند دراسة سوق الإعلام الرقمى على مدى الـ 10 سنوات الماضية سنجد أن المواقع الإلكترونية بدأت على يد شباب مبتكر ثم انتشرت وتم بيعها إلى مستثمرين كبار، وموقع «مصراوى» من ضمن هذه المواقع التى حققت أكثر من مليون مستخدم خلال فترة وجيزة ثم بيع بعد ذلك إلى شركة لينك مع حزمة مواقع أخرى.
● «المال»: كيف ترى فكرة بيع المواقع الإخبارية إلى بعض الصحف خاصة أن صناعة الأخبار هى وظيفة صحفية فى المقام الأول؟
- رامز: دخول الصحف المجال الرقمى يعتبر أداة جيدة للتسويق وعلى الرغم من صعوبة تكرار هذه التجارب إلا أن هناك إقبالاً من الصحف المطبوعة على التحول إلى إصدارات رقمية بالتوازى مع السوق المطبوعة، كما أن تكلفة صناعة الأخبار عند الصحف أقل نتيجة تحميل جزء من التكلفة على ميزانية التسويق.
ورغم أن بعض المواقع توظف عمالة لمشاركة الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعى ربما يطلع على أخبارك ملايين الناس خارج وداخل البلاد وربما لا يغطيهم النطاق الإقليمى للجريدة المطبوعة، إلا أن جنى أموال من ذلك لم يتم بعد على عكس موقع يوتيوب.
● «المال»: ماذا تتوقع لمستقبل الاستثمار فى مجال الإعلام الرقمى خلال الفترة المقبلة؟
- رامز: التكنولوجيا تتقدم بخطى واسعة فى وقت قصير ستتمكن السوق من جنى أرباح من عدة أنشطة متداخلة مع النشاط الإعلامى الرقمى من إعلانات المواقع الإخبارية، ولكن بنسب أقل مما يربحه المستثمرون فى المحطات التليفزيونية والصحف المطبوعة واعتقد أن هناك تقدماً ملموساً فى هذا الصدد خلال الـ 5 سنوات الماضية على وجه التحديد واتوقع أن يرتفع حجم إنفاق الماركات التجارية الكبيرة على الإعلانات الإلكترونية.
واطلعت «المال» على تقرير صادر عن مؤسسة «كونكت آدز» فى وقتٍ سابق يؤكد أن دولة الإمارات تصدّرت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى مجال الإنفاق على الإعلان الرقمى خلال عام 2012، وذلك بعد أن استحوذت على %30 من إجمالى النفقات البالغة نحو 991 مليون درهم إماراتى ما يعادل 270 مليون دولار .
وتوقع المدير التنفيذى للمؤسسة محمد المهيرى فى مؤتمر صحفى عقد بدبى لإطلاق العمليات التجارية لشركة «تويتر» العالمية يناير الماضى نمو قيمة الإنفاق الإعلانى الرقمى عبر شبكة الإنترنت فى الإمارات بنسبة 33,2 %، بنهاية العام الحالى لتصل إلى نحو 385 مليون درهم ما يعادل 105 ملايين دولار، لافتاً إلى أن السوق المصرية احتلت المركز الثالث عربياً فى مجال الانفاق على الإعلانات الرقمية بحصة 13 % من إجمالى الإنفاق بالقطاع فى الدول العربية.
● «المال»: هل توجد إحصائيات تحدد حجم الإنفاق على الإعلانات الإلكترونية فى السوق المحلية؟
- رامز: المجال الرقمى يعانى نفس مشكلة الإعلام فى الصحف والمحطات التليفزيونية والتى تتمثل فى افتقاد الإحصائيات الموثوق فى نتائجها بشأن الإنفاق الإعلانى إلكترونيا إلا إن الأرقام التقريبية تشير إلى زيادة الإنفاق على إعلانات الإنترنت بمقدار 3 أضعاف سنوياً، ويعتمد على زيادة عدد مستخدمى الإنترنت كل عام.
