توسع اقتصاد اليابان بمعدل أسرع من المتوقع بفضل زيادة الاستهلاك بسبب تيسير ضوابط مكافحة الوباء، وهي نتيجة إيجابية ترجح استمرار التكهنات بعقد انتخابات مبكرة وإمكانية تغيير سياسة البنك المركزي.
حقق إجمالي الناتج المحلي نمواً بمعدل سنوي بلغ 1.6% في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، مسجلاً أقوى معدل للنمو في ثلاثة فصول، وذلك بعد تعرض الاقتصاد لركود فني في نهاية العام الماضي كما تبين بعد مراجعة الأرقام السابقة، وفقاً لبيانات مكتب مجلس الوزراء الصادرة اليوم الأربعاء.
زيادة الاستهلاك
تجاوز معدل النمو في ربع السنة الأخير تقديرات المحللين التي توقعت نمواً بنسبة 0.8%.
القوة الرئيسية وراء ارتفاع معدل النمو في الربع الأخير تمثلت في زيادة إنفاق المستهلكين والشركات بمعدلات أعلى من المتوقع، بينما أثرت أرقام التجارة سلباً على الأرقام الإجمالية.
قال أتسوشي تاكيدا، كبير الاقتصاديين في معهد أبحاث “إيتوشو ريسيرش “مع عودة الطلب المحلي ونقص العمالة، لا تستطيع الشركات أن تقوم بنشاطها التجاري دون استثمار. ويرجح ألا تتغير خطط الاستثمار في رأس المال عند الشركات في المدى القصير”.
تبشر هذه القراءة التي تجاوزت التوقعات بتعافي اقتصاد البلاد، وقد تمنح رئيس الوزراء فوميو كيشيدا فرصة أفضل للتفكير في إجراء انتخابات مبكرة.
يستضيف كيشيدا زعماء مجموعة السبع في هيروشيما هذا الأسبوع وقد يمنح نجاح هذه القمة شعبيته دفعة إضافية.
طمأنة بنك اليابان
الاقتصاد الذي ينمو بوتيرة أسرع من المتوقع رغم الأزمة العالمية قد يوفر أيضاً بعض الطمأنينة لدى “بنك اليابان”، حيث يدرس محافظ البنك الذي عين حديثاً كازو أويدا استدامة النمو في الاقتصاد والأجور والأسعار.
يتوقع بعض اللاعبين في السوق والاقتصاديين أن يقوم أويدا بتعديل السياسة النقدية قبل الانتهاء من المراجعة التي دعا إليها في أبريل.
هذه النتائج التي فاقت توقعات الاقتصاديين قد تحافظ على استمرار تكهنات بأن يبدأ “بنك اليابان” في إعادة السياسة النقدية إلى طبيعتها بعد عقد من التيسير النقدي القوي.
هذه التكهنات لم تتزحزح حتى عندما قال أويدا عدة مرات إن البنك المركزي لم يتوقع بعد أن يستقر التضخم فوق معدل 2% المستهدف، وبالتالي سيحتاج البنك إلى مواصلة سياسة التيسير النقدي.
يواجه ثالث أكبر اقتصاد في العالم قوى معرقلة من ناحية، وقوى دافعة للنمو من ناحية أخرى، بينما يهدف إلى اكتساب مزيد من الزخم نحو انتعاش قوي بعد الجائحة. في وقت سابق من هذا الشهر، خفضت الحكومة تصنيفها لفيروس “كوفيد-19” ووضعته على قدم المساواة مع الأنفلونزا الموسمية.
في الداخل، تدعم الزيادة القوية في الأجور والتدابير الإضافية لتخفيض الأسعار التي تتخذها الحكومة قدرة اليابانيين على الاستهلاك.
غير أنه يبقى أن نرى ما إذا كانت الرواتب تستطيع أن تواكب معدل التضخم الذي أثبت حتى الآن أنه أقوى رسوخاً مما كان متوقعاً.
تباطؤ الاقتصاد العالمي
أما المخاطر السلبية، فمصدرها الأساسي هو مخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي في أعقاب زيادة أسعار الفائدة لتهدئة معدل التضخم.
من المرجح أن تتضرر الصادرات اليابانية من ضعف الطلب الخارجي، بما يثني الشركات عن الاستثمار في رأس المال. وقد أظهرت بيانات اليوم الأربعاء أن صافي التجارة أثر سلباً بنسبة تجاوزت التقديرات على معدل نمو الاقتصاد في ربع السنة الماضي.
تناوب النمو والانكماش على الاقتصاد الياباني مع تأخر تعافيه بعد الجائحة مقارنة بنظرائه في العالم. ومنذ بداية عام 2021، انكمش اقتصاد البلاد في خمسة من أصل تسعة فصول.
ظل التضخم أعلى من هدف “بنك اليابان” البالغ 2% لفترة من الوقت، لكن أويدا يتوقع أن ينخفض مرة أخرى إلى ما دون ذلك المستوى في وقت لاحق من هذا العام المالي مع تلاشي عوامل زيادة التكلفة في الطاقة والسلع الأولية.