عرض أيمن سليمان، المدير التنفيذى لصندوق مصر السيادى، مجموعة كبيرة من الخطط الطموحة والفرص الاستثمارية الجارى العمل على اقتناصها فى الوقت الحالى خلال حوار موسع مع برنامج ceo level الذى يقدمه حازم شريف، رئيس تحرير جريدة المال.
كما خصص الحوار جزءًا لتفسير ماهية عمل الصندوق السيادى الذى يعتبر كيانًا حديثًا فى السوق المحلية؛ فى محاولةٍ لشرح أهدافه وإستراتيجياته للجمهور العادى.
نسعى لتطوير قطاعات مهمّشة استثمارية مثل الزراعة
وكشف سليمان أيضًا، خلال الحوار المطوَّل، مجموعة من المعلومات الجوهرية، المتعلقة بهيكل الصندوق وأذرعه الفرعية، فضلًا عن خططه المقبلة والتى ينصبُّ بعضها على النهوض بقطاعات مهمَّشة استثماريًّا، مثل الزراعة التى يجرى دمجها بالتكنولوجيا المالية.
وأكد أن الصندوق يعمل حاليًّا على تقييم حزمة كبيرة من الأصول التى تم نقلها تحت ملكيته، ليتم رفع رأس المال للكيان الأم وللصناديق الفرعية أيضًا بقيم كبيرة نسبيًّا.
وإلى نص الحوار:
حازم شريف: ضيفُنا، اليوم، يجلس على المقعد التنفيذى لأكبر مؤسسة استثمارية فى مصر حاليًّا، ولديه سيرة ذاتية غنية بالخبرات، وقد حصل على ماجستير وبكالوريوس إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ولديه خبرات كبيرة فيما يتعلق بالاستثمار المباشر وإدارة الأصول والاكتتابات، وكل ما يندرج تحت أنشطة بنوك الاستثمار، هو الأستاذ أيمن سليمان المدير التنفيذى لصندوق مصر السيادى.
فى البداية أود أن أوضح أن هذا الحوار سيُدار على 3 مستويات ليستهدف 3 فئات مختلفة من الجمهور؛ الأولى هى الشخص البسيط الذى سمع عن الصندوق السيادى ولا يعرف تفاصيل كثيرة عنه، والثانية هى المستثمر البسيط الذى وضع بعض المدخرات المحدودة فى البنوك أو البورصة أو حتى العقارات، والثالثة هى المستثمر المؤسسى المهتم بمعرفة تفاصيل الصفقات والاستثمارات التى يعمل عليها الصندوق، لذلك سأبدأ بسؤال بسيط عن ما هو صندوق مصر السيادى.
أيمن سليمان: الصناديق السيادية بشكل عام فى كل العالم تعمل لأجل الأجيال المقبلة، وذلك من خلال استثمار أصول وفوائض الدول؛ بغرض الحفاظ على مستويات الدخل القومى مستقبلًا، ويمكن ضرب مثال على ذلك بالصندوق السيادى النرويجى الذى يعمل على استثمار الفوائض الناتجة عن البترول قبل أن يأتى يوم نفادها فى المستقبل، لذلك يسعى لتنويع الاقتصاد وخلق موارد جديدة للتدفقات النقدية، وبناء استثمارات تُدرّ عوائد مُستدامة، خاصة أن الهرم السكانى لأوروبا مقلوب، فمن ثَمّ تحتاج إلى خلق مصادر مستدامة للدخل، وهو الأمر الذى يُعتبر ضمن الأهداف الرئيسية للصناديق السيادية.
ويوجد أيضًا صناديق يتم إنشاؤها لأغراض متعددة أخرى، فعلى سبيل المثال هناك دول تعدداها السكانى ضئيل، ومن ثم تعمل صناديقها السيادية على خلق ثقل استثمارى فى الاقتصاد العالمى، ما يعد من آليات استدامة الدول والحفاظ على قوتها.
كما أنه هناك هدف مشترك بالذات للصناديق السيادية فى شرق أوروبا يتمثل فى تنويع الاقتصاد، وتجنب تخصص الدول فى نشاط اقتصادى واحد، وقد لا يكون ذلك بغرض الربح ولكن بهدف تحقيق أهداف الاستدامة.