● «المال»: فى رأيك ما الداعى وراء إنشاء مؤسسات إعلانية خاصة بالمواقع الإلكترونية وكيف ترى تأثيرها؟
- رامز: بالمقارنة مع الوسائل المطبوعة والمرئية سنجد أن الصحف تمتلك أقساماً خاصة بالتسويق وتحمل جزءاً من تكاليف إنتاجها على الإعلانات، كما أن المحطات التليفزيونية لديها تعاقدات مع وكالات إعلانية معينة وتدر دخلاً كبيراً جداً يساعدها على تقديم رسالتها الإعلامية وجاءت فكرة إنشاء مؤسسات إعلانية خاصة بالانترنت فقط بهدف التسويق للمواقع وجلب دخل لأصحابها.
● «المال»: ما معايير اختيار المشروعات التى تستثمرون فيها؟ وما الجهات التى ستدعون لترويج هذه المشروعات لشرائها لاحقاً؟
- رامز: نخطط لجذب أكثر من نوع من العملاء منهم شركات الاتصالات، فمثلاً «فودافون» نجحت فى الاستثمار بإحدى الشركات من خلالنا يوجد الآن فى مصر أكثر من 12 مليون مستخدم للإنترنت من خلال الموبايل وبعضهم لم يستخدم الانترنت من أجهزة حاسب آلى من قبل، وهذا مفهوم جديد وجمهور يجب استهدافه، بالتالى فإن شركات الاتصالات عميل مهم لأن عنصر الابتكارات فى هذه الشركات ليس كبيراً ويقتصر جنى الأرباح لديهم على عناصر المكالمات والرسائل النصية القصيرة والدخول على الانترنت.
● «المال»: هل يمكن القول بأن الصحف ليست عميلاً مستهدفاً لأن صناعة المحتوى هى وظيفته الأساسية ويستطيع القيام بها بتكلفة أقل؟
- رامز: يجوز، ورغم ذلك لدينا مفاوضات مع بعض الصحف خلال الفترة الحالية ولا تنس أن تحويل المحتوى المطبوع إلى آخر رقمى ليس بالمهمة السهلة وأنا اعتبر أن قناة أون تى فى من إحدى أفضل القنوات التى استغلت قناتها الرقمية على موقع يوتيوب لنشر محتوى يناسب الانترنت واستطاعت بذلك أن تجنى أرباحاً وتسوق لها داخل مصر وفى الدول العربية، وهناك قنوات أخرى تفتقر إلى ذلك، ويمكن بالتوظيف السليم للتكنولوجيا تصل مجالات الأعمال إلى قطاعات مختلفة فى مصر.
● «المال»: كيف يحدث تكامل داخل المؤسسات الإعلامية نفسها من خلال الانتشار الرقمى بالتوازى مع الصحافة المطبوعة والقنوات التليفزيونية؟
- المعلم: أن النظام السابق فطن إلى تأثير الصناعات السابقة وسيطر عليها من خلال ترسيخ مبادئ الدولة البوليسية ومنع مزاولة مؤسسة واحدة لأكثر من نشاط على الرغم من أن هناك كيانات عملاقة فى الخارج تعمل بمفهوم وحدة الصناعة واختلاف المحتوى من خلال استخدام الإعلام الرقمى ومحطات تليفزيونية وصحف وكتب حتى خدمات الزواج والتكامل بين كل هذه الأنشطة داخل المؤسسة الواحدة وارد جداً.
إن الصناعات الإبداعية أو الثقافية من أكبر القطاعات نمواً بعد السلاح والبترول على مستو ى العالم ويصل الإنفاق على الكتب إلى 100 مليار دولار، والإنفاق على الصحف يقدر بـ 225 مليار دولار والدراما 250 والسينما 60 ملياراً والموسيقى» 30 مليار دولار، وهى من أكثر الصناعات تأثيراً فى رأى وذوق واتجاهات الإنسان السياسية، ويستحوذ العالم العربى على 0.5 % من إجمالى هذه الأرقام، وهى نسبة ضعيفة، إلا أن السوق المصرية يمتلك ميزة ليس فقط من خلال الكثافة السكانية ولكن أيضاً لتوافر الفرص أمامه لاستغلال أسواق الدول العربية والإسلامية وجزء من الدول الإفريقية إذا ما نجح فى تحقيق مفهوم وحدة الصناعة.
