زاد إقبال المستثمرين والبنوك والمؤسسات المالية المختلفة على شراء أدوات الدين الحكومية المحلية الأسبوع الماضى، مع قرب اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى لبحث أسعار الفائدة على الجنيه يوم الخميس المقبل، وسط توقعات بخفضها بين 50 إلى 100 نقطة أساس.
ارتفاع معدل التغطية إلى 4.3 مرة على السندات.. و2.5 على الأذون
وارتفعت معدلات التغطية لأذون الخزانة قصيرة الأجل إلى 2.57 مرة فى المتوسط، من 1.97 مرة فى السابق، كما قفزت على السندات إلى 4.315 مرة للطرح أجل 5 سنوات، من 1.3 مرة فقط الأسبوع قبل الماضى، وسجلت نحو 3 مرات على سندات 10 سنوات، من 0.7 مرة فى السابق.
قال رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال لدى أحد البنوك المحلية، إن الإقبال على الاكتتاب فى أدوات الدين المصرية يأتى لعدة أسباب يتصدرها الانخفاض المتوقع لأسعار الفائدة على الجنيه خلال 2020 بنسبة تتراوح بين 3 إلى %4، مما يجعل الاستثمار فى الوقت الحالى أفضل، كما أن الخفض الذى أجرته مجموعة من الأسواق الناشئة من بينها تركيا وأوكرانيا، عزز جاذبية أدوات تمويل الموازنة المصرية.
مدير خزانة: خفض الفائدة فى الأسواق الناشئة يعزز إقبال الآجانب على السوق المحلية
وأدى الإقبال على أذون وسندات الخزانة المحلية( أدوات الدين الحكومية ) إلى ارتفاع الفائدة عليها بمعدل بين 0.05 و0.13 نقطة مئوية فى تعاملات الأسبوع الماضى.
وشجع خفض العائد وزارة المالية على زيادة اقتراضها من السندات بنسبة %21 تقريبا، لتحصل على 4.56 مليار جنيه، من 3.75 مليار كانت قد أعلنت عنها.
ودأبت الوزارة منذ بداية العام الجارى على مضاعفة اقتراضها فى الأجل الطويل خلال الفترة الماضية، ضمن إستراتيجية تستهدف زيادة أجل الدين العام مع خفض نسبته إلى %80 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2022.
وقال الدكتور محمد معيط وزير المالية، فى مقابلة مع بلومبرج مؤخراً، إن حصة السندات فى الديون المحلية لمصر زادت بالفعل، ووصلت إلى %30 فى السنة المالية الماضية من %5 العام قبل الماضى.
يذكر أن الطلب على السندات حقق تزايدا مستمرا منذ الربع الأخير من عام 2018، ما أعتبره البنك المركزى المصرى فى تقريره الأخير عن تطورات السياسة النقدية تأكيداً على التحول الإيجابى فى نظرة المستثمرين بشأن آداء الإقتصاد الكلى فى مصر.
وقال تقرير السياسة النقدية الأخير الصادر عن البنك المركزى المصرى، إن العوائد على الأوراق المالية الحكومية بالعملة المحلية ظلت مستقرة نسبيا منذ ابريل 2019، لتسجل سعر عائد مرجح بعد خصم الضرائب بلغ %13.9 خلال الربع الثانى من 2019، مقارنة مع %15.8 فى المتوسط خلال الربع الرابع من 2018، وهو ما عكس انخفاضاً أقوى فى أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزى بنحو 100 نقطة أساس خلال الربع الأول.
وحققت الفائدة على سندات الخزانة تراجعا طفيفا فى تعاملات الأسبوع الماضى لتصل إلى %13.818 على الطرح لأجل 5 سنوات، مقارنة مع %13.935 الأسبوع قبل الماضى بفارق 0.12 نقطة مئوية، كما بلغت %13.813 لأجل 10 سنوات، بتراجع 13.5 نقطة.
ويتوقع عدد من المحللين أن تتراجع الفائدة بنحو 100 نقطة أساس خلال الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية فى 26 ديسمبر الجارى، فى ضوء تسجيل معدلات التضخم أقل مستوى منذ 15 عاماً، وتراجع مخاطر التجارة العالمية.
