المؤشر يسجل %48.7 بنهاية نوفمبر مقابل 45.5 فى فبراير و 48.1 % ليناير 2019
مصرفيون: تراكم السيولة وزيادة إصدارات الدين وراء الزيادة ومبادرات «المركزى» تخلق التوازن
ارتفعت توظيفات البنوك فى الأوراق المالية بما فيها أذون الخزانة المصرية إلى أعلى مستوى خلال اثنى عشر شهرا لتسجل %48.7 فى نوفمبر الماضى مقارنة بمستويات بلغت %45.5 فى فبراير و %48.1 فى يناير 2019، لكنها تظل أقل من المستوى التاريخى المسجل فى ديسمبر 2018 بنحو %50.
ويشير مصطلح الأوراق المالية إلى استثمارات البنوك فى الأسهم والسندات ووثائق صناديق الاستثمار بالإضافة إلى أذون الخزانة المحلية.
وقال مصرفيون إن إقبال البنوك على الاستثمار فى الأوراق المالية على الرغم من تراجع العائد عليها خلال العام الماضى راجع إلى تراكم السيولة بمعدلات كبيرة فى مقابل ضعف فرص التوظيف فى إقراض المشروعات.
وزادت ودائع الجهاز المصرفى بنحو 346 مليار جنيه، بمعدل %9 تقريبا، فى الفترة من يناير وحتى نهاية نوفمبر الماضى لتبلغ 4.183 تريليون جنيه مقابل 3.84 تريليون مطلع العام.
وأضاف المصرفيون أنه بجانب تراكم السيولة من الودائع هناك أموال أخرى قادمة من نمو رؤوس الأموال والقروض الخارجية التى تحصل عليها البنوك، مما يفرض على القطاع المصرفى البحث الدائم عن مصادر متنوعة ومستدامة لتوظيف الأموال بما يخدم المجتمع.
وأوضحوا أن توسع الحكومة فى الاستدانة يعد أحد الأسباب أيضا فى نمو استثمارات البنوك بالأوراق المالية، إذ يفرض نظام المتعاملين الرئيسيين على مجموعة من البنوك الكبرى بالسوق، الالتزام بتغطية طروحات الدين فى السوق الأولى.
وكشف التقرير نصف السنوى لوزارة المالية عن ارتفاع إصدارات الدين الحكومية بنحو %12 فى النصف الأول من السنة المالية 2019-2020 إلى 513 مليار جنيه (32.7 مليار دولار)، متجاوزة %70 من المستهدف للعام بأكمله، مقارنة مع 460.1 مليار قبل سنة.
وتتوقع الحكومة زيادة الاقتراض المحلى فى موازنة 2019 – 2020 بنسبة %45 إلى 725.156 مليار جنيه.
وأشار التقرير إلى إصدار سندات بقيمة 422.6 مليار جنيه فى النصف الأول من السنة المالية الحالية مقابل 323.6 مليار قبل عام بزيادة %31، بينما باعت أذون خزانة بقيمة 90.4 مليار جنيه مقابل 136.5 قبل عام بتراجع %34.
وأشار المصرفيون إلى أن أذون وسندات الخزانة تعد الملاذ الآمن للسيولة غير الموظفة ائتمانيًا، متوقعين تراجع تلك النسبة خلال العامين المقبلين مدفوعة بتراجع أسعار العائد على الإيداع والإقراض، إضافة إلى مبادرة المركزى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناعة والسياحة التى ستسحب البساط مجددًا من تحت الأوراق المالية لصالح الائتمان.
وأعلنت الحكومة والبنك المركزى المصرى الشهر الجارى، عن 4 مبادرات تمويلية لتعزيز قطاعى الصناعة والعقارات، بالإضافة إلى العملاء المتعثرين بقيمة تتجاوز 200 مليار جنيه، بواقع 100 مليار لتمويل السلع الوسيطة والمواد الأولية للشركات التى تحقق مبيعات سنوية حتى مليار جنيه، و50 مليارا لإحلال وتجديد الفنادق والقرى السياحية و50 مليارا لتمويل الإسكان لفئة متوسطى الدخل، ويبلغ معدل الفائدة على المبادرات الثلاث %10 متناقصة.
وأعلن “المركزى” عن مبادرة رابعة تستهدف إسقاط فوائد متراكمة بنحو 31 مليار جنيه عن 5148 مصنعا متعثرا، حال قيامهم بسداد %50 من أصل الدين خلال 6 أشهر، على أن يتم إزالتها من القوائم السلبية، وإلغاء كل القضايا بينها وبين البنوك، لتتمكن من العودة للتعامل مع الجهاز المصرفى.
وأكد محمد البيه الخبير المصرفى، أن البنوك تسعى بشكل دائم إلى توظيف السيولة الخاصة بها بمصادر ذات ربحية عالية.
وأوضح أن تراجع الفائدة لدى البنك المركزى سيدفع نسبة توظيفها فى الأوراق المالية والأذون والسندات الخاصة إلى التراجع خلال عامين، كما أنها تعزز من تشغيل القروض للودائع، لخفض تكلفة الإنتاج على العميل فى السوق، وعليها ستزداد من الاستثمارات.
وشهدت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض تراجعًا بنسبة %4.5 خلال عام 2019 بعدما خفضت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى أسعار الفائدة خلال 4 اجتماعات، وثبتت العائد دون تغيير خلال 3 اجتماعات.
وأكد أنه على الرغم من تراجع العائد خلال الأشهر المنقضية بنسبة %4.5 فإن أذون الخزانة لاتزال بها جاذبية أكثر للبنوك والعملاء لأن معدل تراجع فائدتها منخفض مقارنة بتراجع العائد على الإيداع فى البنوك خلال الآونة الأخيرة، فماتزال مرتفعة وأكثر جاذبية لعميل.
