أدت عودة الحياة الطبيعية للشهر الثاني إلى إنعاش اقتصاد الصين في يناير مع إلغاء القيود التي كانت مفروضة بموجب سياسة “صفر كوفيد”، وذلك على الرغم من تباطؤ بعض الأنشطة بسبب موسم العطلات.
أظهر مؤشر “بلومبرج” الكلي المكوّن من ثمانية مؤشرات أولية، نمواً طفيفاً في النشاط الاقتصادي في الصين في يناير، مقارنة بانكماش سُجل في ديسمبر، بعدما تباطأ الاقتصاد متأثراً بالإغلاقات الواسعة التي رافقت تفشي “كوفيد-19”.
تمكّن الصينيون في يناير الجاري، من السفر خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، من دون وجود قيود كبيرة، وذلك للمرة الأولى منذ تفشي الجائحة.
أظهرت المؤشرات الأولية ارتفاعاً في النشاط بعد تسيير أكثر من 300 مليون رحلة خلال فترة العطلة، أي نحو 90% من مستويات ما قبل الجائحة، طبقاً لوزارة الثقافة والسياحة الصينية. وارتفعت إيرادات التذاكر أيضاً، متجاوزة ما سجّلته خلال عطلة العام الماضي.
الاستهلاك.. القوة الدافعة الأكثر أهمية في الصين
قفزت عائدات المطاعم بنسبة 25% تقريباً خلال فترة الاحتفالات الصينية مقارنة بالعام الماضي، طبقاً لمسح أجرته الجمعية الصينية للطهي (China Cuisine Association). وفي الوقت ذاته، ارتفعت مبيعات شركات التجزئة والمطاعم الكبرى بنحو 7% على أساس سنوي، بحسب ما نقله التلفزيون الرسمي (CCTV) عن بيانات وزارة التجارة.
يُنظر إلى الاستهلاك على أنه القوة الدافعة التي يحتاج إليها بشدة ثاني أكبر اقتصاد في العالم خلال العام الجاري، خصوصاً في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي. نقل التلفزيون الرسمي أثناء عطلة نهاية الأسبوع عن مجلس الدولة الصيني قوله، إن البلاد بحاجة إلى تسريع انتعاش الاستهلاك المحلي.
سادت أجواء التفاؤل تجاه الأسهم الرئيسية المتداولة في السوق المحلية في الصين، حتى قبل بدء موسم العطلة، إذ شعر المستثمرون بأجواء الابتهاج بفضل إعادة فتح البلاد وتراجع معدلات تفشي الوباء. بعد فقدان الزخم في ديسمبر، استأنف مؤشر “سي إس آي 300” صعوده في يناير الجاري، مسجّلاً ارتفاعاً بنحو 8% قبل أسبوع العطلة مقارنة بنهاية ديسمبر. ومع استئناف التداول يوم الإثنين، من المرجح أن يدخل المؤشر في سوق صاعدة.
تراجع نشاط التصنيع
المؤشرات الأخرى لم تحمل القدر ذاته من الإيجابية، سواء بسبب تباطؤ النشاط التجاري خلال موسم عطلة السنة القمرية الجديدة، أو على خلفية استمرار معاناة الاقتصاد العالمي.
وفقاً لـ”ستاندرد تشارترد” (.Standard Chartered Plc)، تحسّنت الثقة بين الشركات الصغيرة في يناير عما كانت عليه في ديسمبر الماضي، حيث انتعشت قطاعات العقارات والنقل والإقامة والمطاعم بشكل قوي.
مع ذلك، فإن المؤشر المخصص لقياس الثقة لم يكن على قدم المساواة مع النمو، بحسب ما كتبه الاقتصاديان في “ستاندرد تشارترد”، هانتر تشان ودينغ شوانغ، في مذكرة صدرت في يناير الجاري. قالا إن المؤشر الفرعي الذي يقيس نشاط التصنيع قد تراجع “جزئياً بسبب تأثير العطلة”.
قلق في سوق العقارات
تراجعت مبيعات السيارات والمنازل خلال الأسابيع الأولى من الشهر. أظهرت بيانات إضافية من شركة “تشاينا ريال ستيت إنفورميشن” (China Real Estate Information)، التي تتبع 40 مدينة كبرى، أن مبيعات العقارات حسب المنطقة انخفضت بنسبة 14% عن العام الماضي خلال أسبوع العطلة، مشيرة إلى أن القطاع لا يزال يشكل قلقاً.
في الوقت ذاته، لا تزال أسعار منتجات المصانع عبر منافذها في حالة انكماش، وإن لم يكن بنفس سوء ما حدث في نوفمبر وديسمبر.
أظهرت بيانات التجارة الأولية من كوريا الجنوبية، أن الاقتصاد العالمي لم يتعافَ بعد، وسط انخفاض الصادرات بنسبة 2.7% في الـ20 يوماً الأولى من الشهر الجاري. كانت هناك بعض الجوانب المقلقة، بالرغم من تحسن الرقم الرئيسي عن التراجع بـ8.8% المسجل في ديسمبر الماضي.
انخفضت الشحنات إلى الصين بنسبة 24.4% في هذه الفترة، ما يؤكد المدة التي يستغرقها ثاني أكبر اقتصاد في العالم لأن يتعافى، حتى بعد إلغاء قيود “كوفيد”.
على الرغم من أن خبراء الاقتصاد رفعوا توقعاتهم للناتج المحلي الإجمالي لعام 2023، إلا أنهم حذروا أيضاً من أن احتمال تأثير الاضطرابات وعطلة رأس السنة القمرية الجديدة على نتائج الربع الأول، قبل ترسيخ الانتعاش.