وبالنسبة لصندوق مصر السيادى، فالسوق المحلية لديها مجموعة من المقومات حددت إستراتيجية الصندوق، وقد ظهر التنوع الاقتصادى لمصر بقوة نتيجة جائحة كورونا، فعندما تأثرت السياحة بقيت قطاعات أخرى مثل الصادرات الزراعية وقناة السويس كدواعم للاقتصاد، ولكننا كدولة لا يوجد لدينا مصادر للثروات أو الفوائض المالية الكبيرة، بخلاف قناة السويس والاكتشافات الحديثة فى مجالات الغاز والبترول.
فى حين تكمن ثروة الاقتصاد المصرى فى عدة جوانب، أولها هو المناخ والذى يصب فى صالح قطاعات الطاقة المتجددة، كما أنه أحد أعمدة الجذب السياحى، والموقع الجغرافى أيضًا يمثل ثروة للاقتصاد، علاوة على قناة السويس التى تعتبر نقطة تلاقٍ للمسارات فى العالم، ومن ثم فإن ما نسعى إليه هو البناء على المميزات التنافسية الموجودة لخلق عوائد مستدامة للاقتصاد.
حازم شريف: ولكن ما أنواع الصناديق السيادية فى العالم؟ وما موقع الصندوق المصرى من التصنيفات المختلفة؟
أيمن سليمان: يوجد صناديق تستثمر ثروات محتمل نفادها فى المستقبل، وأخرى تعمل على تنويع الاقتصادات عبر الاستثمار فى قطاعات معينة وتنميتها، ونوع ثالث يعتبر صناديق «استقرار»؛ وهو التصنيف الأقرب لـ«مصر» السيادى، ويتمثل غرضه الأساسى فى الاستثمار للحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة وخلق منتجات استثمارية تنموية، ويمكن هنا الاستشهاد بماليزيا التى تعمل صناديقها السيادية على الاستدامة والاستقرار الاقتصادى مما يتيح إمكانية مواجهة الأزمات المحتملة مثل جائحة كورونا.
حازم شريف: سأبدأ باقى الأسئلة بترتيب هرمى لكن من أسفل إلى أعلى لأعود إلى إنشاء الصندوق؛ أى منذ عامين تقريبًا، برأسمال مصدر 5 مليارات جنيه، فهل تم دفع هذه القيمة بالكامل؟
أيمن سليمان: رأس المال المصدر يتم استكماله خلال 3 سنوات من عُمر الصندوق
حازم شريف: إذن هل تم استكماله فعليًّا؟
أيمن سليمان: جارٍ استكماله.
حازم شريف: ورأس المال المرخص به 200 مليار جنيه، وقلتم مؤخرًا إن الصندوق يدرس رفعه إلى تريليون جنيه، سؤالى هو: لماذا تم إنشاء صندوق مصر السيادى بالجنيه وليس بالدولار، كما هو متعارف عليه فى أغلب الصناديق السيادية؟
أيمن سليمان: أغلب الصناديق السيادية تستثمر مصادر دخل بالعملة الأجنبية، ولكن فى حالة السوق المحلية لا يتوافر ذلك، لكن توجد ثروات كبيرة جدًّا، وصندوق «مصر» مسموح له بالتعامل بكل العملات، ووفقًا للقانون فهو كيان لديه مميزات للاستثمار، وينصبُّ هدفه الرئيسى فى المرحلة الأولى فى الاستثمار داخل مصر وتشجيع الاستثمارات فى السوق.
وبالفعل توجد صناديق سيادية فى العالم تم إنشاؤها بغرض جذب الاستثمار الأجنبى، وروسيا من الدول التى اتخذت تلك الخطوة.
نسعى لإعادة اكتشاف الثروات الموجودة لخلق قيمة مستقبلية منها
كما نسعى لإعادة اكتشاف الثروات الموجودة مثل المناخ والموقع والسياحة، وخلق قيمة مستقبلية منها، وأيضًا استخدام الأصول غير المستغَلة لتكون أكبر مكون لرأسمال الصندوق. وبناء على ذلك يتم خلق سيولة يمكن إعادة توظيفها فى تعاملات تجارية من شأنها إنتاج عوائد استثمارية، ثم يتم الانضمام لصفوف باقى الصناديق السيادية فى العالم عبر الاستثمار خارج السوق المصرية أيضًا.
