توقع عدد من العاملين فى قطاع الاتصالات أن تشهد السوق المحلية خلال المرحلة المقبلة منافسة قوية بين الصناديق الخليجية للفوز بأكبر كعكعة من سوق خدمات المحمول واقتناص حصص مؤثرة فى شركات الاتصالات.
وقالوا إن مصر تمتلك مقومات طبيعية تجعلها وجهة مفضلة للاستثمار الاجنبى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على رأسها الموقع الجغرافى المتميز، ووجود بنية تحتية ملائمة لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، ما يعزز فرص النمو فى قطاع الاتصالات ويدعم دخول لاعبين جدد.
وترددت أنباء خلال الأسبوع الماضى عن إجراء الصندوق السيادى القطرى مفاوضات مع الشركة المصرية للاتصالات للاستحواذ على %25 من حصتها البالغة %45 فى فودافون مصر، إلا أن الشركة الحكومية أصدرت بيانًا أكدت فيه عدم تلقيها أى عروض رسمية من جهاز قطر للاستثمار بشأن الحصة.
نجم: العرض يعكس توجه الدولة للتخارج من بعض القطاعات
وأكد خالد نجم، وزير الاتصالات الأسبق، أن السوق ستشهد تدفق استثمارات خليجية على قطاع الاتصالات فى مصر، الأمر الذى يعكس نجاح الحكومة فى إيجاد مناخ مناسب وجاذب للاستثمارات الأجنبية، موضحًا أن ما تردد من أنباء بشأن تقدم الصندوق السيادى القطرى عرضًا للاستحواذ على %25 من حصة المصرية للاتصالات البالغة %45 فى فودافون مصر يؤكد خطة الدولة الرامية للتخارج من بعض القطاعات ومنح الفرصة الكاملة القطاع الخاص للدخول فى مختلف الانشطة الاستثمارية.
ورأى “نجم” أنه فى حال تنفيذ الصفقة واتفاق الأطراف المعينة سيسهم ذلك فى تغير خريطة المنافسة داخل سوق المحمول بين المشغلين الأربعة، ويساعد أيضًا فى رفع تقييم الشركة المصرية للاتصالات، علاوة على فتح شهية المستثمرين الأجانب، فى ظل وجود قواعد واضحة وراسخة تدعم للاستثمار المباشر.
كما شدد على ضرورة العمل على تنظيم وحوكمة قطاع الاتصالات فى مصر، بهدف تعزيز فرص المنافسة بين المشغلين، متوقعًا عدم ممانعة جهاز تنظيم الاتصالات حال تلقى عرض رسمى من صندوق قطر السيادى لاقتناص جزء من حصة المصرية للاتصالات فى فودافون مصر.
واعتبر “نجم” أن العروض المقدمة من قبل صناديق الاستثمار الخليجية، بمثابة رؤية واضحة تعبر عن وجود فرص استثمارية واعدة فى السوق المصرية خلال الوقت الراهن.
العلايلى: المنافسة على الكعكة ستشتد مع تفعيل تكنولوجيا «5G
وأوضح هشام العلايلى، الرئيس السابق لجهاز تنظيم الاتصالات، أن يشهد قطاع الاتصالات منافسة قوية من قبل المستثمرين الخليجيين والأجانب، لاسيما مع دخول شبكات تكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات 5G حيز النفاذ.
وشدد “العلايلي” على ضرورة مراجعة وإعادة النظر فى قوانين الاستثمار لما تلعبه من دور استراتيجى فى جذب رؤوس الأموال الواعدة للسوق المصرية، مع ضرورة وجود تضمنيات من قبل الحكومة تؤكد حماية استثمارات الأجانب من خلال قوانين واضحة وثابتة – على حد وصفه.
