أسوأ السيناريوهات المرتقبة يتمثل فى انخفاض الطلب على وقود الطائرات بما يزيد عن %50
ألغت شركات الطيران العالمية أكثر من %2.4 من رحلاتها الجوية خلال الأربعة أشهر القادمة اعتبارا من بداية ديسمبر الحالى رغم أن وكالة الطاقة الدولية IEA كانت توقعت خلال الربع الماضى ارتفاع الطلب على وقود الطائرات بأقوى معدل نمو منذ بداية الوباء ليصعد بحوالى 550 ألف برميل يوميا إلى 5.9 مليون برميل فى اليوم.
وتعرضت أسعار وقود طائرات شركات الطيران العالمية لضغوط مع فرض العديد من الدول قيودا على دخول الأجانب وإغلاق حدودها تماما ومنها إسرائيل بعد أن ظهر طفرة جديدة باسم «أوميكرون» من سلالات فيروس كورونا المميت فى جنوب أفريقيا و9 دول فى القارة السمراء والذى أودى بحياة ما يزيد عن 5.2 مليون ضحية وأصاب حوالى 263 مليون حالة على مستوى العالم وربما تزداد هذه الأعداد باستمرار طوال العام القادم على الأقل.
وذكرت وكالة رويترز أن سلالة أوميكرون الجديدة تثير أكبر المخاطر التى تواجه استهلاك وقود الطائرات الذى بدأ يتعافى مؤخرا غير أنه عاد إلى المربع صفر الذى ظل فيه خلال عام الوباء بعد أن أغلقت هونج كونج وإسرائيل واليابان والولايات المتحدة وعدة أخرى حدودها تماما أمام المسافرين الأجانب وعدم استقبال أى رحلات جوية من الخارج.
قواعد متشددة من استراليا إلى بريطانيا
وشددت بريطانيا وأستراليا قواعد وقيودا متجددة أمام الرحلات الجوية كرد فعل لسلالة أوميكرون الجديدة التى يرى بعض خبراء الصحة أنها ربما تكون أخطر من جميع المتحورات الأخرى التى ظهرت منذ نهاية 2019 فى الصين وانتقلت منها لجميع أنحاء العالم وحتى الآن لدرجة أن مئات الآلاف من السياح والزوار الذين كانوا يعتزمون السفر خارج بلادهم ولاسيما فى إجازات الكريسماس وأعياد رأس السنة يفكرون الآن فى إلغاء أو على الأقل تأجيل رحلاتهم.
ووصفت منظمة السياحة العالمية التى تتخذ من مدريد مقرا لها تعافى قطاع السفر بين الدول بأنه هش أو بطئ على الأقل، بسبب جائحة كوفيد-19 مع الطفرة الجديدة من كورونا والتى من المتوقع أن تكلف السياحة العالمية خسائر بأكثر من تريليونى دولار مع نهاية العام الجارى لتسجل نفس الخسارة التى تكبدتها فى عام الوباء مما يجعله أحد أكثر القطاعات تضررًا من الأزمة الصحية المستمرة.
«السياحة العالمية» حائرة
وتأتى هذه التوقعات الصادرة عن منظمة السياحة العالمية فى وقت تكافح أوروبا زيادة فى الإصابات بكوفيد ويواجه العالم السلالة الجديدة التى تجعل المنظمة حائرة وغير قادرة على تقدير أداء القطاع فى العام المقبل كما أن توقعاتها على المدى المتوسط ليست مشجعة رغم التحسينات الأخيرة فى اكتشاف لقاحات ناجحة غير أن معدلات التطعيم المتفاوتة حول العالم وسلالات عديدة مثل متحور دلتا وطفرة أوميكرون يمكن أن تؤثر على التعافى المتواضع على مستوى العالم.
وأدى فرض قيود جديدة بسبب أوميكرون وإجراءات الإغلاق فى دول عدة خلال الأيام الماضية إلى أن المنظمة تؤكد على أنه وضع لا يمكن التنبؤ به إلى حد كبير وأن القطاع يمر بأزمة تاريخية فى صناعة السياحة ومع ذلك فربما يكون لديها القدرة على التعافى بسرعة كبيرة إذا تمكن خبراء الصحة من احتواء السلالات الجديدة وتأمل أن يكون العام المقبل أفضل من الحالى.