ويتمثل هدفنا الرئيسى فى تشجيع وجذب الاستثمار الأجنبى، وأيضًا التفاعل مع القطاع الخاص بشكل عام، سواء المصرى أو الأجنبى.
حازم شريف: أود تلخيص ما قلته خاصة للفرد العادى من الجمهور؛ وهو أن الصندوق يركز على تطوير الأصول غير المستغَلة، عبر نقل ملكيتها له ليدخل بها شراكات مع القطاع الخاص، مما ينتج عنه فوائض مالية يمكن إعادة استثمارها بصورة أو بأخرى، ومن ثم يدرّ عوائد وتدفقات نقدية.
أيمن سليمان: بالضبط.
حازم شريف: الصندوق لديه 4 أذرع استثمارية- صناديق فرعية- فهل يتم العمل من خلالها فقط، أم أن هناك أشكالًا أخرى للاستثمار؟
أيمن سليمان: نعمل أيضًا من خلال استثمارات مباشرة من الصندوق السيادى الكيان الأم، بخلاف الصناديق الفرعية، ويمكننى هنا إلقاء الضوء على نقطة هامة؛ وهى أن الصندوق ينشئ كيانات فرعية تضم مجالس إدارات وكوادر متخصصة فى مجالات مختلفة، ويمكن الرجوع إليها فيما يتعلق بأيٍّ من الفرص المتاحة للصندوق؛ لتحديد الجدوى الاستثمارية المنتظرة.
والصناديق الفرعية هى صندوق السياحة والاستثمار العقارى، والبنية الأساسية، والخدمات المالية والتحول الرقمى، والرعاية الصحية.
خطة لطرح «التعليم المصرى» فى البورصة خلال عامين
حازم شريف: إذًا تعملون من خلال الصناديق الفرعية، بخلاف استثمارات الصندوق المباشرة؟
أيمن سليمان: الصندوق لديه 4 أنشطة، فى مقدمتها الاستثمار المباشر، علاوة على الصناديق الفرعية، كما سمحت تعديلات قانون الصندوق بإدارة أصول لصالح جهات أخرى، وقد يكون ذلك نظير الاكتتاب فى حصص أقلية من رأس المال، على سبيل المثال، وأيضًا يمكن أن يعمل الصندوق من خلال الاشتراك مع مديرى استثمار متخصصين، مثل المساهمة التى تمّت فى صندوق «التعليم المصرى» المُدار من جانب المجموعة المالية هيرميس.
حازم شريف: بمناسبة ذكر صندوق التعليم المصرى المُدار من جانب المجموعة المالية هيرميس، والذى تم الإعلان عن مشاركتكم فيه مؤخرًا، ما قيمة مساهمة «مصر السيادى» فيه؟
أيمن سليمان: ما يعادل 71 مليون دولار، أى فى حدود 250 مليون جنيه، ويصل الحجم النهائى للصندوق إلى نحو 150 مليون دولار.
حازم شريف: وما الدافع وراء دخولكم فى هذا الصندوق والذى يعمل فى الاستثمار بالمدارس الدولية؟
أيمن سليمان: صندوق التعليم المصرى مثلما يعمل فى المدارس الدولية، تضم محفظته أيضًا مدارس محلية تقوم بتدريس مناهج مصرية، وقد نجح فى تقديم مستوى تعليمى عالى الجودة بمصروفات دراسية متوسطة، ومن ثم فلديه قصة نجاح وهدف تنموى جذب الصندوق السيادى للعمل معه.
«جيمس مصر» ستبنى مدرستين فى القرية الكونية..
والمعلومة المهمة التى أود الكشف عنها هى أن «جيمس مصر» ستبنى مدرستين على أرض مملوكة لـ«مصر السيادى» فى القرية الكونية بمنطقة 6 أكتوبر، ومن ثم فإن هذه الصفقة سينتج عنها تطوير جزء من أراضى الصندوق أيضًا غير المستغَلة.
