قد ينكمش نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 1% تقريبا هذا العام بسبب تفشي فيروس “كورونا” المستجد المعروف اصطلاحيا بـ “كوفيد-19″، وهو ما يمثل تباينا حادا مع توقعات النمو (2.5%) التي أطلقت قبل ظهور الفيروس للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية في أواخر العام الماضي، وفقا لما توقعته الأمم المتحدة.
وحذر قسم الشئون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة في تقرير صادر مؤخرا أن الانخفاض في نمو الاقتصاد العالمي قد يكون أعمق بكثير إذ ما طال أمد القيود المفروضة على الأنشطة الاقتصادية وامتدت حتى الربع الثالث من العام، وأيضا إذا ما لم تكن إجراءات التحفيز التي تتخذها حكومات الدول في دعم الدخول والإنفاق الاستهلاكي.
وبالمقارنة، تراجع نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 1.7% إبان الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها في خريف العام 2008، بحسب التقرير.
وأوضح التقرير الصادر عن الأمم المتحدة:” مخاوف التفشي السريع والواسع لفيروس كورونا- وتنامي عدم اليقين حول فاعلية جهود احتواء الوباء القاتل- قد زلزلت أسواق المال عالميا”.
وأضاف التقرير:” في ظل التقلبات التي تشهدها السوق وتجاوزها لأعلى مستوياتها التي سجلتها إبان الأزمة المالية العالمية، وهبوط أسواق الأسهم والنفط إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات”.
وأشار التقرير الأممي إلى أنه وفي أفضل السيناريوهات، سيتم تعويض التراجعات في مستويات الاستهلاك الخاص، وكذا الاستثمارات والصادرات عبر الزيادات في معدلات الإنفاق الحكومي في الدول السبع الصناعية الكبرى ومعهم الصين، ما سيقود إلى نمو عالمي نسبته 1.2% في العام 2020.
وبالفعل فأنه وفي أسوأ السيناريوهات، بحسب التقرير، سينكمش الناتج العالمي بنسبة 0.9% على أساس الهزات التي يتعرض لها الطلب في الصين واليابان وكوريا الجنوبية ولولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى انخفاض نسبته 50% في أسعار النفط”.
وذكر التقرير أن القيود المتزايدة المفروضة على حركة وانتقال الناس وكذا عمليات الغلق في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية تلحق الضرر بقطاع الخدمات، لاسيما الصناعات التي تشتمل على تعاملات الأشخاص مثل تجارة التجزئة، وصناعة الترفيه، والضيافة، والتسلية وخدمات النقل.
وتمثل تلك الصناعات، والكلام لا يزال للتقرير، أكثر من ربع كافة الوظائف في تلك الدول. وأفاد التقرير بأنه وفيما تفقد الشركات العاملة في تلك الصناعات الإيرادات، سترتفع معدلات البطالة على الأرجح.
ولفت التقرير إلى أن التداعيات السلبية الناجمة عن القيود الاقتصادية في الدول المتقدمة الغنية ستتسلل قريبا إلى الدول النامية التي سترى حتما تراجعا في النشاط التجاري والاستثماري.
وقال التقرير إن شدة التأثيرات الاقتصادية- سواء إذا كانت معتدلة أو ركود عميق- ستتوقف على مدة القيود المفروضة على حركة الأشخاص وانتقال الأنشطة الاقتصادية في الاقتصادات الكبرى، وأيضا على حجم وتأثير الاستجابات المالية.
وقال ليو زينمين، امساعد الأمين العام للشئون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة:” الإجراءات العاجلة ضرورية جدا، ليس فقط لاحتواء كورونا، وإنقاذ الأروح، ولكن أيضا لحماية الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في مجتمعاتنا من الدمار الاقتصادي، وأيضا لاستدامة النمو الاقتصادي والاستقرار المالي”.
على صعيد متصل قال التقرير الصادر عن الأمم المتحدة إن حزم التحفيزات المالية ينبغي أن تولي أولوية للإنفاق على الصحة بغية احتواء تفشي “كوفيد-19″، مردفا أنها ينبغي أيضا أن تمنح دعما في شكل دخول إلى الأسر الأكثر تضررا بفعل الفيروس.
وذكر التقرير أن الدول النامية، لاسيما تلك التي تعتمد على السياحة وصادرات الخدمات، تواجه مخاطر اقتصادية مرتفعة، من بينها زيادة احتمالية الاستدانة بالنسبة للكثير من الاقتصادات التي تعتمد على السلع.
وأوضح التقرير أن الانهيار في أسعار السلع العالمية يفاقم الآفاق المالية الكئيبة في الأصل بالنسبة للكثير من تلك الدول التي لم تتعافى بشكل كامل من التداعيات التي أعقبت الانخفاض في أسعار السلع في الفترة من 2014-2016.