العائد يتراجع بين 0.05 إلى 0.135 نقطة.. و«المالية» ترفع وتيرة الاقتراض
وكشفت بيانات البنك المركزى المصرى، تراجع معدل التضخم الأساسى فى مصر إلى %2.1 على أساس سنوى فى نوفمبر الماضى، من %2.7 نهاية أكتوبر، مشيرة إلى أن التضخم الأساسى سجل معدلاً شهرياً سالبا بلغ %0.135 خلال نوفمبر، مقابل %1.103 فى أكتوبر، ويستبعد التضخم الأساسى سلعا شديدة التقلب مثل الغذاء.
وقال الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن تضخم أسعار المستهلكين فى المدن المصرية ارتفع إلى %3.6 فى نوفمبر على أساس سنوى، من %3.1 فى أكتوبر.
كما رفعت وزارة المالية وتيرة الاقتراض من أدوات الدين قصيرة الأجل بنحو %26 لتحصل على 47.7 مليار جنيه، بزيادة تتجاوز 10 مليارات جنيه عن القيمة التى أعلنتها.
وتراجع مؤشر جريدة المال لقياس متوسط العائد على الأذون بشكل طفيف بلغ 0.08 نقطة مئوية، ليصل إلى %15.25 فى تعاملات الأسبوع الماضى، مقابل %15.34 الأسبوع قبل الماضى.
وحققت الفائدة على أذون الخزانة المحلية خسائر تجاوزت 250 نقطة أساس (كل 100 نقطة تعادل %1) منذ استئناف التيسير النقدى من جانب البنك المركزى مطلع أغسطس الماضى.
وقلص البنك المركزى المصرى معدلات الفائدة الأساسية على الجنيه بنحو 450 نقطة خلال العام الجارى، من بينها 350 نقطة منذ أغسطس الماضى.
يذكر أن وكالة بلومبرج قالت فى تقرير لها مؤخراً، أن ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية فى مصر مقارنة بالاقتصادات الصاعدة الأخرى، مثل التركية والأوكرانية بعد التراجع الكبير فى معدل التضخم، يمثل حافزاً إضافياً للاستثمار فى أدوات الدين المحلية المصرية.
ويسجل سعر الفائدة الحقيقى فى مصر حالياً ما يزيد عن %9، بعد وضع معدل التضخم فى الحساب، وهو ما يزيد على الفائدة الحقيقية فى تركيا وأوكرانيا، لتصبح أعلى فائدة حقيقية فى العالم.
وأكدت شركة الأبحاث الدولية «فيتش سوليوشنز»، أن المستثمرين لا يزالون ينظرون إلى أدوات الدين المحلية على أنها جذابة – عند الأخذ فى الاعتبار قراءات التضخم المنخفضة فى الآونة الأخيرة – رغم قيام «المركزى» بخفض سعر الفائدة الرئيسى بمقدار 450 نقطة أساس فى عام 2019.
وأكد البنك المركزى المصرى، أن معدلات التضخم المستهدفة لا تزال العامل الأول والأخير فى تحديد أسعار الفائدة المستقبلية، موضحاً فى بيان لجنة السياسة النقدية أن «اتخاذ قراراتها بناء على معدلات التضخم المتوقعة مستقبلا، وليس معدلات التضخم السائدة، وبالتالى ستستمر وتيرة وحجم التعديلات المستقبلية فى أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزى فى الاعتماد على مدى اتساق توقعات التضخم مع المعدلات المستهدفة، لضمان الاستمرار فى تحقيق المسار النزولى المستهدف لاستقرار الأسعار على المدى المتوسط».
وأشارت اللجنة إلى مواصلتها متابعة كافة التطورات الاقتصادية وعدم التردد فى تعديل سياستها للحفاظ على الاستقرار النقدى.
وقالت صحيفة فايننشال تايمز، فى تقرير لها حول مدى جاذبية أوراق الدين المحلية لاسيما الاستثمارات قصيرة المدى للأجانب الذين يطمحون إلى تحقيق مكاسب سريعة، إن هؤلاء المستثمرين فى أدوات الدين قصيرة الأجل لا يهتمون كثيرا ببعض المؤشرات التى تعنى المستثمرين الآخرين، ومن بينها ارتفاع مستوى الديون، أو تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر، أو زيادة عجز الموازنة.