كما أنه سيتم طرح الصندوق فى البورصة خلال عامين، مما يتيح سيناريوهات للتخارج.
حازم شريف: وما العائد الاستثمارى المتوقع الذى يستهدفه الصندوق السيادى من هذا الاستثمار؟
أيمن سليمان: لا يمكننى الحديث عن أرقام، لكننا نستهدف العوائد الطبيعية التى يسعى إليها أى مدير استثمار مباشر، ولكنه عائد استثمارى «محترم».
حازم شريف: لتلخيص ما قلته فإن الاستثمار فى صندوق التعليم، لديه بُعد تنموى يتمثل فى توفير الخدمة بجودة عالية للطبقة الوسطى وبمستويات أسعار معقولة، كما أن لديه خطة للطرح فى البورصة مستقبلًا، ومن ثم تحقيق عوائد جيدة، وأخيرًا فإنه ستتم الاستفادة من هذا الاستثمار فى قيام الصندوق ببناء مدرستين على أراضٍ غير مستغلة مملوكة لكم فى مدينة 6 أكتوبر. ماذا عن مجالس إدارات الصناديق الفرعية، نعلم أنه تم ترشيحهم فعليًّا؟ وفى أى مرحلة يقف كل صندوق؟
أيمن سليمان: منتظر أن يقر مجلس إدارة الصندوق تعيين أعضاء مجالس إدارات الصناديق الفرعية، ثم مديرين تنفيذيين، ولدينا بالفعل قائمة أسماء مرشحة لكن لا يمكن الإفصاح عنهم الآن.
ولدينا صندوقان فرعيان تم الانتهاء من إطلاقهما بالكامل، الأول هو «العقارى والاستثمار السياحى»، الذى تم نقل ملكية مجموعة كبيرة من الأصول العقارية إليه، مثل مجمع التحرير ومبنى الحزب الوطنى والقرية الكونية وغيرها، وجارٍ العمل على تقييم تلك الأصول وإدراجها ضمن رأسمال الصندوق.
والثانى هو صندوق البنية الأساسية هو ضمن الأذرع الفاعلة جدًّا، ولديه مشروع المخازن الإستراتيجية الذى يتم تنفيذه بالتعاون مع هيئة الشراء الموحد ووزارة التموين، كما أن الصندوق يركز أيضًا على الاستثمار فى قطاع الطاقة المتجددة.
أما صندوق الرعاية الصحية فهو لا يزال فى مرحلة تشكيل الإدارة، لذا تتم إدارته من جانب الكيان الأم فى الوقت الحالى، وجارٍ استكمال باقى أعضاء مجالس إدارة صندوق الخدمات المالية حاليًّا، وسيكون بنك الاستثمار العربى أولى صفقاته.
الصندوق يحمل رسالة غير تقليدية.. وكوادرنا يجب أن تتحلى بالقدرة على السير فى طريق غير ممهد
حازم شريف: وما مواصفات الرؤساء التنفيذيين للصناديق الفرعية؟
أيمن سليمان: أحد أهم مقومات صندوق مصر السيادى هو فريق العمل، ولا يمكننى أن أتمنى فريقًا أفضل من الموجود حاليًّا، ويتمثل أبرز المقومات المطلوبة فى الكوادر البشرية العاملة مع الصندوق السيادى وأذرعه الفرعية، فى أن يكونوا خبراء بمجال الاستثمار ومروا بمراحل بناء مؤسسات، خاصة أننا نواجه تحديات كبيرة، فى ظل أن الصندوق يعتبر مسارًا استثماريًّا مختلفًا، كما يحمل رسالة غير تقليدية للاستثمار المباشر، لذا يجب أن تتوافر بكوادره القدرة على السير فى طريق غير ممهَّد.
حازم شريف: وهل الخبرات الدولية مطلوبة؟
أيمن سليمان: بالتأكيد؛ لأننا نخاطب مستثمرين أجانب، لذا يجب أن يتم ذلك بلغة الحوار التى يفهمها المستثمر وتناسب أهدافه.