هبوط أسعار وقود الطائرات
وتعتقد وكالة FGE الاستشارية فى مجالات الطاقة العالمية أن أسعار وقود الطائرات سينخفض خلال الشهور القادمة بعد أن هبط هذا الأسبوع بنحو 6.92 دولار للبرميل ليسجل أدنى مستوى منذ ثلاثة شهور بسبب ظهور أوميكرون وفرض قيود متشددة على الرحلات الجوية ولاسيما فى أفريقيا وآسيا وأوروبا.
وهبط الطلب على وقود الطائرات حاليا فى العالم إلى مليون برميل فى اليوم ليقترب من المستوى المتدنى الذى سجله فى شتاء عام الوباء عندما تفاقمت حالات الإصابة والوفاة من كوفيد19 وقبل أن تظهر أى تطعيمات من شركات الأدوية والرعاية الصحية العالمية ضد فيروس كورونا.
أسوأ السيناريوهات
وإذا كان أسوأ السيناريوهات المرتقبة للطلب على وقود الطائرات بسبب سلالة أوميكرون الجديدة هو العودة إلى مستويات الشتاء الماضى التى انخفض خلالها إلى أقل من 0.5 مليون برميل يوميا واستمرار هذا الهبوط حتى الربع الثانى من العام المقبل إلا أن هذا السيناريو يصفه خبراء الصحة بأنه متفائل مع الشكوك المتزايدة حول أوميكرون وقدرته على الانتشار بسرعة وإصابة ملايين آخرين بالعدوى من كوفيد19 لدرجة أن الغيوم تغلف النظرة المستقبلية للطلب العالمى على الوقود والبترول.
وتحاول شركات الطيران العالمية تخفيف الضغوط الناجمة عن أوميكرون حاليا بتشجيع السفر للأشخاص الذين تلقوا تطعيمات كاملة ضد الفيروس بعد أن تعرضت فى عام الوباء لأكبر انهيار لرحلاتها الجوية منذ عشرات السنين عندما ظلت غالبية طائراتها التى تقوم برحلات دولية وطويلة المدى رابضة فى المطارات بدون حركة لشهور طويلة.
ويرى خبراء صناعة الطيران أن الوقت مازال مبكرا جدا لتحديد ما إذا كان ضعف الطلب على الرحلات الجوية يرجع إلى ضعف تعافى الاقتصاد فى العديد من الدول أو بسبب الاستجابة السريعة والمتشائمة لبعض الحكومات وشركات الطيران للسلالة الجديدة من كورونا والتى جعلتها تغلق حدودها وتفرض قيودا متشددة على استقبال الأجانب بالنسبة للأولى وتؤجل رحلاتها الدولية أو تلغيها بالنسبة للثانية.
أوميكرون يطيح بآمال السياحة والطيران
وقالت مصادر فى منظمة السياحة إن ظهور السلالة الجديدة أطاحت بالآمال التى كانت مرتقبة على الأجل القريب وبات من المتوقع حاليا استمرار الانخفاض فى تعافى الطلب على وقود الطائرات وتجميد الرحلات الجوية الدولية فى معظم أنحاء العالم بعد الانتشار السريع للعدوى من أوميكرون الذى أصاب أشخاص فى دول عديدة من جنوب أفريقيا وبوتسوانا إلى والسعودية وهولندا التى اكتشفت سلطاتها إصابة 61 راكبا بسلالة الفيروس الجديدة بعد وصلوهم على متن رحلتين قادمتين من جنوب أفريقيا.
ويتوقع بنك HSBC البريطانى تأخر التعافى فى الاقتصاد العالمى لمدة عام على الأقل بسبب ظهور طفرة أوميكرون التى لا يعرف أحد من خبراء الصحة عنها أى معلومات حتى الآن ويزعمون أنها شديدة العدوى ولن تستجيب لأى لقاح من اللقاحات الموجودة حاليا بل وتحتاج إلى ابتكار لقاحات جديدة وخصوصا أن المسافرين ألغوا حجوزاتهم للسفر فى الرحلات الجوية التى كانت مقررة فى إجازة ديسمبر الحالى ويناير المقبل لتتلقى صناعة السياحة لطمة جديدة قبل انتعاشها الذى كان متوقعا من شهور قليلة ولاسيما مع قيام واشنطن بتخفيف قواعد السفر إليها من أنحاء العالم.
