بدأت أوروبا تحذو حذو الصين بدعم صناعة البطاريات التي ستقود الجيل القادم من السيارات الكهربائية، وضخ تمويلات ضخمة في مجال بناء قدرات تصنيع البطاريات، وصولا إلى وقف الاعتماد على الواردات الصينية.
قالت وكالة بلومبرج إن المسئولين الحكوميين بقيادة نائب رئيس المفوضية الأوربية ماروس سفيكوفيك قد اتفقوا مع شركات صناعية، وبنوك تنموية، وبنوك تجارية على اتخاذ تدابير ستسمح بضخ ما يزيد على 100 مليار يورو في بناء سلسلة موردين لحزم بطاريات الليثيوم أيون.
وتهدف أوروبا إلى بناء مصانع تستطيع توريد احتياجات شركات صناعة السيارات الأوربية مثل بي أم دبليو وفلوكس فاجن دون الاعتماد على الوردات القادمة من كبرى مراكز تصنيع البطاريات في آسيا، وتهيمن شركتي كاتل CATL و BYD على صناعة البطاريات في الصين.
أوروبا مصممة على اللحاق بالصين
تتخوف ألمانيا وفرنسا من تفوق الصين في بناء تكنولوجيات جديدة تكتسح صناعة السيارات، صناعة السيارات العادية منتعشة بالفعل في أوروبا؛ حيث إنها توفر نحو 13.8 مليون فرصة عمل تشكل نسبة 6.1% من إجمالي الوظائف.
وقال سفيكوفيك في حوار مع بلومبرج: “قررنا أن نقرن الكلام بالفعل وتغلبنا على استسلام مبدئي يدفعنا إلى اعتبار أن المعركة قد حسمت لصالح الصين”.
ماكرون يشتكي من التفوق الصيني
تتوفر عدة محفزات تدفع أوربا إلى تصنيع السيارات الكهربائية، أبرزها تصميم الدول الأوربية على كبح جماح الغازات الدفيئة ومكافحة التغير المناخي.
وقال الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون في فبراير الماضي: “لست سعيدا بتصنيع نسبة 100 % من مكونات بطاريات سياراتي الكهربائية في آسيا”.
تخلو أوروبا حاليا من أي مصنع كبير لتصنيع البطاريات، وترجح تقديرات نشرتها وحدة ماليات الطاقة الجديدة التابعة لوكالة بلومبرج أن تتمكن الشركات الأوروبية من منافسة نظيرتها الأمريكية بحلول عام 2025.
أوروبا تحذو حذو الصين
تعمل فرنسا وألمانيا على وضع تدابير لضخ مليارات اليورهات في صناعة البطاريات بتقدم دعم وتمويل حكومي للموردين.
وقال سفيكوفيك أن المفوضية الأوربية ستتبنى مقترح يلزم الحكومات الأوربية بدعم صناعة البطاريات بنهاية أكتوبر من العام الجاري. وتسعى الدولتان حاليا للحصول على الدعم اللازم من أسبانيا والسويد وبولندا.
ووافق بنك الاستثمار الأوربي في مايو الماضي على تزويد شركة نورث فولت بقرض بقيمة 350 مليون يورو لبناء مصنع لإنتاج البطاريات في السويد.
بناء شبكة موردين للمعادن النادرة
ويسعى سفيكوفيك إلى بناء شبكة موردين للمعادن النادرة المستخدمة في تصنيع البطاريات عن طريق ضخ قروض بمشاركة بنك الاستثمار الأوربي والبنك الأوربي لإعادة الاعمار والتنمية، متوقعا تدشين برنامج لتحقيق هذا الهدف بنهاية العام الجاري.
قام الاتحاد الأوروبي في مايو الماضي ببناء صندوق مخاطر بقيمة 100 مليون يورو بالاشتراك مع مؤسس شركة مايكروسفت بل جيتس ومستثمرين آخرين بغرض دعم التحول نحو الطاقة النظيفة.
وأشرفت المفوضية الأوروبية على بناء تحالف يضم ما لا يقل عن 260 شركة صناعية منها بي أس أ جروب وتوتال وسيمنز بغرض بناء قدرات تصنيع البطاريات في أوروبا.