حازم شريف: متى سيتم الإعلان عن مديرى الصناديق الفرعية؟
أيمن سليمان: أتمنى أن يتم ذلك خلال الشهر الحالى، وأيضًا أن يتم الإعلان عن الإغلاقات المالية المستهدفة.
حازم شريف: ذكرت أنه جارٍ تقييم الأصول ليتم تحديد رءوس أموال الصناديق، فكم قيمة رأس المال المصدر والمدفوع للصندوق السيادى المتوقعة عقب إعادة التقييم؟
أيمن سليمان: فى حدود 15 مليار جنيه تقريبًا أو أكثر من ذلك بقليل.
حازم شريف: صفقة بنك الاستثمار العربى فى أى مرحلة حاليًّا؟ نعلم أنه حال إتمام الصفقة ستصبح المجموعة المالية هيرميس القابضة مالكة لنسبة لا تقل عن %51 وسيصبح صندوق مصر السيادى مالكًا لنسبة لا تقل عن %25 من رأسمال البنك؟
أيمن سليمان: المجموعة المالية هيرميس شريكنا فى هذه الصفقة هى شركة متداولة فى البورصة، لذا فإن الحديث عن هذا الملف يتم بتحفظ نسبيًّا، لكن ما نعمل عليه الآن هو إنهاء الموافقات الخاصة بالبنك المركزى المصرى وهيئة الرقابة المالية ومجالس إدارات الأطراف المختلفة، وعند الانتهاء من هذه الإجراءات سيتم البدء فى الإغلاق المالى.
حازم شريف: أنتقل إلى قصة أخرى؛ وهى السياسة الاستثمارية للصندوق السيادى وما إذا كان يركز على حصص أقلية فى الصفقات؟
أيمن سليمان: فى بعض الأصول نستهدف حصصًا أقلية بما أن هدفنا يتمثل فى تشجيع القطاع الخاص، ومثال على ذلك شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التى أعلنّا منذ البداية أننا نستهدف حصصًا أقلية بها، مع الترويج لجذب شريك للتطوير ووضع خطط التوسع.
لكن هناك أصولًا أخرى مثل مجمع التحرير، قد تظل الأغلبية فى يد الصندوق السيادى، على أن يتم نقل حق الإدارة والتشغيل لأحد المستثمرين، خاصة أن الصندوق لا يسعى للتحول إلى مطور عقارى أو المنافسة فى هذا المجال، فطبيعة كل حالة تفرض ظروف الاستثمار الأنسب لها.
حازم شريف: هل خيار التخارج النهائى وارد فى الأصول التى تم نقل ملكيتها للصندوق مثل مجمع التحرير وأرض الحزب الوطنى وغيرهما، وهل هناك قيود على أصول أخرى مثل التى لها طابع أثري؟
أيمن سليمان: فى حالة الأصول التى لها طابع أثرى لا يتم نقل ملكيتها للصندوق من الأساس وإنما يكون لديه حق التشغيل فقط، أما فى حالة الأصول العقارية الأخرى مثل مجمع التحرير، فكان إمامنا خياران؛ الأول يتمثل فى بيع المبنى عبر مزاد علنى، والثانى الاستعانة بأحد المستثمرين للتطوير بالشراكة مع الصندوق، وهذا البديل يضمن خلق عوائد مستدامة، حتى ولو محدودة، وهو الهدف الرئيسى للصندوق السيادى، ففكرة توليد سيولة ليست الهدف من الأساس.
ندرس صفقات بالشراكة مع أبو ظبى التنموية.. و«آمون» فرصة مواتية
حازم شريف: أودُّ التحدث عن بروتوكول التعاون الذى تم توقيعه مع شركة أبو ظبى التنموية سابقًا بقيمة استثمارات مستهدفة تصل إلى 20 مليار دولار، وحتى الآن لم يتم تنفيذ أية صفقات ضمن هذه الاتفاقية، فلماذا؟
أيمن سليمان: لقد مر عام ونصف العام منذ توقيع هذه الاتفاقية، وآنذاك كان كل من الصندوق السيادى المصرى وشركة أبوظبى التنموية حديثى التأسيس ويعملان على بناء الإستراتيجية الكاملة، كما شهدت الفترة الماضية ظهور جائحة كورونا التى دفعت الطرفين لإعادة ترتيب الاولويات، بدليل أننا نسعى حاليًّا لتنفيذ صفقات فى القطاعات التى برزت أهميتها بعد الجائحة مثل مجالى الصناعات الدوائية والأغذية.
