تتوقع مؤسسة «إنسايدر إنتيليجينس» الأمريكية لأبحاث الأسواق المالية والاقتصادية انتعاش التسوق التجارى عبر مواقع التواصل الاجتماعى العالمية بقيادة الصين بمبيعات مرتقبة تقترب من 352 مليار دولار هذا العام.
كان وباء كورونا الذى انتشر فى العالم منذ مارس من العام الماضى من أهم العوامل التى ساعدت على انتعاش التجارة الإلكترونية بصفة عام والتسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعى بصفة خاصة كما جاء فى تقرير «إنسايدر إنتيليجينس» الذى يتوقع ارتفاع المبيعات العالمية عبر هذه المواقع إلى أكثر من 604.5 مليار دولار بحلول عام 2027.
ورغم أن الولايات المتحدة كانت أول من ابتكرت مواقع التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك وانستجرام وبينتيريست وتويتر، إلا أنها مازالت بعيدة جدا عن الصين فى مجال التسوق التجارى عبر مواقع التواصل الاجتماعى التى من المتوقع أن تبلغ مبيعاتها الأمريكية حوالى 37 مليار دولار فقط مع نهاية العام الجارى أو ما يعادل 11 % فقط من المبيعات الصينية.
«ويشات» تتصدر المبيعات
جاء فى تقرير انسايدر انتيليجينس الصادر هذا الشهر أن شركة «ويشات» الصينية تسيطر على فضاء التسوق التجارى فى أنحاء الصين صاحبة أكبر عدد من المستهلكين فى العالم لضخامة سكانها وذلك لامتاكها العديد من تطبيقات الدفع من خلال الموبايلات والشراء عبر مواقع التواصل الاجتماعى ومنها «بيندودو».
ويستخدم «ويشات» فى الصين أكثر من 1.2 مليار مستهلك صينى كل شهر ليتصدر صناعة التجارة الإلكترونية فى الصين مع امتلاكه لمواقع إعلانات ديجيتال وبرامج مينى لعرض منتجات المتاجر العالمية وحملات تسويقية أونلاين وأدوات مبتكرة للتأثير على المستخدمين واجتذابهم للتسوق عبر تطبيقاتها على مواقع التواصل الاجتماعى.
دوين الصينى يتفوق على تيك توك الأمريكى
ومن التطبيقات الأخرى التى تملكها الشركات الصينية تطبيق «دوين» الذى يمثل النسخة الصينية لتطبيق تيك توك الأمريكى والذي طورته شركة بايت دانس للتكنولوجيا والذى وجه ضربة في الصميم للتفوق الذي طالما تمتعت به شركات وادي السيليكون الأمريكية لدرجة أن «دوين» بات أحد التطبيقات الأسرع انتشارا في العالم ويستخدمه حاليا أكثر من 690 مليون مستخدم نشط حول العالم كل شهر منهم 100 مليون مستخدم أمريكى و100 مليون آخرين في أوروبا ليبشر بعهد تكنولوجي جديد تستلم فيه آسيا، وليس وادي السيليكون، قيادة صناعة التكنولوجيا في العالم.
وإذا كان وادي السليكون يسيطر منذ أكثر من 30 سنة على حياة سكان العالم سواء في العمل أو عند ممارسة الألعاب الإلكترونية أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى مواقع التسوق عبر الإنترنت والمنصات التي تنشر الفيديوهات إلا أنه من المتوقع أن يتمكن تطبيق تيك توك وغيره من المنتجات الديجيتال الصينية الأخرى، من إعادة تشكيل مستقبل التكنولوجيا في العالم.
الفرق بين التجارة الإلكترونية والتسوق
يرى الباحثون فى موقع إنفلونسير ماركيتينج هاب أن التجارة الأونلاين أو الإلكترونية تحدث على مواقع الويب التى وضعت عليها الشركات أسماء متاجر يمكن الشراء منها، بينما تعتمد التجارة أو التسوق على مواقع التواصل الاجتماعى على تعليقات وتدوينات وفيديوهات المشتركين فى شبكات التواصل الاجتماعى والتى تضع عليها أيضا شركات الإعلانات وشركات المنتجات الاستهلاكية توصيات بالشراء منها.