250 مليار يورو قيمة سوق البطاريات عام 2025
يتوقع جيمس فريث محلل الطاقة المخزنة لدى وحدة ماليات الطاقة الجديدة في لندن أن أوربا بحلول عام 2025 ستمتلك نسبة 11 % من طاقات تصنيع خلايا البطاريات عالميا صعودا من 4% حاليا.
وتقدر المفوضية الأوربية أن سوق البطاريات سينمو إلى 250 مليار يورو سنويا بحلول 2025. وتقدر المفوضية أن تمويلات لا تقل قيمتها عن 100 مليار يورو تم ضخها بالفعل في بناء مصانع البطاريات أو مورديها في أوربا.
أوروبا تجذب استثمارات من شركات كورية
لا تمتلك أوربا حتى الآن سلسلة موردين للبطاريات، لكنها اجتذبت استثمارات من شركات كورية لبناء مصانع محلية مثل شركة LG Chem وشركة سامسونج أس دي أي وكذلك شركة CATL.
ومن المتوقع عدم حصول شركة واحدة على حصة الأسد من أي استثمارات أو دعم يتم ضخه، حيث سيتم توزيعها على العشرات من هذه الشركات بجانب شركة PSA و توتال التي تبني حاليا مصنع بطاريات في ألمانيا.
20 مصنعا لبناء البطاريات في أوروبا
يخطط سفكوفيك لبناء عدد يترواح بين 10 إلى 20 مصنع لتصنيع البطاريات في أوربا، كما يخطط للاعتماد على المساهمات البحثية المقدمة من تحالف البطاريات الأوربية. وتشكل البطاريات ثلث قيمة السيارات الكهربائية.
وتسعى شركة نورث فولت NorthVolt لأن تصبح واحدة من كبريات الشركات المصنعة للبطاريات وتزويد شركات تصنيع السيارات الأوربية مثل بي أم دبليو بما تحتاجه من بطاريات.
وقال المدير التنفيذي لشركة نورث فولت بيتر كارلسون:” إذا أردنا أن نصبح واحدة من كبريات الشركات المصنعة للبطاريات في أوربا بحلول عام 2030 فيجب أن نصنع طاقات تخزينية تصل إلى 150 ميجاوات في الساعة.”
ألمانيا تقود سباق بناء البطاريات
فقدت ألمانيا هيمنتها على صناعة الطاقة الشمية في العقد الماضي، مما يجعلها تسعى لتعويض هذا عن طريق قيادة سباق بناء البطاريات. كانت ألمانيا أكبر دولة منتجة للخلايا الشمية في مطلع القرن الواحد والعشرين قبل أن تطيح بها الشركات الصينية المدعومة بقروض حكومية.
ويخشى وزير الاقتصاد والطاقة الألماني بيتر التمير هروب وظائف مرتبطة مباشرة بتصنيع السيارات وانتقالها إلى آسيا على حساب ال 800 ألف وظيفة المتواجدة حاليا في ألمانيا.
الدعم الحكومي سبب تفوق الشركات الصينية
ذكر موقع جلوبال تايمز نقلا عن جيا اكسنجونج المحلل في مجال صناعة السيارات أن الصين تمتلك حاليا قدرات تكنولوجية متقدمة في مجال تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية لا تقدر على مجاراتها الولايات المتحدة أو أوربا.
وأضاف:” الدعم الكامل من الحكومة الصينية لشركات تصنيع المركبات الكهربائية لعب دورا مهما في تحقيق التفوق الصيني.”
وقال تشين زينكسن رئيس شركة SAIC Motor أن الدعم الحكومي ساهم في الدفع قدما بتطوير صناعة السيارات الكهربائية وتسريع البحوث في التكنولوجيات الأساسية.
قدمت الصين خلال السنوات القليلة الماضية معونات ضخمة لشركات تصنيع السيارات الكهربائية بهدف تسريع معدلات نمو القطاع. وتخطط الصين لوقف هذه المعونات بنهاية عام 2020.