حازم شريف: وهل يوجد صفقات تتم مناقشتها حاليًّا بالشراكة مع أبو ظبى التنموية؟
أيمن سليمان: اتخاذ القرار بشأن أية صفقة يستلزم بعض الوقت، وأيضًا يجب الحصول على الموافقات اللازمة من لجان الاستثمار الخاصة بالصندوقين المصرى والإماراتى، ولكن نعم ندرس بعض الفرص حاليًّا.
حازم شريف: هل اتخذتم قرارًا بشأن االمساهمة فى شركة أطياب للصناعات الغذائية بجانب أبوظبى التنموية؟
أيمن سليمان: ليس بعد.
حازم شريف: متى سيتم الإعلان عن أول صفقة بهذا الصدد؟
أيمن سليمان: أعتقد أن شركة آمون فرصة مواتية جدًّا، وسيتم اتخاذ قرار بشأنها قريبًا، وفى حال المضى قدمًا بالصفقة قد تكون حصتنا فى حدود %10 إلا أن ذلك يخضع لرأى مجلس الإدارة.
مفاوضات جارية مع صناديق سيادية عربية لبحث أشكال التعاون
حازم شريف: هل تعملون على عقد اتفاقيات تعاون مشابهة مع صناديق سيادية فى المنطقة العربية؟
أيمن سليمان: منذ بدء عمل الصندوق يتم التواصل بشكل مستمر مع كل الصناديق السيادية، سواء عربية أو أفريقية أو آسيوية، ويوجد بالفعل شهية استثمارية عالية لدى دول الخليج تجاه مصر، وأستطيع القول إن هناك مفاوضات جارية مع صناديق سيادية عربية حاليًّا، وقد يتم التعاون بهذا الصدد وفقًا لعدة أشكال متنوعة.
تأسيس شركة جديدة بالشراكة مع «إى فاينانس» و«التجارة الداخلية» والبنك الزراعى
حازم شريف: ذكرتم منذ فترة أنه يوجد إطارٌ ما للتعاون مع شركة إى فاينانس، سواء بالدخول كمساهم فى الشركة أو الترويج لها، فما تطورات هذا الملف؟
أيمن سليمان: إى فاينانس هى إحدى الشركات الناجحة جدًّا فى مصر بمجال التحول الرقمى والذى يعد أهم الأهداف الأساسية للصندوق السيادى، وإذا ما قارنّا الوضع الحالى فى مصر بنظيره فى دول إفريقيا مثلًا، فسنجد أن الأخيرة تقدمت فيما يتعلق بالشمول المالى؛ وذلك بدعم مشغّلى الهواتف المحمولة، لكن فيما يتعلق بميكنة المدفوعات الحكومية فتتقدم مصر على باقى الدول المنافِسة، والبطل فى هذا النجاح هو شركة إى فاينانس.
ونسعى لتعزيز قصة نجاح الشركة دون مزاحمة القطاع الخاص، ما دفع الصندوق للبحث عن مجالات لا تتصدر اهتمامات المستثمرين؛ ليتم العمل على تنميتها وتطويرها باستخدام التكنولوجيا المالية، ومن ثم استهدفنا القطاع الزراعى بالتحالف مع شركة إى فاينانس التى تستطيع جذب العميل والتسويق لخدمات مالية أو ائتمانية بشكل مبسط.
ونعمل على تأسيس شركة جديدة بالشراكة بين 4 أطراف رئيسية هى الصندوق، وشركة إى فاينانس لتكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية، والبنك الزراعى المصرى، وجهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين، لتعمل على تطبيق الشمول المالى والخِدمى لشريحة المزارعين المصريين، ومن المستهدف حصول الصندوق السيادى على حصة أقلية بها، كما أنه جارٍ وضع التصور العام لها حاليًّا.