وجاء فى تقرير حديث كتبه جيمس هالستيد العضو المنتدب بشركة افيشن استراتيجى بنيويورك أن شركات الطيران الأمريكية والأوروبية كانت تأمل خلال الربع الماضى فى استئناف فتح خطوط السفر على ضفتى المحيط الأطلنطى وتشغيل الرحلات الجوية طويلة المدى بين القارتين خلال الربع الحالى لاستعادة الإيرادات التى هبطت إلى مستويات متدنية منذ إعلان منظمة الصحة العالمية فى مارس 2020 أن فيروس كورونا وباء عالميا وحتى وقت قريب ليأتى أوميكرون الآن ليطيح بهذه الآمال وتتوقف الرحلات مرة أخرى.
تأخير تعافى شركات الطيران لعام ثالث
وقال أيضا ويلى وولش رئيس منظمة أياتا لشركات الطيران العالمية إن القيود الجديدة التى تفرضها بعض الدول على استقبال الرحلات الجوية الأجنبية سيؤخر تعافى هذه الشركات لعام ثالث ولذلك فإنه يدعو حكومات العالم لوضع نظم اختبارات قوية لكشف العدوى من أوميكرون وتجنب الإجراءات والتدابير المتشددة التى تسبب استمرار الخسائر المالية الهائلة التى تكبدتها منذ ظهور الجائحة وتسريح أعداد ضخمة من العاملين فى صناعة الطيران والمطارات لأن الهيئات الصحية أثبتت أنها غير قادرة على القضاء على الفيروس نهائيا ولذلك يجب التكيف معه ومواصلة الأنشطة الاقتصادية كما كانت فى السابق قبل ظهور الوباء.
وتؤدى إجراءات إغلاق الحدود بين الدول إلى خسائر ضخمة لشركات الطيران العالمية ومنها شركات منطقة الخليج العربى التى تركز رحلاتها على الانتقال بين دول قارات العالم وكذلك شركة لوفتهانزا الألمانية التى تعتمد بشدة على رحلات الترانزيت الدولية التى تهبط فى مطار فرانكفورت القاعدة الجوية للشركة.
استجابة سريعة ضد المتحور الجديد
واستجابت بسرعة شركات الطيران الكبرى العالمية لحماية مراكز رحلاتها من العدوى بتقييد استقبال الركاب القادمين من 9 دول أفريقية منها جنوب أفريقيا وبتسوانا وزيمبابوى وغيرها من الدول التى ظهرت فيها حالات عدوى بالسلالة الجديدة وذلك لتقليل تفشى انتقال المرض إلى دول أخرى حيث أجلت سنغافورة مثلا خططها التى كانت تستهدف فتح حدودها للركاب الذين جرى تطعيمهم بالجرعتين والقادمين من الإمارات والسعودية وقطر لأن هذه الدول تعد مراكز ترانزيت للرحلات الجوية من دول أفريقية كما أن شركة سنغافورة ايرلاين حولت بعض رحلاتها إلى جوهانسبرج وكيب تاون بجنوب أفريقيا لتقتصر على نقل البضائع والسلع فقط.
وحذر تيم كلارك رئيس شركة الإمارات ايرلاينز من أن فرض قيود على السفر من دول عديدة من أوروبا وأفريقيا بسبب أوميكرون سيؤدى إلى خسائر ضخمة للسياحة والطيران على مستوى العالم لأن شهر ديسمبر من كل عام يشهد إقبالا هائلا من الرحلات الجوية العالمية على إمارة دبى للاستمتاع بمرافقها الترفيهية السياحية الممتعة ذات المستوى العالمى أثناء موسم إجازات نهاية العام وأعياد الكريسماس ورأس السنة.
وأعلنت شركة قطر ايرويز أنها لم تعد تستقبل مسافرين من 9 دول أفريقية ولكنها قد تنقل ركابا إلى هذه الدول غير أنها لن تعود منها بركاب بينما قررت شركتا يونايتيد ايرلاينز ودلتا ايرلاينز الأمريكتيان استمرار تشغيل رحلات مباشرة إلى أفريقيا ولن تطبق أى تعديلات على رحلاتها المجدولة إلى بلاد القارة السمراء ولكنها ستسمح لركابها الراغبين فى عدم السفر لهذه البلاد بتحويل وجهاتهم لدول أخرى بنفس التذاكر.
واشنطن تمنح 54 مليار دولار لحماية العاملين
وكانت حكومة واشنطن منحت شركات الطيران الأمريكية منذ مارس من العام الماضى تدابير إنقاذ بلغت 54 مليار دولار لمواجهة التداعيات الناجمة عن وباء كورونا ولدفع تكاليف مرتبات وأجور العاملين فيها والحفاظ عليهم بدلا من الاستغناء عنهم.
