وضع عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين خريطة طريق لتوظيف المدخرات فى السوق المصرية، تَصدَّر القطاع العقارى جزءًا كبيرًا من التوصيات، بجانب الاستثمار فى الذهب أو الأسهم المقيدة فى البورصة، بخلاف الادخار البنكي.
«المال» طرحت السؤال المهم على عدة خبراء حول الطريقة الأمثل التى قد يتجه لها أصحاب رءوس الأموال لاستثمارها فى الفترة المقبلة، فى ظل التحديات الاقتصادية التى تواجهها السوق المحلية.
واتفق الخبراء على أن جائحة فيروس كورونا أثّرت بشكل كبير على تغير فكر المستثمرين، سواء أفرادًا أو مؤسسات، وإعادة تقييم الوضع الإدخارى لهم واختيار الوعاء المناسب لتوظيف تلك المدخرات، سواء عن طريق صناديق الاستثمار أو البورصة أو الذهب أو العقار وغيرها.
قال أيمن أبو هند، الشريك المؤسس ومدير الاستثمار لشركة Advisabl الأمريكية للاستثمار، إن مسألة تحديد الوعاء المناسب لتوظيف المدخرات يحتاج إلى أن نفرق بين مستثمرى التجزئة ومستثمرى المؤسسات.
وأضاف أبو هند أنه بالنسبة للمستثمر الفرد تكون مدخراتهم منحصرة بين البنوك والذهب والعقارات، ويتجه البعض منهم إلى البورصة عن طريق شراء الأسهم، لافتًا إلى أنه فى كل الأحوال لن يكون هامش الخسارة لديهم كبيرًا.
وأشار إلى أن باقى القطاعات تتأثر من حيث انخفاض فائدة البنوك، وكذلك قيمة الذهب والدولار؛ وذلك لعدم وجود أوعية استثمارية معينة للأفراد، ومن ثم لا توجد أوعية كافية، الأمر الذى يؤدى إلى الدخول فيما يعرف بـ«فخ السيولة».
وأوضح أن مستثمر التجزئة غالبًا ما يتجه إما للبنوك أو المنتجات التأمينية بحيث يتم وضع مبلغ، وبعد 10 سنوات تتم الاستفادة من العائد، مشيرًا إلى أن ذلك ليس متاحًا للكل، ومن ثم يمكن القول إن الاتجاه أكثر يكون صوب البورصة لأنها تجلب أوعية استثمارية تجعل فكرة الاستثمار بها أمرًا جيدًا، خاصة من خلال شراء الأسهم أو الكبونات.
على جانب آخر أفاد أبو هند بأنه بالنسبة للمؤسسات فالوضع يختلف لأن هناك شريحة منها تستثمر فى البورصة، وهناك من يقوم بالاستثمار المباشر، لافتًا إلى أن شركته تتبع هذا النوع من الاستثمار.
وتابع أن شركته ركزت فى الاستثمار المباشر بقطاعات الصحة والقطاع المالى «المدفوعات» والتعليم، لافتًا إلى أن تلك القطاعات تحقق نموًّا كبيرًا، طبقًا لقطاعات القيمة نظرًا لكبر حجم العوائد بها.
وذكر أبو هند أن هناك حركة كبيرة فى الاستثمار بالقطاع المالي، متابعًا «أن البنوك الخاصة بدأ يحصل عليها استحواذات نوعا ما، ودى بتبقى أغلبيتها بتبقى صناديق إحنا عاوزين التعامل بالقطاع المالى فبندخل حصة مع الناس اللى بتستحوذ على البنوك، ومن خلالهم بناخد حصة فى البنك».
وأفاد بأن قطاع تكنولوجيا المدفوعات حقق نموًّا كبيرًا لا يقل عن 100%، وخاصة خلال 2020، فمثلًا سهم فورى الذى بدأ طرحه بـ6 جنيهات للسهم، وصل سعر السهم حاليًّا لأكثر من 40 جنيهًا، وكذلك القطاع الصحى الذى قفز من 30% إلى 50%.
وعن الاستثمار فى القطاع العقاري، أفاد بأن مسألة أنه قطاع يتأثر ولا يموت فات أوانه، لافتًا إلى أن الوحدات السكنية للشرائح الـA CLASS وما فوق المتوسط تخطّت 5 ملايين وحدة سكنية زيادة على الطلب.
وتابع: فى حين أن الإسكان الاجتماعى به نقص فى المعروض بحوالى 3 ملايين وحدة سكنية، وذلك نتيجة لأن المطورين ركزوا مع الطبقات الغنية وفوق المتوسطة، وفى المقابل قلّ الطلب الاستثماري.