ورغم هشاشة الفرق بين هذين النوعين من التجارة والتسوق على الإنترنت إلا أن التسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعى ازدادت أهميته فى الولايات المتحدة بعد ظهور وباء كورونا العام الماضى عندما ابتكرت شركة فيسبوك منصة «فيسبوك ستورز» التى ساعدت المشتركين على شبكة فيسبوك على الشراء بدون أن يتركوا أو يخرجوا من حساباتهم الشخصية على عكس التسوق عبر مواقع الويب الذى يتطلب حساب جديد عند الشراء.
ويستفيد أيضا المشتركون فى مواقع التواصل الاجتماعى عند التسوق من المحادثات التى تستخدم تطبيقات الرسائل التى ازدات شعبيتها مؤخرا بين جميع المستخدمين تقريبا ولاسيما الشباب مثل ميسينجر فيسبوك وواتس اب والتى تساعدهم على تحديث اختياراتهم للعلامات التجارية المشهورة وأحدث المنتجات التى تظهر فى الأسواق التى يمكن الاعتماد عليها والثقة فيها.
ومن المتوقع انتعاش التسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعى أكثر وأكثر هذا العام فى الصين وخارجها مع استمرار وباء كورونا الذى فتك حتى الآن بأكثر من 4 ملايين ضحية ولاسيما أن 55 % من المتسوقين للتجارة الأونلاين تحولوا إلى التسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعى التى تساعد الشركات على الانتشار بين قاعدة عريضة من المشتركين وتسمح لها بتحويل المتابعين لهذه المواقع إلى عملاء يدفعون ثمن مشترياتهم بسهولة.
بكين تقلص انتشار شركات التكنولوجيا
ورغم نجاح شركات التكنولوجيا الصينية فى التجارة الأونلاين إلا أن حكومة بكين بقيادة إدارة تنظيم الفضاء الإلكتروني تكافح انتشارها فى الدول الأجنبية بهدف ضمان أمن البيانات الوطنية وحماية المصلحة العامة، حيث أصدرت مؤخرا أمرا بحذف تطبيق شركة «ديدي» التى تتصدر قطاع خدمات سيارات الأجرة من المتاجر الإلكترونية.
وجاء قرار سلطات بكين بعد أيام قليلة من الاكتتاب العام الأولي للشركة في بورصة نيويورك والذى جمعت ديدي فيه حوالى 4.4 مليار دولار فى أكبر اكتتاب عام لشركة صينية في البورصات الأميركية في النصف الأول من هذا العام والثاني تاريخيا بعد الاكتتاب العام الأولي لشركة علي بابا للتجارة الأونلاين.
وتراجعت القيمة السوقية لشركة «ديدي» في تداولات ما قبل السوق بنسبة %30 لتصل إلى 10.90 دولار، مما أدى إلى خسارة بلغت 22 مليار دولار من القيمة السوقية لها وجعل السهم أقل من سعر الاكتتاب العام الأولي البالغ 14 دولاراً.
كانت شركات ديدي وعلي بابا وبايت دانس المالكة لتطبيق «دوين» الشهير من بين 34 شركة تكنولوجيا استدعتها سلطات مكافحة الاحتكار في أبريل الماضى ضمن تدابير تستهدف الحد من المخاطر المتعلقة بالأمن السيبراني فى أنحاء الصين.
4 مليارات نشطاء التواصل الاجتماعى
وظهرت مواقع التواصل الاجتماعى منذ أواخر التسعينات فقط إلا أن عدد المستخدمين النشطين لها ارتفع بسرعة الصاروخ منذ ذلك الحين ليتجاوز 4 مليارات شخص فى العالم حتى الآن مما جعل شركات التسويق والمنتجات الاستهلاكية تتجه إلى هذه القاعدة الديجيتال الضخمة من المستهلكين للاستفادة منهم فى زيادة إيراداتها.