لا يستطيع أحد أن ينكر أن تصاريح الحصول على ترخيص لإصدار جريدة ظلت مسألة غاية فى الصعوبة حتى وقت قريب، ورغم زيادة عدد الصحف الفترة الماضية، فإن التكامل بين المؤسسات ما زال بعيد المنال.
● «المال»: هل واجهت صعوبة فى العمل بنشاط الوكالات الإخبارية من خلال شركة القناة الفضائية؟
- شفيق: نعم، الشركة التى أسسنا القناة تحت اسمها تختلف عن الشركة التى أسسنا الوكالة بمقتضاها، إلا أن الوكالة ساعدتنا فى الحصول على فيديوهات مميزة بالإضافة إلى الانفراد ببعض الأخبار.
نحن نحاول الوصول إلى فكرة التكامل من خلال قناة اليوتيوب الخاصة بمحطتنا الفضائية ولدينا الآن أكثر من 80 مليون مشاهدة لمقاطعنا المصورة بخلاف الاشتراكات ونصل بها إلى جماهير فى كل أنحاء العالم، واستطاعت القناة الرقمية أن تستحوذ على أكبر نسبة مشاهدة فى الوطن العربى على الإنترنت كما أننا لدينا معلومات واضحة عن أكثر بلد يشاهدنا وتوقيتات المشاهدة وأعدادها وأنا أرى أن استثمار المحطات التليفزيونية بالمجال الرقمى له مستقبل مشرق.
- المعلم: ولكن على المحطات التليفزيونية أن تلتزم الدقة والمصداقية والمعايير الاقتصادية لأن عصر الانفتاح يتيح دخول كيانات عربية أخرى عملاقة مثل «العربية» و«الجزيرة» والـ«MBC» وتقديمها محتوى رقمى هى الأخرى قد ينافس بقوة معظم الكيانات الصغيرة الموجودة الآن لأنها كيانات متكاملة اقتصاديا وإداريا وتسويقياً وتكنولوجيا وبالتالى يمكن لها أن تزيح القنوات الفضائية الحكومية بكل سهولة وهذه الفكرة تنطبق أيضاً على المؤسسات الصحفية لأن عدداً كبيراً من الصحف لا يمتلك الاستعداد الرقمى كما أنه لا يتحكم فى عناصر إنتاج الورق أو ماكينات الطباعة.
لطفي :بوسع الناشرين انشاء كيان ” اهلي او الامخراط” في شعبة
● «المال»: بصفتك خبيراً قانونياً، ما طبيعية التشريعات الخاصة بالصحافة؟
- لطفى: القانون رقم 96 لسنة 1996 هو المنظم للصحافة المطبوعة، إلا أنه يضع بعض الشروط حول جذب الاستثمارات الاجنبية.
● «المال»: هذا تحايل أو التفاف واضح على القانون لأنه معيب ألا توجد طرق مباشرة منصوص عليها؟
- لطفى: أنا أرفض بشدة وصف المخرج القانونى بالتلفيق أو الالتفاف لأن هذه القواعد هى طرق أجازها المشرع وانا أرى أن التشريعات القائمة لا توجد بها معضلة.
● «المال»: وما المخرج القانونى من اشتراط عدم استقطاب مستثمرين أجانب بنسبة تزيد على 10 % من رأس المال؟
- لطفى: القانون يعترف بورقة الضد ويعتبرها ملزمة للطرفين وهى تجيز دخول مستثمرين أجانب فى صناعة الصحافة بالنسبة التى يراها مؤسسو الجريدة مناسبة.
● «المال»: بالقياس على قواعد سوق المال فإن هذا يعتبر تحايلاً أيضاً ويتنافى مع مبادئ الإفصاح.
- لطفى: أنت لا تضر أحداً بل تحاول فقط الحفاظ على حقوقك لدى المستثمر الأجنبى
● «المال»: بصفتك خبيراً قانونياً وليس مستشاراً للشركات كيف تقيم العمل بالتشريعات الحالية مع وجود بعض التناقضات فيها؟
- لطفى: بالحديث عن الإطار العام للتشريع يمكن اقتراح التعديلات اللازمة وتقديمها إلى مجلس الوزارء حيث لا ينكر أحد احتياج القوانين الحالية التى تنظم الصحافة إلى بعض التعديلات ولكن المناخ العام ربما يكون غير مناسب لذلك كما أن التعديل ربما يساعد المشتغلين على العمل بشكل أيسر وأسرع ووجود المخارج القانونية المشروع استخدامها فى القانون يضيع على الدولة الحظر الذى تفرضه وهو ما يعطى حجة إضافية عند طلب التشريع لأن المؤسسات تعمل وتخرق الحظر.
