فى الأسبوع الثانى من شهر سبتمبر 2012، قال وزير المالية الأسبق ممتاز السعيد فى بيان صحفى إن الواجب والأمانة والحرص على الإفصاح تحتم عليه الكشف عن حقيقة الموازنة العامة للدولة، وكشف عن أن الحساب الختامى لموازنة السنة المالية 2011-2012 التى انتهت 30 يونيو من العام الماضى، يشير إلى أن عجز الموازنة الكلى بلغ نحو 170 مليار جنيه تمثل حوإلى 11% من الناتج المحلى الإجمإلى، فيما كان من المخطط ألا يتجاوز العجز 135 مليار جنيه.
غير أن السعيد أرجع ارتفاع العجز المحقق بالموازنة التى نفذتها حكومة «الجنزورى» إلى زيادة بقيمة 12 مليار جنيه عما كان مخططاً لها لتصل إلى 122 مليارا، فضلا عن تراجع الحصيلة الضريبية بواقع 25 مليار جنيه عن المستهدف بجانب 5 مليارات دولار صرفتها الخزانة العامة للدولة لشراء واردات الطاقة، وكشف السعيد فى ذلك الحين عن أن نحو 26% بواقع 135 مليار جنيه من المصروفات العامة لموازنة الدولة فى السنة المالية الحالية 2012-2013 لا توجد لها موارد، بينما التمويل المصرفى المتاح من البنوك للموازنة عبر آلية الأذون وسندات الخزانة لا يتجاوز 75 مليار جنيه.
وفى أكتوبر الماضى أعلن السعيد أن عجز الموازنة فى الشهور الثلاثة الأولى من العام المإلى الحإلى «يوليو حتى نهاية أغسطس» بلغ 50 مليار جنيه، وقالت «المالية» فى فبراير الماضى إن العجز فى أول 7 شهور من العام المإلى تجاوز 119 مليار جنيه، وتخطى العجز 175 مليار جنيه بنهاية مارس.
الحكومة تتوقع فى مشروع الموازنة عن العام المالى المقبل أن يصل إجمإلى الدين العام إلى 1553 مليار جنيه
ورغم استهداف موازنة العام المإلى الحإلى عجزا ماليا فى حدود 135 مليار جنيه يمثل نحو 7.6% من الناتج المحلى الإجمإلى، فشلت حكومة قنديل فى تحقيق هذا المستهدف، وقال وزراء فى الحكومة خلال يونيو الحإلى إن العجز بالموازنة تخطى 200 مليار جنيه بما يمثل نحو 12% من الناتج المحلى الإجمإلى بنهاية السنة المالية، وهى أكبر قيمة للعجز المحقق منذ عقود، فيما توقعت الحكومة رسميا فى مشروع الموازنة الذى قدمته مؤخرا لمجلس الشورى عن العام المالى المقبل 2013-2014، أن يصل إجمإلى الدين العام لأجهزة الدولة إلى 1553 مليار جنيه بما يمثل 89% من الناتج فى مقابل 1310 مليارات مثلت 85% فى السنة المالية 2011-2012.
يقول محمود الشاذلى، الرئيس الأسبق لقطاع الموازنة بوزارة المالية، إن عجز الموازنة العامة للدولة للسنة المالية الحالية سيجبر الحكومة على أخذ قرارات تزيد من حالة الفقر والأعباء على المواطنين مع بداية السنة المالية الجديدة مثل زيادة الضرائب وتخفيض الدعم على الطاقة وعدم الانفاق على الخدمات الأساسية للمجتمع مثل المرافق والطرق ومحطات المياه والصرف الصحى.
وتوقع الشاذلى أن تصل خدمة الدين الخارجى والداخلى إلى 250 مليار جنيه بنهاية السنة المالية المقبلة، حيث يرى الشاذلى أن الموازنة التى أعدتها وزارة المالية لا تكفى سوى خدمة دين وسد عجز إلى جانب الوفاء ببند الأجور ما يعنى أن الموازنة المقبلة ستخلو من ضخ استثمارات جديدة تساهم فى خفض نسبة البطالة التى وصلت إلى 13% حاليا.
وأوضح أن ما يخشاه هو لجوء الحكومة إلى طبع البنكنوت، مؤكدا أن مصر اذا وصلت إلى هذه المرحلة يطلق عليها مرحلة إفلاس وعدم قدرتها على سداد ديونها سواء الداخلية أو الخارجية ما ينتج عنه انفلات أسعار السلع والخدمات، لافتا إلى أن طبع أوراق البنكنوت له قواعد حيث يشترط أن يكون لها غطاء مإلى فى شكل ذهب أو عملات أجنبية، ويستكمل الغطاء بسندات وأذونات حكومية وصكوك غير حكومية مضمونة، ويتم ذلك من خلال البنك المركزى المصرى.