وأشار إلى أن عملاء البنوك والمواطنين بشكل عام يسعون إلى حفظ قيمة أموالهم فى استثمارات ذات عائد أكبر، وفى مقدمتها الاستثمار فى أدوات الدين لمواجهة الموجات التضخمية المرتفعة.
وأشار إلى سياسة البنك المركزى التيسيرية ستعمل على تعزيز الاستثمارات خلال السنوات المقبلة.
وتوقع تراجع نسب استحواذ أدوات الدين من التشغيل فى الفترة المقبلة، مدفوعة بتراجع أسعار العائد على الإيداع والإقراض، مؤكدَا أن القطاعين العقارى والصناعى سيشغلان اهتمام كبير من البنوك فى تشغيل ودائعها.
ويرى طارق متولى النائب السابق لرئيس بنك “بلوم” أن حصة السندات وأذون الخزانة تشغل الحصة الكبرى من استثمارات البنوك فى الأوراق المالية.
وأشار إلى أن زيادة حصة الودائع بنسبة كبيرة فى الآونة الأخيرة مدفوعة بارتفاع أسعار الفائدة على الإيداع والأوعية الادخارية المرتفعة العائد بشكل خاص، نتج عنها ارتفاع السيولة لدى البنوك، التى كانت فى عدم امكانها جذب شرائح أكبر لقطاع الائتمان، مع معدلات العائد المرتفع للإقراض.
وقال إن النسبة الحالية التى تحصل عليها الأوراق المالية شاملة أذون وسندات الخزانة من الودائع مرتفعة، موضحًا أنه كلما زادت تلك الحصة ارتفع الدين العام، موصيًا بتراجع تلك المعدلات لصالح قطاع الائتمان، فكلما زادت القروض تبع لها تحسن فى المؤشرات الاقتصادية الأساسية من دفع لعجلة الإنتاج وتحقيق التنمية الاقتصادية التى نأمل بها.
ورغم تراجع أسعار العائد والإقراض خلال 2019 فإن البنوك زادت من تشغيل ودائعها فى الأوراق المالية بنسبة 6.5% خلال الأحد عشر الأولى من العام ذاته، فإن “متولى” يرى أن السبب يرجع إلى ارتفاع تكلفة الإقراض على العميل، فالعائد حتى بعد تراجعه خلال العام الماضى لايزال كبيرا لتوظيف الائتمان بالشكل المرجو.
وأضاف أن البنوك تستثمر السيولة غير المستغلة ائتمانيًا فى قنوات أخرى أكثر أمانًا، فى مقدمتها تشغيل الودائع فى الأذون والسندات، فالعائد عليها مرتفع مقارنة بالإيداع فى البنوك الأخرى، كما أن مخاطرها صفرية.
من جانبه، يرى محمد عبد المنعم الخبير الاقتصادى أن النسب العالمية لتشغيل القروض للودائع تبلغ %70.
وأوضح أن الدول تتجه فى تمويلها إلى الأوراق المالية فى شكل أذون وسندات خزانة بهدف إلى سد عجز الموازنة.
وأشار إلى أن دور البنوك ليس شراء حصص فى الشركات بل كوسيط فى الإيداع والإقراض بالقطاع المصرفى.
وأكد أن حصة الأوراق المالية وأذون الخزانة المرتفعة تعود لانخفاض الاستثمار الأجنبى المباشر والاستثمار الخاص، مدفوعين بصعوبة تأسيس الشركات، إضافة إلى انخفاض المخاطر بها مقارنة بالائتمان.
وأوضح أن مبادرة “المركزى” التى أطلقها فى نهاية العام الماضى ستدفع الائتمان إلى استعادة حصتها مجددًا من الأوراق المالية وأدوات والدين.
وأشار إلى قرار “المركزى” رفع الحد الأقصى لأقساط القروض لأغراض استهلاكية “التجزئة” لتصل إلى 50% مما يسحب البساط بقدر كبير من توظيف الودائع فى أدوات الدين، كما سيدفع البنوك إلى إطلاق برامج تمويلية جديدة.
وكانت «المال» قد انفردت بقرار البنك المركزى المصرى برفع الحد الأقصى لأقساط القروض لأغراض استهلاكية “التجزئة” لتصل إلى %50 من إجمالى دخل العميل بدلا من %35 فى السابق، ليشمل القرار القروض الاستهلاكية بما فيها الشخصية وقروض السيارات لأغراض الاستخدام الشخصى والبطاقات.
وذكرت مصادر- فى تصريحات سابقة لـ «المال» – أن البنك المركزى قرر الإبقاء على الحد الأقصى لقروض الإسكان الشخصى عند %40 من مجموع الدخل الشهرى.
وأكد “عبد المنعم” أن ارتفاع العائد على الأوعية الادخارية خلال السنوات الأربع الأخيرة عزز من ودائع القطاع المصرفى، وخلق للبنوك سيولة كبيرة، غير قادرة على توظيفها ائتمانيًا، مما دفعها لتوجه ناحية الأوراق المالية وسندات وأذون الخزانة.
ومع اتجاه البنك المركزى لتقليل العائد على الإيداع والاقراض وسياسة التيسير النقدى التى يتبناها.. توقع «عبد المنعم» تراجع السيولة فى البنوك تزامنا مع زيادة الطلب على الاقتراض مدفوعًا بتحسن المؤشرات الاقتصادية وتراجع تكلفة التمويل على العميل، ينتج عنها تراجع الحصة الممنوحة من الودائع لأدوات الدين.
ويرى أن النسبة المثلى لتوظيف الودائع بالأوراق المالية وأدوات الدين تتراوح من 10 إلى %20، مشيرًا إلى أن انخفاض تلك النسب يقلل من الدين العام.