وقال كبير الاقتصاديين لدى جولدمان ساكس، فاروق سوسة، إن مصر لا تزال وجهة مفضلة للمستثمرين بفضل ارتفاع العوائد، والتى تتسم بالاستقرار النسبى والجاذبية، خاصة إذا ما قورنت بالأسواق الناشئة الأخرى بسبب استقرار اقتصادها الكلى، واستبعد سوسة حدوث «تقلب كبير» فى سعر الصرف فى ضوء ارتفاع الاحتياطات الأجنبية.
وشهدت تعاملات سوق الدين، الأسبوع الماضى، تراجع متوسط الفائدة على أذون 357 يوما بمعدل 0.66 نقطة مئوية، مسجلاً %14.863 الأسبوع الماضى مقابل %14.929 فى آخر طرح، تزامن ذلك مع تحسن معدل تغطية الطرح إلى مستوى 2.54 مرة فى المتوسط، من 2.12 مرة فى السابق، وطلبت المؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 24.124 مليار جنيه تقريباً، ووافقت وزارة المالية على طلبات بقيمة 13.83 مليار جنيه، بزيادة 4.3 مليار عن القيمة المستهدفة.
بينما تقلص متوسط الفائدة على أذون 266 يوماً بنحو 0.13 نقطة ليصل إلى مستوى %15.191، مقابل %15.321 فى آخر طرح، وتحسن معدل تغطية العطاء إلى 3.88 مرة الأسبوع الماضى، مقابل 2.74 مرة للعطاء السابق، وعرضت البنوك والمؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 37.86 مليار جنيه تقريباً، قبلت منها وزارة المالية نحو 15.45 مليار جنيه تقريبا، بزيادة بنحو 5.7 مليار عن القيمة المستهدفة من الطرح.
وتراجع متوسط عائد أذون أجل 182 يومًا بنحو 0.083 نقطة مئوية ليصل إلى %15.495 فى تعاملات الأسبوع الماضى، من %15.578 متوسط الفائدة على عطاء الأسبوع قبل الماضى، وارتفع معدل تغطية البنوك والمؤسسات المختلفة للطرح لمستوى 2.47 مرة، من 1.97 مرة فى السابق، وبلغت عروض البنوك والمؤسسات المختلفة للاكتتاب 22.8 مليار جنيه، ووافقت وزارة المالية على 9.25 مليار، نفس القيمة المستهدفة.
وهبط متوسط العائد على أذون 91 يوماً بشكل طفيف بلغ 0.051 نقطة ليصل إلى %15.489 الأسبوع الماضى، مقابل %15.54 الأسبوع قبل الماضى، وارتفع معدل تغطية الطرح ليسجل 1.39 مرة فى المتوسط من 1.08 مرة الأسبوع قبل الماضى، وأعلنت وزارة المالية عن الطرح بقيمة 9.25 مليار جنيه، وقدم المستثمرون عروضا بقيمة 12.9مليار، وافقت الوزارة على 9.22 مليار.
على جانب آخر، واصلت الفائدة تراجعها على سندات الخزانة المحلية أجل 5 و10 سنوات، وذلك عقب ارتفاع استمر أسبوعين متتاليين.
يذكر أن متوسط العائد على السندات كان قد حقق خسائر بنحو 200 نقطة منذ بدء دورة التيسير النقدى الحالية، نهاية الشهر الماضى، بينما بلغت الخسائر ما يتجاوز 500 نقطة أساس «كل 100 نقطة تعادل %1» منذ بداية العام الجارى.
ورفعت وزارة المالية قيمة اقتراضها من الطرحين بنحو %21.5 لتحصل على 4.556 مليار جنيه، من 3.75 مليار كانت قد أعلنت عنها عبر الطروحات.
بلغت قيمة الطرح لأجل 5 سنوات 2.25 مليار جنيه، وتقدم المستثمرون بنحو 125 عرضا للشراء بقيمة بلغت 9.708 مليار جنيه، وبلغت أعلى فائدة مطلوبة %14.12، وأقل %13.77، والمتوسط %13.918، بينما وافقت وزارة المالية على 9 عروض فقط بقيمة 2.44 مليار جنيه، بفائدة تراوحت بين %13.77 و%13.85 ومتوسط %13.818.