وسيستهدف الكيان الجديد استخدام التكنولوجيا المالية للوصول للمزارع؛ الذى قد يستفيد منها عبر عدة نواحٍ؛ منها تسهيل عملية تسويق وبيع وتخزين المحاصيل، فضلًا عن خلق ضمانة تعزز جدارته الائتمانية، بالإضافة إلى ضبط وتسهيل التسعير.
والهدف من الشركة ليس فقط مجرد خلق حسابات بنكية للمزارعين، وإنما يمتد الأمر أيضًا لاستفادتهم من وجود خدمات تأمينية وصحية ولوجيسيتية عبر استخدام التكنولوجيا المالية.
كما أن تاسيس الشركة الجديدة سيخلق كيانًا يمكنه التعامل فى البورصة السلعية مستقبلًا، فيما تأتى تلك المبادرات بالاتساق مع اتجاه الدولة للاهتمام بالقرى؛ والذى ظهر فى مبادرات رئيس الجمهورية لتنمية الريف المصرى أو تطوير القرى الأكثر فقرًا.
حازم شريف: هل يمكن أن تُطلعنا على تفاصيل زيادات رءوس أموال الصناديق الفرعية التابعة للصندوق مصر السيادي؟
أيمن سليمان: سيتم رفع رأسمال صندوق الخدمات المالية بسبب صفقة بنك الاستثمار العربى، إذ قد تكون قيمة مساهمة الصندوق السيادى أكثر من مليار جنيه، علمًا بأن رأس المال التأسيسى للصناديق، عادةً ما يكون فى حدود 150 مليون جنيه، وسيتم رفع رأسمال الصندوق العقارى ليتعدى الـ10 مليارات جنيه أيضًا فى ظل نقل مجموعة من الأصول العقارية تحت مظلته.
ملحوظة: أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارًا جمهوريًّا مؤخرًا بزوال صفة النفع العـام عـن عدد من الأراضى والعقارات أملاك الدولة العامة، ونقلها لملكية الصندوق السيادى لمصر. وتضمنت أرض ومبنى مجمع التحرير وأرض ومبــانى المقــر الإدارى لــوزارة الداخليــة (المبنــى القــديم) وأرض الحــزب الــوطنى المنحل بجــوار المتحــف المــصرى وأرض ومبانى القرية التعليمية الاستكشافية بمدينـة الـسادس مـن أكتـوبر، إلى جانب أرض ومبانى القرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر، فضلًا عن أرض ومبانى ملحق معهد ناصر بكورنيش شبرا مصر، وتضمنت أيضًا أرض حديقة الأندلس (حديقة الحيوان بطنطا) بمحافظة الغربية.
مقياس النجاح هو خلق منتج لم يكن على الخريطة
حازم شريف: كيف لنا أن نقيّم أداء صندوق مصر السيادى؟
أيمن سليمان: إحدى طرق قياس النجاح هى إمكانية خلق كيان يعبر عن الوجه الجديد للاقتصاد المصرى، فى ظل كونه اقتصادًا حقيقيًّا لديه مجالات فاعلة مثل السياحة واللوجيستيات والخدمات والزراعة و قناة السويس، فضلًا عن حجم القيمة المضافة للسوق، والتى قد تتمثل فى منتج استثمارى لم يكن على الخريطة. وفى هذا الصدد يمكن ذكر تجربة شركة «نيرك» التى يسهم بها الصندوق، وفكرة تصدير الأدوية، على سبيل المثال.
ملحوظة: جدير بالذكر أن مجلس الوزراء كان قد وافق على تأسيس الشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس «نيرك»؛ بغرض القيام بتصنيع وإصلاحات عربات السكك الحديدية وإحلالها وتجديدها؛ بهدف توطين هذه الصناعة.
ونصَّ القرار على أن ذلك من خلال المساهمة بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وكلٍّ من صندوق مصر السيادى والقطاع الخاص، مع مراعاة وضع آلية تسمح لوزارة النقل بالتأكد من السعر العالمى للمنتج النهائي.