وأكدت سارة نيلسون رئيسة رابطة الضيافة الجوية الأمريكية التى تمثل 17 شركة طيران أن هذه الشركات استطاعت تشغيل رحلات جوية عديدة بين المدن الأمريكية خلال الاحتفال بعيد الشكر الدينى فى شهر نوفمبر من عام الوباء والذى يزدحم عادة بالسفر للزيارات العائلية وبين الأصدقاء بفضل هذا الدعم المالى الذى استخدمته فى دفع تكاليف الوقود وأجور العاملين.
وأضافت سارة أن شركات الطيران الأمريكية التى حصلت على الدعم الحكومى من واشنطن غير مسموح لها بخفض الأجور أو تسريح العاملين أو حتى منحهم إجازات بدون مرتبات كما عليها أيضا تقليص مكافآت كبار المدراء وتجميد عمليات إعادة شراء الأسهم وكذلك وقف دفع عوائد الأسهم.
وأدى أيضا اكتشاف السلالة الجديدة من فيروس كورونا المميت وإعلان القيود على السفر وإغلاق الحدود إلى هبوط أسعار أسهم «لاتام» الشيلية أكبر شركة طيران فى أمريكا اللاتينة بأكثر من %85 مع نهاية شهر نوفمبر وخصوصا بعد أن أكدت ضخ 8.19 مليار دولار ضمن خطة إعادة هيكلة لديونها للخروج من أزمة إفلاسها علاوة على أن شركة أزول ايرلاين البرازيلية قدمت عرضا للاندماج مع الشركة المدرجة فى بورصة سانتياجو بدولة شيلى.
اتحاد الحكومات لاحتواء الوافد الجديد
ولذلك سارعت معظم حكومات العالم لاحتواء المتحور الجديد لفيروس كورونا الذى زعم خبراء الطب أنه يضم حوالى 15 نسخة ، فأغلقت إسرائيل حدودها أمام المواطنين الأجانب فيما سجّلت أستراليا أول إصابة على أراضيها به وأعلنت دول عدة فرض قيود على السفر من جنوب أفريقيا التى ظهر فيها لأول مرة ومنها قطر والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والكويت وهولندا بينما كانت أنجولا أول دولة إفريقية تعلّق الرحلات الجوية مع جيرانها فى المنطقة لمنع تفشى العدوى.
وأدى ظهور أوميكرون إلى إثارة الشكوك حول الجهود العالمية الرامية إلى احتواء الوباء شديد العدوى مما أجبر العديد من الدول على إعادة فرض تدابير لم تكن تتوقع العودة إليها فى حين يسابق العلماء الزمن لتحديد التهديد الذى يمثّله المتحور الجديد وخصوصا بشأن إن كان بإمكانه مقاومة اللقاحات الحالية.
«أوميكرون» يجمد التعافى
وبدأ أوميكرون ينتشر فى مختلف دول العالم، من هولندا مرورا بهونج كونج وأستراليا، حيث أعلنت السلطات اكتشافه لأول مرة فى بداية هذا الأسبوع لدى مسافرين قادمين من جنوب القارة الإفريقية خضعوا لفحص كوفيد بعد وصولهما إلى مدينة سيدنى ويأتى ذلك بعد شهر من رفع أستراليا الحظر المفروض على سفر مواطنيها إلى الخارج بحرية علاوة على أنه كان من المقرر أن تفتح البلاد حدودها أمام العمال والطلاب القادمين من الخارج بحلول نهاية العام ولكن هذه القرارات توقفت الآن.
وسدد أوميكرون ضربة للتعافى الاقتصادى العالمى وأدى لإعادة فرض إغلاق على ملايين الأشخاص حول العالم وإعادة إحياء الانقسامات الجيوبوليتيكية التى فاقمها الوباء فسارعت الولايات المتحدة للإشادة بشفافية جنوب إفريقيا فى الإعلان عن المتحور الجديد فى تهكم خفى بطريقة تعامل الصين مع المعلومات بشأن ظهور الوباء فيها لأول مرة فى ديسمبر من عام 2019.
وأشاد وزير الخارجية الأميركى أنتونى بلينكن بعلماء جنوب أفريقيا لمشاركة العالم باكتشافهم للمتحور الجديد ومدحها لكونها مثالا يحتذى به لكل حكومات العالم غير أن حكومة جنوب إفريقيا اشتكت من فرض تدابير حظر سفر قاسية وغير منصفة لأنها كانت أول بلد يرصد المتحور الذى وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه مثير للمخاوف على مستوى العالم.