سقط الرئيس الماريشال «إدريس ديبى»- رئيس تشاد- وسط جنوده، مدافعًا عن عاصمة بلاده «نجامينا» ضد محاولات اجتياحها الفاشلة من جانب المعارضة المسلحة (الجهادية) المدعومة من خارج البلاد، وليتقاطر من بعد رؤساء الدول بين الساحل والصحراء، وقادة أفارقة آخرون، إضافة إلى الرئيس الفرنسى.. لوداع جثمانه، إذ يمثل غيابه قلقًا عالميًّا إزاء محاربة الإرهاب فى منطقة الساحل، ما دفع الجيش التشادي للإسراع بالإعلان عن تشكيل مجلس عسكري انتقالي لقيادة البلاد.. برئاسة نجل الرئيس السابق، مسئولًا عن تنظيم الانتقال لمدة 18 شهرًا حتى إجراء انتخابات حرة ديمقراطية.. بالتوازى مع ضمان استقرار الأوضاع الأمنية الاستثنائية التى تمر بها تشاد، سواء بالنسبة لأوضاعها فى الداخل، وبوصفها حليفًا رئيسيًّا للحرب على الإرهاب فى منطقة الساحل؛ التى كانت من أهم الأسباب وراء اعتذار رئيس البرلمان التشادي، المكلف منطقيًّا لقيادة المرحلة الانتقالية، وليصبح الجنرال «ديبى» الابن خلفًا لوالده.. الرئيس الفعلي للبلاد.. حيث التقى قادة رؤساء المؤسسات الرسمية والسياسية.. وهيئات المجتمع المدني، وعدد من الشخصيات التشادية المستقلّة، معلنًا عدم الانفراد بإدارة المرحلة الانتقالية، التى من المرجح أن تنتهي وقد أصبح- نظرًا لشعبية أدائه- الرئيس المنتخب للبلاد، كواحد من أصغر جنرالات أفريقيا (37 عامًا). إلى ذلك، تتأرجح ظاهرة التوريث فى النظم الجمهورية ما بين الفشل والنجاح، وفقًا لحرج الحالة الاستثنائية، سياسيًّا وأمنيًّا، إذ ربما لم تطرأ لأول مرة- كفكرة عاطفية- إلا حين رحيل «عبد الناصر»، وسيناء تحت الاحتلال.. وفى ظل غياب بديل متفق عليه إجماعًا، إلا أن عامل السن كان عنصرًا حاكمًا فى استبعاد وريثه المحتمل، وإن ظلت خواطر الزعامة تراوده لأعوام تالية، غير أنه لم تمضِ سوى أقل من ثلاثة عقود إلا وشاعت مسألة «التوريث»، فى مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن.. وإن أفلحت فى سوريا يونيو 2000.. فقد فشلت فى الأقطار الأخرى، لأسباب مختلفة، إلى أن تجددت فى تشاد حاليًّا.. دون التأكد من نجاحها أم العكس، ذلك فى أعقاب غياب قائد تاريخى «ديبى» قضى فى حكم البلاد نصف حقبتها الاستقلالية عن فرنسا منذ 1960، التى حالت بدورها من بعد- بفضل الدعم السياسى والعسكري- دون المحاولات الكثيرة للإطاحة به، آخرها فى 2019 حيث قصفت الطائرات الفرنسية المتمردين العابرين للصحراء التشادية، غير أن غياب «ديبى» الأب بالاغتيال 20 أبريل الحالي سوف يعيد تشكيل خريطة القوة داخل تشاد، وربما فى منطقة الساحل، وسوف تؤثر على قدرة القوات المسلحة التشادية بشأن مواصلة المشاركة فى حرب أهلية داخلية في آن واحد، بجانب محاربة التنظيمات الجهادية فى المنطقة (داعش- القاعدة- باكوحرام…)، خاصة فى مجرى العمليات العسكرية الدائرة شمال تشاد، وهى الواقعة على طول نحو 800 كم من العوينات المصرية على حدود ليبيا إلى غرب السودان، مرورًا بالسد العالى، إلا أنه رغم التطمينات التى أطلقها الجيش بعد مقتل الرئيس التشادى، وتفهُّم كل من باريس وواشنطن، بالإضافة للاتحاد الأفريقى، أهمية المواظبة على دعم القوات التشادية، وفى عدم التخلى عن «ديبى» الإبن، وعلى بقاء تشاد مستقرة، فإن حالة القلق لا تزال تواكب المشهد التشادي، بحيث لا يمكن إنكارها، خاصة فى ظل تمدد «داعش» فى أفريقيا.. وتحركات الجماعات والميليشيات المسلَّحة بين مثلث تشاد- ليبيا- السودان، ما ينعكس على استقرار دول الجوار عامة، ومصر على وجه الخصوص، التى تتزايد الجبهات المفتوحة فى مواجهتها، من حيث إن ليبيا لا تزال تتماثل للتعافي من حروب طاحنة، كما أن السودان المنقسم إلى دولتين لا يزال يحاول ضم أجنحته المتعارضة، فيما يغيب عن المشهد رجل تشاد القوي «ديبى» الذى لا يمكن إنكار شجاعته كصديق مبدئي لمصر
شريف عطية
8:52 ص, الأحد, 25 أبريل 21
End of current post