وأكد ضرورة استمرار الشركة المصرية للاتصالات فى المضى قدمًا فى تنفيذ خطة نشر كابلات الألياف الضوئية، وتطوير بينتها التحتية بهدف زيادة عائداتها، منوهًا بأنه لا يوجد أى موانع قانونية لاتمام الصفقة طبقًا لبنود قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 حال تقدم السيادى القطرى بعرض رسمى، إلا أن الأمر سيكون متروكًا للمصرية للاتصالات بعد دراستها العرض المالى بعناية والحصول على الموافقات المطلوبة.
جنينة: مليار دولار قيمة متوقعة للصفقة.. ويمكن توظيفها فى دعم التكاليف وخفض صافى الديون
وأوضح هانى جنينة، المحاضر فى الجامعة الأمريكية والمحلل الاقتصادى، أن صناديق الاستثمار الخليجية تهدف من وراء الاستحواذ على حصص فى شركات اتصالات بمصر إلى استغلال خدمات البيانات فى إطار الشمول المالى والتوسع فى نشاط التمويل الاستهلاكى المدعوم بوسائل التقنيات المالية الحديثة (Fintech)، موضحًا أن مصر سوق تتميز بكثافة سكانية مرتفعة ومعدلات استخدام لا تزال منخفضة مقارنة بنظيرتها فى الدول العربية وأسواق ناشئة أخرى.
ولفت “جنينة” إلى أن قطاع الاتصالات فى مصر يشهد معدلات نمو بوتيرة سريعة تزامنًا مع الدور الذى تلعبه وزارة الاتصالات فى مشروعات تطوير البنية التحتية، الأمر الذى يجعله محط أنظار الصناديق العربية والأجنبية نظرًا لارتفاع العائد على الاستثمار فيه.
وتوقع أن تكلل مفاوضات السيادى القطرى مع المصرية للاتصالات بالنجاح، لافتًا إلى أن ذلك مرهون بالعرض الذى ستقدمه قطر للاستحواذ على حصة الأخيرة فى شبكة فودافون، منوهًا بأن المصرية للاتصالات ستستفيد من العرض المقدم فى تطوير محفظة خدماتها، إلى جانب توجيه جزء من عائد الصفقة لدعم التكاليف الاستثمارية وخفض صافى الديون.
ورجح ألا يقل العرض القطرى للاستحواذ على 25 % من حصة المصرية للاتصالات فى فودافون عن مليار دولار، مبينًا أن التقييم الإجمالى لشركة فودافون مصر فى صفقة استحواذ السيادى القطرى قد يكون مشابهًا لدرجة كبير من تقييمها عند تقديم شركة الاتصالات السعودية STC فى وقت سابق عرضًا للاستحواذ على حصة فودافون العالمية البالغة %55 فى فودافون مصر بقيمة 2.4 مليار دولار.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تتوجه دفة الاستثمار الخليجى نحو خدمات الدفع الإلكترونى خلال الفترة المقبلة بشكل أكبر، مبينًا أن الصناديق الخليجية ستسعى لاستغلال فكرة خدمات الدفع الرقمى كمنصات لتقديم خدمات أخرى ذات هوامش ربحية أعلى للمستخدمين، مثل منح التمويل للمستهلك النهائى، خاصة فى ظل ضعف القوة الشرائية للمواطن خلال 2022، واعتماده المتزايد على خدمات التقسيط، مشددًا على ضرورة العمل على مراقبة تطور أرصدة قروض الأفراد حتى لا تصل هذه المديونيات إلى مستويات غير مستدامة.
الغمرى: شركات إنترنت الأقمار الصناعية واجهتها القادمة
وتوقع الدكتور محمد الغمرى، رئيس مجلس إدارة شركة إيجيبت سات لحلول الاتصالات، أن تكون المحطة القادمة للاستثمارات الخليجية فى السوق المصرية من نصيب الشركات التى تقدم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، خاصة أن قطر أعلنت فى وقت سابق عن نيتها إطلاق قمر صناعى خاص بها على غرار القمر المصرى “نايل سات”.
