التحوط من المخاطر الاستثمارية.. أسلوب يلجأ إليه المستثمرون والمتداولون عندما تتغير ظروف السوق وتنحسر الفرص الاستثمارية وتتعاظم المخاطرة، ومن ثم يصبح التحوط محاولة للتعويض عن التعرض لتقلبات الأسعار فى سوق آخر بهدف تقليل فرص التعرض للمخاطر.
ومثلما يتجه البعض نحو المخاطرة والبحث عن الفرص التى قد تحمل عوائد مرتفعة، فهناك من يبحث عن الاستثمار بفكر تحوطى، ورغم اتساع رقعة الأدوات المالية التى تتيح فرص التحوط، وأبرزها وثائق التأمين، العقود الآجلة، المقايضة، الخيارات، المعادن الثمينة، العملات الأجنبية، وتقلبات أسعار الفائدة، فإن العقارات كانت بمثابة منجم الذهب الذى يتيح للمستثمر التحوط والعوائد المرتفعة معًا.
وساهمت حالة التباطؤ فى حركة القطاع العقارى وتحديد السوق الثانوية أو ما يعرف بسوق الكاش، فى تردد بعض المستثمرين عند ضخ أموالهم للاستثمار فى العقارات بهدف التحوط و تحقيق عوائد مميزة على المدى المتوسط وطويل الأجل.
وتسعى “المال” خلال السطور المقبلة إلى رسم صورة بوضوح عالى الدقة لكيفية التحوط الاستثمارى فى السوق المحلية، وما هى أبرز المجالات التى يمكن ضخ الأموال بها دون أى تخوفات من تقلبات المستقبل القريب.
وأجمع خبراء الاستثمار على أن الأدوات التقليدية لم تفقد بريقها كأوعية استثمارية قليلة المخاطر، رغم عدم استقرار الوضع والمخاطر السياسية مؤخرًا، فيما حذر بعضهم من الاستثمار فى القطاع العقارى السكنى، فى الوقت الذى أشاروا إلى تحسن نظيره التجارى.
واستحوذ الذهب على تفضيلات الخبراء ومن بعده جاءت الأسهم فى ظل التوقعات الإيجابية التى تٌشير إلى تحسن أسعارها خلال العام الجارى، بالإضافة إلى الاستثمار فى سوق أدوات الدين وتحديدًا السندات الحكومية.
محسن عادل: السندات وأذون الخزانة الأكثر أمنا فى ظل تصاعد الإصدارات وتزايد الشهية تجاهها
من جهته، قال محسن عادل، رئيس قطاع الاستثمار فى مجموعة بيت الخبرة الاقتصادية، والرئيس التنفيذى السابق لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة، إن انخفاض أسعار الفائدة يجعل من الأفضل للمستثمرين التوجه نحو القطاعات ذات المخاطر الاستثمارية الأعلي.
وتابع أن تلك القطاعات تكون أكثر قدرة على عكس القيمة الحقيقية للمستثمرين، وهو الأمر الذى يؤدى فى نهاية المطاف إلى زيادة الدور الذى يمكن من خلاله رفع معدلات العائد على الاستثمار.
وأوضح أن التقديرات تٌشير إلى أن الأدوات التقليدية -مثل الاستثمار فى الذهب- أصبحت غير مؤثرة فى ضوء انفصال الأسواق عن بعضها.
وأشار إلى أن الاستثمار خلال الفترة المقبلة الذى يحقق نظرية التحوط سيكون فى سوق أدوات الدخل الثابت وأبرزها أدوات الدين الحكومى وأذون وسندات الخزانة، فى ظل تصاعد معدلات الإصدار بالإضافة إلى شهية المستثمرين للحصول عليها.
وأكد أن الأدوات المالية مثل الأسهم لاتزال أحد أبرز الأدوات التى يمكن اللجوء إليها على المدى القصير لتحقيق أهداف المستثمر متوسط الأجل، مشيرًا إلى العلاقة الطردية بين المخاطرة و بين معدل العوائد الاستثمارية، فكلما ارتفعت الأولى ارتفعت فرص تحقق الثانية.
وائل زيادة: سوق المال و صناديق الاستثمار المباشر تحقق عوائد أعلى من الشهادات الادخارية
من جانبه، قال وائل زيادة، مؤسس “زيلا كابيتال” القابضة، والرئيس السابق لمجلس الإدارة التنفيذى للمجموعة المالية هيرميس للتأجير التمويلى، إن الشكل الأنسب لحماية المدخرات والتحوط من المخاطر الاستثمارية، لمن لا يريد الشهادات الادخارية، هو الاستثمار فى سوق المال.