حازم شريف: إذًا أنت تتحدث عن الاختراقات النوعية والأفكار الجديدة والطفرات فى المجالات المختلفة، لكن متى يصل صندوق مصر السيادى لمرحلة الإعلان عن قوائمه المالية سنويًّا وتنتهى مرحلة التأسيس، مثل صناديق السيادية بالخارج ومن بينها النرويجى- الذى ذكرته فى معرض حديثك- الذى أعلن تحقيقه عائدًا بنحو %10.9 خلال عام 2020؟
أيمن سليمان: أتوقع أن يتم ذلك خلال 5 سنوات، إذ سيكون لدى صندوق مصر السيادى آنذاك محفظة متنوعة وصورة أشمل وأوضح، ومن الطبيعى فى مجالات الاستثمار أن تبدأ المشروعات إدرار عوائد عقب مرور عدة سنوات، والصندوق السيادى المصرى صبور وقد ينتظر سنوات على بعض المشروعات لحين إدرار عوائد مستدامة، خاصة فى مجالات مثل البنية الأساسية.
محفظتنا قد تصل إلى 30 أو 40 مليار جنيه خلال عدة سنوات
وأرى أن محفظة صندوق مصر السيادى قد تصل قيمتها إلى 30 أو 40 مليار جنيه خلال عدة سنوات، على أن تنمو بمعدلات أسرع بعد ذلك عندما تكبر نوعية الصفقات التى يتم الدخول فيها.
حازم شريف: إذًا مفترض أنه بحلول عام 2025 يتم الإعلان عن ميزانيات الصندوق السيادى للجميع سنويًّا؟
أيمن سليمان: ميزانيتنا تعرض على مجلس الإدارة ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، ومستقبلًا ستتضمن شركات مقيدة ومحفظة أشمل، وسيتم عرضها بمنتهى الشفافية.
حازم شريف: هل يمكن القول إنه بحلول 2025 يمكن أن يحقق الصندوق عوائد سنوية بصفة دورية؟
أيمن سليمان: نعم.
حازم شريف: ذكرت مؤخرًا أنه جارٍ العمل على تجهيز «داتا رووم»- قاعدة بيانات- لتتولى تجميع المعلومات الخاصة بشركتى «صافى» و«الوطنية للبترول»، فما تطورات هذا الأمر؟
أيمن سليمان: جارٍ استكمال قاعدة البيانات حاليًّا، وستتم إتاحتها للمستثمرين بعد ذلك؛ ليتمكنوا من اتخاذ القرارات الاستثمارية بهاتين الصفقتين، وعقب تجهيز قاعدة البيانات سيتم البدء بتلقى العروض النهائية، ومتوقع إنهاء تلك العملية خلال شهور.
حازم شريف: عادةً ما تكون هناك عملية ترويج استباقية بغرض جسّ النبض أو الوقوف على الشكل المحتمل للصفقات، فهل تم هذا فى حالة «وطنية للبترول» و«صافى»، وما الشكل المتوقع للعملية ومحاور الحوار مع المستثمرين؟
أيمن سليمان: المستهدف حاليًّا هو عقد شراكة، ليشترى صندوق مصر السيادى حصة أقلية، ويتم بيع حصة أخرى لأحد المشغّلين المتخصصين، وفى عملية الترويج الاستباقية كانت شهية المستثمرين عالية جدًّا، لذا نحاول موافاتهم بالمعلومات المطلوبة قريبًا جدًّا. والميزة فى هاتين الصفقتين أن الأصل جيد جدًّا ويحقق ربحية، وبعد تنفيذ الصفقة قد يتخارج الصندوق السيادى من حصته عبر طرح عام فى البورصة.
حازم شريف: وكم هى الحصة المستهدف بيعها من الشركتين للصندوق السيادى وللشريك المحتمل؟
أيمن سليمان: قد تصل إلى %100 من الأصل.
حازم شريف: فى نهاية الحوار أود أن أشكر الأستاذ أيمن سليمان على الحديث وأنتظر حتى عام 2025؛ لرؤية نتائج مجهود العمل فى الصندوق السيادى المصرى، وتحقيقه عوائد مستدامة دورية، وهذا- من وجهة نظرنا- هو الهدف الأساسى للصندوق.