وطرحت الوزارة سندات 10 أعوام بقيمة 1.5 مليار جنيه، تقدم لها 83 عرضا بقيمة 4.42 مليارات تقريبا بفائدة بين %13.75 و%14.17 ومتوسط %13.923، فيما وافقت الوزارة على 29 عرضا بقيمة 2.1 مليار جنيه، بمتوسط فائدة %13.831.
وقال مدير أدوات الدخل الثابت بإحدى الشركات، إن العائد على السندات المحلية تراجع بشكل كبير خلال الفترة الماضية، عاكساً توقعات خفض الفائدة التى تحققت فى الاجتماعات الثلاثة الماضية للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى، لافتا إلى أن العائد الحالى البالغ أقل من %10 بعد خصم الضرائب غير مناسب للمستثمرين المحليين، مثل البنوك، وصناديق الدخل الثابت، وشركات التأمين، وغيرها، عند المقارنة بأدوات التوظيف الأخرى مثل سندات توريق الشركات التى تمنح عائد %13 معفى من الضريبة، وقروض التجزئة المصرفية، والائتمان للشركات.
رح أذون وسندات بقيمة 41.75 مليار جنيه الأسبوع الجار
فى ذات السياق، رفعت وزارة المالية قيمة أدوات الدين المقرر طرحها خلال الأسبوع الحالى إلى مستوى 41.75 مليار جنيه، منها 37.75 مليار من الأذون والباقى سندات.
المركزى يربط ودائع من البنوك بقيمة تتجاوز 121 مليار جنيه
على صعيد إدارة السيولة، رفع البنك المركزى وتيرة سحب السيولة من البنوك عبر آليتى الودائع ثابتة ومتغيرة العائد ليحصل على 121.3 مليار جنيه، من 89 ملياراً الأسبوع قبل الماضى.
وفى مزاد الودائع الثابتة، طرح البنك المركزى مزاداً بقيمة 50 مليار جنيه لأجل 7 أيام بفائدة %12.75، وعرضت البنوك الاكتتاب بقيمة 189.8 مليار، وافق المركزى على قبول 50 مليارا بنسبة تخصيص %26.34 لكل بنك.
كما طرح البنك المركزى المصرى ودائع مرتبطة بالكوريدور بقيمة 70 ملياراً لأجل 56 يوماً، وعرضت البنوك إيداع نحو 71.3 مليار جنيه من خلال 20 عرضا بفائدة تراوحت بين %12.74 و%12.76، ومتوسط بنحو %12.753، ووافق المركزى عليها كافة.
ويستخدم البنك المركزى أدوات السوق المفتوحة للتحكم فى السيولة بالأسواق، ضمن أدواته للسيطرة على التضخم من ناحية، وتوظيف فائض السيولة لدى البنوك فى ظلِّ انخفاض معدلات الائتمان.
وقام «المركزى» بتعديل آلية عمل الودائع متغيرة العائد، لتصبح مرتبطة بسعر فائدة الكوريدور، بحيث تتقاضى البنوك نسبة Spread (هامش فائدة ثابت) فوق سعر الإيداع بالبنك المركزى البالغ %17.75، وبالتالى فإن عائد ودائع السوق المفتوحة سيكون مرشحًا للصعود أو الهبوط، حسب تطور معدل الإيداع لدى المركزى.
تستهدف آلية الودائع المربوطة لدى البنك تخفيض حجم المعروض النقدى من الجنيه بالسوق المحلية من جهة، ومحاربة التضخم من جهة أخرى، بما يساعد على امتصاص فائض السيولة المتضخمة.
أعاد «المركزى» تفعيل آلية الودائع المربوطة متغيرة العائد بآجال قصيرة، بالتزامن مع تحرير سعر الصرف، بهدف خفض المعروض النقدى من الجنيه.
وتفتح آلية الودائع المربوطة متغيرة العائد مجالًا للبنوك لاستثمار ودائعها، خاصة بعد اتفاق «المالية» مع «المركزى» على تخفيض طروحات أذون وسندات الخزانة خلال الفترة المقبلة، فى إطار خطة تقليص عجز الموازنة.