وأضاف أن الاستثمار فى الأسهم يجب أن يتم من خلال مدير صندوق محترف وذلك بالنسبة للأفراد، إذ تتنوع الخيارات أمامهم سواء صناديق العائد الثابت، وصناديق الأسهم، وصناديق الاستثمار المباشر.
وأوضح أن صناديق الاستثمار المباشر تدر عائدًا على المدى المتوسط وطويل الأجل، أعلى من العائد المحقق للشهادات الادخارية والاستثمار على العقارات.
عمرو الألفى: البورصة يجب أن تستحوذ على %50 من المحفظة لمن يريد التحوط
من جهته، قال عمرو الألفى، رئيس قطاع البحوث بشركة شعاع لتداول الأوراق المالية، إن تحقيق التحوط فى العملية الاستثمارية مرتبط بعقلية المستثمر ذاته، والكيفية التى يوزع بها محفظته المالية.
وأضاف أن الذهب يعد القطاع الأكثر أمانًا وتحقيقًا لفكرة التحوط، فى ظل استقرار العملة المحلية، ومن ثم فإن ارتفاع سعر الذهب عالميًا بالدولار، سيساهم فى تحقيق أرباح أكثر، مشيرًا إلى أن الذهب يجب أن يستحوذ على 5 – 10 % من قيمة المحفظة المالية للمستثمر.
وأوضح أن المتبقى من المحفظة المالية يُحدد وفقًا للشخص ذاته فهناك من يفضل الاستثمار فى أدوات الدين والدخل الثابت، وهناك من يفضل الأسهم عقب انخفاض أسعار الفائدة.
وتوقع أن تستحوذ الأسهم على حصة أكبر من تركيز المستثمرين الباحثين عن التحوط خلال الفترة المقبلة، نظرًا لانخفاض أسعارها بشكل كبير للغاية، لافتًا إلى تصنيف مصر كأفضل سوق ناشئة فى معدل التوزيعات والتوقعات الإيجابية لتحركات الأسهم خلال العام الجارى، مما سيجذب استثمارات أكثر خلال الفترة المقبلة سواء فى سوق الأسهم أو سوق الدين العام.
وأشار إلى أن القطاع العقارى يواجه أزمة نقص السيولة، ومن ثم فإن الابتعاد عن الاستثمار فى الجزء السكنى منه سيحقق التحوط، مشيرًا إلى أن التركيز سيكون أكبر فى الجزء التجارى والسياحى من ذلك القطاع، متوقعًا انتعاش أكبر للسياحة ومن ثم استفادة القطاع الفندقى والتجارى بدعم من تعافى النشاط الاستهلاكي.
وأكد أن التحوط فى البورصة سيتحقق من خلال الاستثمار فى أسهم ذات سيولة مرتفعة وذات مديونيات منخفضة، وأبرزها شركة طلعت مصطفى، وكذلك الرعاية الصحية بما تضم المستشفيات و الأدوية وتوزيعها، وقطاع التعليم والسياحة وأسهم الخدمات المالية والبنكية، بجانب القطاع الاستهلاكي.
ووزع المحفظة الاستثمارية بمنظور التحوط بين 5 – %10 للذهب، و 10 – 20 % للعقارات، و %50 للأسهم.
أحمد حافظ: رغبة المضاربين فى المخاطرة أكبر من حذرهم لتزايد الفرص
من جهته، قال أحمد حافظ، رئيس قطاع البحوث بشركة رينيسانس كابيتال للاستثمار المباشر، إنه خلال الفترة الراهنة من الأفضل للمستثمر اللجوء إلى المخاطرة لتحقيق أرباح وعوائد استثمارية أكبر من مبدأ التحوط.
وأضاف أن التوقعات الإيجابية للاقتصاد المحلى والسوق المصرية بالإضافة إلى تحركات الحكومة خلال الفترة الراهنة، مع وجود العديد من الفرص الاستثمارية ساهم فى تحفيز المستثمرين وزيادة شهيتهم للاستثمار.
وأوضح أن البورصة المصرية على موعد مع التحسن على مستوى أسعار الأسهم وهى فرصة استثمارية لمن يريد التحوط، بالإضافة إلى الأدوات التقليدية التى ستستمر فى تأدية دورها دون تغيير فى تحقيق التحوط مثل أدوات الدين العام والذهب.