ومع ذلك مازال فيسبوك أكبر موقع تواصل اجتماعى فى العالم غير أن منصات التسوق التجارى الأمريكية عبر كبرى هذه المواقع متواضعة حيث أن الأعداد المتوقعة من المستهلكين الأمريكيين على فيسبوك لا تتجاوز 56.1 مليون مشترى وبعدها انستجرام بأكثر من 32.4 مليون مستهلك ثم بينتيريست بما يزيد عن 13.9 مليون شخص فقط وأعداد أقل من ذلك على سنابشات ويوتيوب ولينكيدإن وغيرها.
فيسبوك من أولى منصات التجارة والتسوق
كانت شركة فيسبوك من أولى المنصات التى أطلقت منذ عام 2007 خدمات التجارة والتسوق المرتبطة بنشاط التواصل الاجتماعى ولكنها لم تحقق الانتعاش المطلوب إلا فى عام الوباء عندما اضطر المستهلكون للبقاء فى بيوتهم والشراء عبر مواقع الإنترنت لدرجة أن 89 % من المستهلكين أكدوا أنهم يشترون منتجات علامة تجارية مشهورة إذا كانت لها عدد كبير من المعجبين على مواقع التواصل الاجتماعى ولاسيما فيسبوك وتيكتوك وانستجرام ويوتيوب وبينتيريست.
وأطلقت شركة فيسبوك منصة متاجر انستجرام التى تستهدف مباشرة شركة أمازون الأمريكية عملاق التجارة الإلكترونية والاندماج مع خدماتها التسويقية لتعزيز الإعلانات والمبيعات على أكبر منصتين فى العالم والتى من المتوقع أن ترتفع إيراداتهما مع نهاية عذا العام بعد أن تعود المستهلكون على قيود كورونا التى مازالت سارية حتى الآن فى العديد من الدول.
ارتفاع التسوق بمواقع التواصل الاجتماعى37 % فى أمريكا
ومازال التسوق التجارى عبر مواقع التواصل الاجتماعى فى مهده فى الولايات المتحدة برغم الارتفاع المتوقع فى إيراداته هذا العام بحوالى 37 % مقارنة بعام الوباء الذى بلغت فيه إيراداته 27 مليار دولار بزيادة 25 % عن عام 2019 مع بقاء الأمريكيين فى بيوتهم لعدة شهور لمنع انتشار العدوى بسبب قيود فيروس كورونا.
وتحاول شركات التسوق الأمريكية التى تملك أقوى العلامات التجارية فى العالم تقليد الصين وإتخاذها نموذج لاستغلال مواقع التواصل الاجتماعى فى استراتيجيات التسوق التى تنفذها من خلال المبتكرات والمؤثرات التى تعزز جاذبية المنتجات والسلع لتحفيز ملايين المستخدمين لهذه المواقع على الشراء.
وأدت الأزمة الصحية التى تسبب فيها مرض كوفيد 19 الذى أصاب ما يقرب من 190 مليون شخصا على مستوى العالم إلى تضخم التجارة عبر الإنترنت حيث تتجه الشركات العالمية إلى بيع منتجاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن أدركت أهمية المنصات الاجتماعية التى يستخدمها معظم المستهلكين منذ فترة طويلة ولاسيما الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 عاما وخصوصا منذ بداية العام الماضى عندما ظهر وباء كورونا.
التسوق على مواقع التواصل الاجتماعى يجذب 72 % من الشباب
وساعدت القيود التى فرضتها الحكومات على الشركات والأفراد لمنع انتشار العدوى إلى تزايد فرص استخدام مواقع التواصل الاجتماعى لدرجة أن 72 % من الشباب يفضلون حاليا التفاعلات الديجييتال سواء فى المحادثات أو فى التسوق وشراء احتياجاتهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعى التى اتجهت أيضا إلى تحسين أدواتها المختلفة من إعلانات الفيديو لعرض جميع المنتجات الاستهلاكية إلى العروض الترفيهية.