الشاذلى: «طبع البنكنوت» فى مصر سوف يؤدى إلى زيادة التضخم بمعدلات كبيرة
وأكد أن الوصول إلى هذه المرحلة «طبع البنكنوت» فى مصر سوف يؤدى إلى زيادة التضخم بمعدلات كبيرة وانهيار العملة المصرية لفقدانها الغطاء المإلى، متوقعا أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات.
وطالب بإجراءات حازمة وسريعة من جانب الحكومة حتى ينهض الاقتصاد، فى مقدمتها الأمن والقوانين، لافتا إلى أن هناك 5 مليارات استثمارات أجنبية هربت السنة الماضية و3 مليارات العام الحإلى بسبب الانفلات الأمنى.
وأدى توسع حكومة «قنديل» فى الاستدانة من الداخل والخارج إلى تضخم غير مسبوق فى فوائد الديون لتصل إلى حوإلى 147 مليار جنيه تبتلع أكثر من ربع المصروفات، وذكر مشروع الموازنة الجديدة الذى أعدته تلك الحكومة أكثر من رقم متوقع للعجز بنهاية السنة المالية الحالية، فبينما تصدر البيان المإلى عن مشروع الموازنة فى 2013-2014 تقديرات بتحقيق عجز يتراوح بين 200 و205 مليارات جنيه، ذكرت الحكومة فى البيان نفسه أن عدم تطبيق الإجراءات الإصلاحية التى كانت مستهدفة فى السنة المالية الحالية قد يصل بالعجز فى نهاية يونيو الحإلى، إلى ما يتراوح بين 220 و223 مليار جنيه.
وقال أشرف العربى، رئيس مصلحة الضرائب السابق، إن كل تقديرات الحكومة الحالية بشأن عجز الموازنة فى العامين الماليين الحإلى والمقبل خاطئة، متوقعا ان يصل حجم العجز بنهاية السنة المالية الحالية إلى ما يتراوح بين 220 و225 مليار جنيه.
العربى: الإصلاح الحقيقى ليس بفرض المزيد من الضرائب
ويرى العربى أن الإصلاح الحقيقى سيكون بتهيئة المناخ الاستثمارى بمزيد من الاستقرار السياسى والأمنى واسناد الأمر إلى القادرين على إدارته والأكثر خبرة، وليس بفرض المزيد من الضرائب.
ورغم أن الحكومة الحالية لم تحقق أى نجاح على مستوى خفض النفقات وتقليص حجم العجز، وقالت الحكومة إن العجز بالموازنة للعام المإلى الجديد فى صورتها الأولية سيصل إلى حوإلى 312.4 مليار جنيه بنسبة 15.2% إذا لم تنفذ الحكومة إجراءات لزيادة الايرادات وخفض الانفاق، وافترض مشروع الموازنة الجديدة تطبيق مجموعة من الاجراءات الهيكلية تزيد من الايرادات العامة بنحو 56.4 مليار جنيه وتخفض النفقات بواقع 60.4 مليار جنيه بما يهبط بنسبة العجز إلى الناتج لحدود 9.6% بواقع 197 مليار جنيه لتقترض تحقيق ما فشلت فيه عند الاشراف على تنفيذ موازنة العام المإلى الحإلى التى استهدفت خفض نسبة العجز بواقع 2%.
جدير بالذكر أن حكومة قنديل قدرت توقعاتها بشأن عجز الموازنة فى السنة المالية الجديدة بناء على افتراض عدم تعيين مزيد من العمالة بالقطاع الحكومى أو تثبيت العمالة المؤقتة، وكذلك عدم تطبيق التأمين الصحى الشامل، وذكر البيان المإلى لمشروع الموازنة الجديدة أن أى إجراء فى هذا الشأن يتطلب تدبير تمويل اضافى وتعديل تقديرات العجز.
إلا أن اخطر ما ذكرته الحكومة الحالية هو عدم وجود أى موارد مالية متاحة لتمويل العجز المتوقع (بعد تنفيذ برنامج إصلاح) فى السنة المالية الجديدة، وقدرت الحكومة التمويل المصرفى المتاح لشراء الأذون والسندات فى تلك السنة بنحو 100 مليار جنيه فقط، وعدم وجود مصادر تمويل مضمونة لـ97 مليار جنيه تمثل المتبقى من العجز المإلى المتوقع بنهاية العام المإلى الجديد 2013-2014.