وعلى سبيل المثال حدث ذلك فى السابق عند تعديل قانون السماح للأم منح الجنسية المصرية لأولادها إذا كان والدهم ليس مصرياً، لأن عدداً من الفنانات العربيات استقطب مواطنين من متوسطى الدخل ودفعوا لهم أموالاً فى مقابل الاعتراف ببنوتهم وهو أمر غير حقيقى وهو ما استوعبته وزارة العدل وأقنعت الرئيس المخلوع بالتعديل، نظراً لاستخدام الأفراد هذا المخرج وهو ما يحدث فى قانون تملك الأراضى بسيناء.
● «المال»: هل تتفق معى حول أن البنية التشريعية الحالية تعوق وجود صالات التحرير المفتوحة التى تخرج منها فى الوقت نفسه المادة التى تصلح للنشر بالصحف والإنترنت والإعلام المرئى ومثلما يحدث فى دول ليست متقدمة اقتصادياً مثل كولومبيا وفنزويلا؟
- لطفى: أود أن أخبركم بأن تحرير الصحافة واستثمار رؤوس أموال أجنبية بالقطاع مقبل لا محالة بسبب توقيع مصر على اتفاقية التجارة العالمية «الجاتس» عام 1994، والتى يتم بمقتضاها تحرير الخدمات، وفقاً لجدول زمنى معين والحكومات المقبلة لن تستطيع فعل شىء حيال ذلك.
وستتمكن المؤسسات الإعلامية من تحقيق عنصر التكامل الذى تتحدث عنه ولكن إذا ارادت المؤسسات اقتناص حقوقها قبل تطبيق التحرير الكامل يمكن التقدم بطلبات إلى الجهات المعنية بإصدار هذه القرارات أو التشريعات مثل مجلس الشورى الحالى أو النواب المقبل.
● «المال»: إذا أردنا تكوين كيان ضاغط يسمى اتحاد ناشرى الصحف المصريين المستقلين هل تجيز القوانين ذلك؟
- لطفى: يحتاج ذلك إلى استصدار قانون منفصل غير أن الناشرين يمكنهم إنشاء كيان آخر تحت بند الجمعيات الأهلية أو طلب إنشاء شعبة باتحاد الصناعات أو الغرف التجارية لناشرى الصحف المستقلين وبهذا نبتعد عن شبهة تضارب المصالح لأن المنتمين إلى الغرفة لن يكونوا صحفيين بل مستثمرين.
● «المال»: كيف ترى عدم وجود قانون يختص بإنشاء الوكالات الإخبارية؟
- لطفى: إنشاء شركات من هذه النوعية يتم تحت مسمى تقديم خدمات إعلامية فى سجل التجارى وليس تقديم خدمات إخبارية واختلاف المسميات هنا لا يعطل إقامة المحطة الإخبارية.
- شفيق: محطات البث المحمولة حائرة بين وزارتى الاتصالات والإعلام، ولا يوجد قانون يتيح تقديم خدمة بث لتليفزيون معين خارج الدولة مثل تليفزيون الأردن، كما أن إنشاء قناة تليفزيونية خاصة يحتاج إلى العديد من الموافقات الأمنية ونحن ننظم أنفسنا بأنفسنا ونصبح مهددين بغلق القناة أو قطع البث.
- لطفى: أنا أتفق معك فى ذلك نحن نعيش فى دولة مخابراتية وإصدار تراخيص إنشاء القنوات منوط بوزارة الاستثمار إلا انه يحتاج إلى موافقة سلاح الإشارة فى القوات المسلحة وهذا ليس مبنياً على أساس جيد، فضلاً عن موافقات الرقابة الإدارية ووزارة الإعلام وأمن الدولة والمخابرات ومجلس الدفاع الوطنى.