وارتفع عدد المتسوقين الأمريكيين الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعى لشراء منتجات من متاجر معينة أو بعلامات تجارية مشهورة إلى 62 % هذا العام من خلال المحاثات مع أفراد من العائلة أو من الأصدقاء أو حتى من خلال التعليقات والتدوينات التى يقرأونها أو الفيديوهات التى يشاهدونها على هذه المواقع.
وأكد 17 % من إجمالى مستخدمى الإنترنت فى الولايات المتحدة أنهم اشتروا بعض المنتجات خلال شهر يونيو الماضى بسبب تأثرهم بما يقرأونه أو يشاهدونه على مواقع التواصل الاجتماعى كما أشار 52 % منهم أنهم اشتروا بعض احتياجاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى بينما قال 98 % من المستهلكين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و49 سنة و100 % من الشباب من أعمار 18 إلى 29 سنة إنهم اشتروا بعض المنتجات بعد التحدث مع ممثلين من الشركات العالمية عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
التركز على معلومات يهتم بها المتسوقون
تركز مواقع التواصل الاجتماعى على وضع المعلومات التى يهتم بها المتسوقون بعد أن نشرت بعض مراكز الأبحاث الأمريكية مثل إينمار انتيليجينس أن 84 % من المستهلكين يبحثون عن المنتجات فى هذه المواقع قبل اتخاذ قرار الشراء وأن 30 % من المتسوقين عبر التجارة الأونلاين أكدوا أنهم اشتروا الشهر الماضى منتجا واحدا على الأقل عبر مواقع التواصل الاجتماعى وأن 18 % من هذه النسبة كانت من فيسبوك و60 % من انستجرام.
وازدادت جاذبية مواقع التواصل الاجتماعى منذ طهور كوفيد 19 لدرجة أن 42 % من الشركات العالمية تعتزم بيع منتجاتها مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعى هذا العام ارتفاعا من 30 % فى عام الوباء كما أن حوالى 92 % من شركات التسويق التى يعمل فيها أكثر من 100 موظف ستستخدم خلال العام الجارى هذه المواقع لتعزيز الدعاية والترويج لمنتجاتها.
ومع تطور التكنولوجيا وتزايد استخدام الموبايلات الذكية ومواقع التواصل الاجتماعى تغيرت أنماط التسوق الأونلاين وباتت تعتمد أكثر على هذه المواقع لدرجة أن 74 % من المستهلكين يعتمدون حاليا على شبكات التواصل الاجتماعى للاسترشاد بالمعلومات المتاحة عليها فى إتخاذ قراراتهم بخصوص شراء المنتجات والسلع والخدمات المختلفة واختيار الشركات التى تجذب أكبر عدد من المستخدمين.
وباء كورونا أظهر أهمية المنصات
وظهرت أهمية فى زيادة التسوق الإلكترونى عبر منصات الإنترنت عندما انتشر وباء كورونا فى أنحاء العالم ومنع الناس من الخروج من بيوتهم حتى لشراء مستلزماتهم الشخصية مما أدى إلى اتجاه الشركات العالمية لدمج وتطوير التجارة الأونلاين مع التسوق من خلال مواقع التواصل الاجتماعى التى ازداد تركيز المستهلكين على استخدامها بسبب قيود التنقل والحركة التى فرضها كوفيد 19 لمنع تفشى العدوى.
وارتفع عددالمستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعى فى التسوق وشراء المنتجات على مستوى العالم باستثناء الصين من 45.8 مليون شخص فى عام 2017 إلى 63.9 مليون شخص فى عام 2019 ولكنه قفز بنسبة تتجاوز 25 % فى عام الوباء ليصل إلى أكثر من 80 مليون شخص ومن المتوقع أن يزيد هذا العام إلى مايزيد عن 90.4 مليون شخص بنسبة ارتفاع 12.9 % وإلى حوالى 96.1 و101.1 مليون شخص بنسبة زيادة 6.3 % و5.2 % فقط على التوالى خلال العامين القادمين.