بينما قال عمرو حسين الألفي، رئيس قسم البحوث لدى بنك الاستثمار برايم، إنه لا بد من تحديد نوعية الفئة التى تستهدف الادخار ومعرفة أعمارهم ومدى موقفهم المالى أو ملاءتهم المالية، وكذلك العائد المطلوب.
وأضاف الألفي أنه قبل الحديث عن أى استثمار لا بد من معرفة العائد قبل البحث عن المخاطر، لافتًا إلى أنه على سبيل المثال قد يكون الاستثمار فى العقار ذات مخاطر منخفضة، لكن العائد منه مع الوقت قليل يصل إلى 10% سنويًّا، والأمر نفسه فى الاستثمار بقطاع الذهب.
وأشار إلى أنه بالنسبة للاستثمار فى أسهم البورصة على المدى الطويل يكون الأداء أفضل، رغم أن مخاطرها أعلى.
وأفاد بأن الأسهم تعتبر الأفضل كذلك حتى مع ارتفاع التضخم؛ لأن العوائد الثابتة لا تكون هى الأفضل، منوهًا بأنه رغم الاستثمار فى الأسهم قد يكون هو الوعاء الأفضل، ولكن فى الوقت نفسه مخاطره أعلى عن أى وعاء آخر.
كما قالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار «فاروس القابضة»، إن الحديث عن اختيار الوعاء المناسب لتوظيف مدخرات العملاء تختلف من عميل إلى آخر.
وأضافت السويفي أن هناك عميلًا يميل إلى المخاطر، وآخر لا يميل لذلك، ومن ثم فالمسألة نسبية من حيث الفئة العمرية والأهداف الاستثمارية والعائد على هذا الاستثمار، بخلاف الفترة التى يفكر فيها العميل بالاستثمار.
وأشارت إلى أنه لا يوجد مؤشر نستطيع من خلاله تحديد الآلية المناسبة للاستثمار، سواء فى الشهادات أو الصناديق أو العقارات وغيرها، ومن ثم لا بد من دراسة الأهداف الاستثمارية لكل عميل والمدة الزمنية ونطاق الاستثمار، وبناء عليه يتم توجيه فى الاستثمار المناسب.
وأوضحت أنه لا بد كذلك معرفة مستوى السيولة التى يحتاج إليها العميل؛ لأن هناك عميلًا لا يكترث بذلك الأمر، ولكن فى الوقت نفسه يوجد عميل آخر يضع فى اعتباره الأزمات التى قد تحدث، ومن ثم تكون لديه الرغبة فى استعادة أمواله.
وتابعت رئيس قسم الابحاث شركة فاروس القابضة : هناك عميل يطلب الدخول فى نوعية من الاستثمارات ذات مخاطر قليلة، وفى نفس الوقت بعائد مضمون، وهناك آخر لديه الجرأة فى المخاطرة، وفى المقابل مضاعفة العائد.
وعن رؤيتها فى الاستثمار العقاري، أوضحت أن مسألة أن العقار هو الاستثمار الأمن لا يعنى تحقيق مكاسب بعد عام مثلا من الاستثمار وخاصة فى ظل الوضع الراهن نتيجة جائحة فيروس كورونا.
وأشارت إلى أن نفس الأمر ينطبق على استثمارات الذهب والبورصة، لأنه فى كل الأحوال كل وعاء له مميزاته وعيوبه، وكل واحد منهم له مدته الزمنية.
وقال الدكتور جمال بيومى، المحلل الاقتصادى ورئيس اتحاد المستثمرين العرب، إن أكثر القطاعات ازدهارًا فى الأونة الأخيرة هما قطاعى العقارات وتكنولوجيا المعلومات.
وأضاف بيومي أن نائب رئيس «مايكروسوفت» حينما جاء إلى مصر منذ سنوات أشاد بالطفرة المحققة فى قطاع تكنولوجيا المعلومات.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى هذين القطاعين يأتى الاستثمار فى قطاع الزراعة والأمن الغذائى خاصة أنهما حققا عوائد كبيرة خلال العام الماضى بسبب جائحة فيروس كورونا.
وأفاد بأن الاستثمار السياحى وتوابعه يعد من القطاعات التى تأثرت بشكل كبير خلال العام الماضى 2020 نتيجة الجائحة.
وأوضح بيومى أنه بالنسبة للاستثمار فى قطاع الذهب وحتى ان تراجعت أسعاره لبعض الوقت، ولكن ستظل قيمته موجودة كوعاء ادخاري.