وأقترح تحديد دور الجهات الأمنية المتدخل بشكل صارخ فى مهام عمل المؤسسات الإعلامية والصحفية، فلا يجوز أن ينص أول دستور بعد الثورة على إنشاء 3 مجالس أمنية هى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الدفاع الوطنى ومجلس الأمن القومى وأنا أرى أنه ما كان يجب أن يوضع مواد باسم هذه المجالس فىالدستور.
● «المال»: كما أن الجهة التى يخول لها قطع البث قد تكون الإدارة العامة للمصنفات الفنية مثلما حدث عند إغلاق مكتب «الجزيرة مباشر» فى مصر من خلال مصادرة الإدارة لجهاز البث.
- لطفى: وجود أكثر من جهة مختصة بالأمن القومى يسبب تداخلاً وتناقضاً فى مهام كل جهة، وهو ما حدث خلال فترة حكم نظام الرئيس المخلوع، فقد نشب خلاف بين وزارة الداخلية من ناحية والمخابرات العامة من ناحية أخرى حول مسئولية الأمن القومى الداخلى وزاد الخلاف إلى أن تم اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا التى قضت بأن المخابرات العامة لها الحق فى العمل داخل وخارج البلاد.
● «المال»: ما الآليات التى تكفل فض هذا التداخل بين الجهات الأمنية وخاصة فى مجال الإعلام؟
- لطفى: أن يكون هناك دولة مدنية قوية ورؤية ليست بوليسية قادرة على التصدى للجهات الأمنية فمنذ 20 عاماً استولت القوات المسلحة على أرض ملك مواطن استطاع زراعتها بنبات نادر والأمثلة كثيرة منها احتلال القوات الجوية لأراض تابعة لشركة مصر للصوت والضوء إحدى شركات القابضة للسياحة ناهيك عن صفقات للشركات تساهم فيها أجهزت المخابرات وأبناء المسئولين مع الوزارات والعاملين بها بنسبة 25 % لترسية المناقصات عليها، الإشكالية يحتاج رئيساً يحكم وحكومة ليست مرتعشة الأيدى.
● «المال»: هل يمثل القطاع الإعلامى استثماراً ناجحاً للمجال الرقمى أم أن التركيز سيكون على اتجاهات أخرى فى المستقبل؟
- رامز: لن نركز على الأخبار، واعتقد أن الاتجاه الجديد يخدم فكرة المحتوى بمعناه الأشمل خلال الفترة المقبلة متضمناً المعلومات الجديدة فى مجالات الصحة والفن والأبراج والسياحة وغيرها وأود أن أوضح اننا استثمرنا فى 30 شركة تعمل فى المعنى الأوسع للمحتوى خلال العام ونصف العام الماضيين.
● «المال» ما رأيك فى اتخاذ قرار من نوعية حجب المواقع الإلكترونية مثل اليوتيوب؟
- لطفى: وزير الاتصالات عاطف حلمى طلب منى استشارة قانونية فى القرار وأخبرته أنه لا يجوز وأرسلنا طلباً إلى المحكمة بوقف تنفيذ الحجب، وهو ما حدث بالفعل الأسبوع الماضى بقرار من المحكمة.
- رامز: قرار الحجب لا يمكن تنفيذه عملياً ولا يجب إغلاق موقع بالكامل فى مصر بسبب احتوائه على فيديو واحد مسيئ، وأنا أتذكر عندما منع النظام السابق الدخول على الانترنت خلال فترة اندلاع الثورة توصل الشباب إلى برامج منع الحجب، إذاً ثقافة الحجب ليست موجودة لدى الشعب المصرى وتجب الاستفادة من التكنولوجيا الحالية لأن المستقبل بالتأكيد سيحمل تطوراً لم نلمسه بعد.
الحضور من المجال الإعلامى
إبراهيم المعلم
رئيس مجلس إدارة مجموعة الشروق
ألبرت شفيق
رئيس «قنوات أون تى فى»
رامز محمد
الرئيس التنفيذى لبرنامج «FLAT6 LABS» لرعاية الأفكار الإبداعية التابع لصندوق «سوارى» لرأسمال المخاطر
حسام لطفى
أستاذ القانون المدنى ومحام بالنقض