وأكد “الغمري” أن السوق المحلية بات جاذبة لرؤوس الأموال العربية والاجنبية، لما تمتلكه من كثافة سكانية مرتفعة وموقع جغرافى متميز يجعلها نقطة التقاء الشرق بالغرب عبر ممر ملاحى عالمى، مشددًا على ضرورة مراجعة عرض الصندوق القطرى حال جديته بشكل مستفيض قبل اتخاذ أى موافقات فى إطار الاعتبارات الأمنية التى تحكم مجريات الاستثمار فى قطاع الاتصالات بأى دولة.
بينما رأى ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، أن اهتمام صناديق الاستثمار الخليجية بقطاع الاتصالات يأتى بعد تحقيق الأخير معدلات نمو كبيرة، بل أصبح قاطرة التنمية المستدامة للدولة المصرية، مرجعًا السبب وراء هذا التوجه الاستثمارى إلى زيادة عائدات البترول بأسواق الخليج والتى تقدر بنحو تريليون و100 مليار دولار، فى ظل ارتفاع سعر النفط عالميًا، الأمر الذى دفعها لضخ مزيد من الاستثمارات فى قطاعات ذات قيمة مضافة مثل التكنولوجيا فى الأسواق الناشئة.
وأشار “عمارة” إلى أن اهتمام السيادى القطرى بشراء نسبة مؤثرة من حصة المصرية للاتصالات فى شركة فودافون يهدف إلى تعزيز مبدأ التوسع الاقليمى للدوحة، خاصة أن شركة أوريدو القطرية تمتلك حصة فى شركة فودافون العالمية، معتبرًا أن ذلك يعكس وجود ثقة ونظرة متفائلة تجاه معدلات نمو الاقتصاد المصرى.
وأضاف أن قطاع الاتصالات فى مصر يشهد حاليًا اهتمامًا كبيرًا من قبل الدولة المصرية على مختلف الأصعدة، سواء تطوير البنية التحتية أو رفع سرعات الإنترنت وزيادة كفاءة الشبكات، مشيدًا بالدور الذى تلعبه الحكومة فى تحسين البنية التحتية، ومن المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة %10 بنهاية العام الحالى طبقًا لبعض التقارير البحثية.
وتابع قائلًا: تعد مصر مركزًا محوريًا وسوقًا جاذبة للاستثمارات فى المنطقة، معتبرًا أن تنامى حدة الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع معدلات التضخم فى أوروبا سيلعبان دورًا محوريًا فى تعزيز دور مصر على خريطة الاستثمارات العربية خلال المرحلة المقبلة.
وأرجع الدكتور حمدى الليثى، رئيس شركة ليناتل لحلول شبكات الاتصالات، السبب وراء تكالب صناديق الاستثمار الخليجية والأجنبية على قطاع الاتصالات فى مصر إلى كونه الأكثر نموًا خلال الوقت الراهن، مضيفًا أن طبيعة الاستثمارات فى قطاع التكنولوجيا تمتاز بالعائد السريع على الاستثمار، ما يعزز من فرص جذب الاستثمارات فى القطاع التكنولوجى فى السوق المصرية.
وأشار “الليثي” إلى أن الاهتمام الذى تشهده الشركات المصرية العاملة فى مجال التكنولوجيا والاتصالات، يأتى على خلفية دخول رؤوس الأموال الخليجية والعربية فى تعزيز الملاءة المالية لهذه الكيانات وفقًا لما يتم الإفصاح عنه من خلال القوائم المالية، منوهًا بأن نجاح العرض المقدم للمصرية متوقف على القيمة التى ستحصل عليها we.
وتوقع أن يشهد قطاع المدن الذكية خلال الفترة المقبلة، اهتمامًا بالغًا من قبل المستثمرين العرب والأجانب، مرجعًا ذلك لكون مصر أصبحت تتجه للعمل على بناء المدن الذكية بشكل ملحوظ.