قال وسام فتوح، أمين عام اتحاد المصارف العربية ، إن استمرار انتشار فيروس كورونا ربما يدفع البنوك إلى زيادة المخصصات المالية تحسباً لتعثر العملاء عن سداد القروض، فى ظل الانكماش المتوقع للاقتصاد العالمى وتباطؤ حركة التجارة والإنتاج والقيود المفروضة على عمليات السفر والسياحة، مشيراً إلى أن زيادة المخصصات ستؤثر سلباً بطبيعة الحال على الأرباح المتوقعة للبنوك.
وتابع فى تصريحات على هامش مؤتمر رؤساء إدارات المخاطر بالبنوك، الذى اختتم أعماله أمس بمدينة الغردقة: “ما يقلق البنوك العربية والعالمية الآن فى رأيى هو مدى تأثير الفيروس على قدرة المقترضين على سداد التزاماتهم، وكيفية التحوط لهذا الخطر”.
توجيهات بالبدء فى إعداد دراسة متكاملة عن تداعيات انتشار الفيروس على القطاع المصرفى
وكشف عن إصدار توجيهات للبدء من خلال اتحاد المصارف العربية فى إعداد دراسة متكاملة عن تأثير كورونا على بنوك المنطقة، والاحتياطات التى يجب اتخاذها لتجنب أو تقليص تداعياته السلبية على جودة الأصول التى تمتلكها المصارف.
البنوك ستكون أكثر حذراً فى منح قروض جديدة للعملاء
وقال فتوح إن تأثيرات كورونا لا تنعكس فقط على قدرة الشركات على سداد القروض، لكن توقعاتى الشخصية أنه سيكون هناك تحفظ كبير على عمليات منح قروض جديدة بسبب الخوف من الركود المتوقع.
تدشين غرفة ذكية للتدريب بالاتحاد كإجراء احترازى
وأكد أن انتشار الفيروس يعد أكبر تحدٍ يواجه المنظمات والمؤسسات على مستوى العالم منذ سنوات، موضحاً أن التحديات الأخرى سواء الأمنية أو السياسية يمكن تجاوزها ببعض الترتيبات والتنسيق، مشيراً إلى قيام اتحاد المصارف العربية، فى تعامله مع تداعيات الفيروس، بتهيئة البنية التحتية التكنولوجية لعقد دورات تدريبية عبر الإنترنت، وتم إنشاء غرفة ذكية بمقر الاتحاد بلبنان.
وحول عقد مؤتمر بمدينة الغردقة فى ظل تأجيل وإلغاء العديد من المؤتمرات حول العالم بسبب تفشى كورونا، قال فتوح: كنا مصرين على عقد المؤتمر فى موعده لثقتنا فى إجراءات السلامة المصرية، مشيراً إلى حرص العديد من الوفود العربية على المشاركة فى الفاعليات التى امتدت 3 أيام.
ونوه بالمخاطر الشديدة لفيروس كورونا على الاقتصاد العالمى، مشيراً إلى أن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OCED، خفضت توقّعاتها لنمو الاقتصاد العالمى بنصف نقطة مئوية إلى %2.4، وهو أدنى مستوى منذ أزمة 2008 / 2009 المالية.
وتابع: حال استمر تفشى الفيروس لفترة أطول وأصبح أكثر قوة، فإنه من المتوقع تراجع النمو إلى %1.5 فقط بنهاية العام الجارى، بدلاً %2.9 العام الماضى ،ودخول منطقة اليورو واليابان إلى دائرة الركود.
وقال إن الاقتصاد العالمى فى الأساس يواجه خطر حدوث انكماش فى الربع الأول من العام بحسب تقارير دولية، لافتاً إلى بيانات معهد التمويل الدولى التى كشفت مؤخراً عن نزوح 9.7 مليار دولار من أسهم الأسواق الناشئة فى فبراير الماضى، فى ظل مخاوف من انتشار فيروس كورونا.
وعن الأثر على البورصات العربية قال : تكبدت معظم الأسواق خسائر فادحة فى بعض أيام التدوال، وباتت الأسواق المالية العالمية تتداول حالياً وسط مخاوف متزايدة من إمكانية تأثر الاقتصاد العالمى بتفشى فيروس كورونا، ما أدى لتسجيل العديد من الأسواق خسائر يصل مداها إلى %20، خلال الثلاثة أسابيع الماضية، تمثل الانخفاضات الحادة التى طالت أسعار النفط.
أتوقع إقبالا على الخدمات عبر الإنترنت لتجنب الذهاب للفروع
وتوقع أمين عام اتحاد المصارف العربية أن تتسبب حالة الفزع التى يحدثها فيروس كورونا حول العالم، فى زيادة حجم نشاط الخدمات المصرفية عبر شبكة الإنترنت على نحو كبير، مشدداً على ضرورة توسيع قاعدة تلك الخدمات لمواجهة أى أزمات شبيهة.
مصر الأولى عربياً فى نمو أصول البنوك بنسبة %20.5
وحول مؤشرات القطاع المصرفى العربى بنهاية 2019، قال إن مصر سجلت أعلى معدل نمو فى إجمالى الأصول البنكية بنسبة بلغت %20.5 العام الماضى، لتصل إلى 365.026 مليار دولار، مقارنة مع 303.255 مليار نهاية 2018، كما جاءت فى المرتبة الأولى أيضا من حيث نسبة النمو الاقتصادى التى بلغت %5.6، مقابل متوسط %1.7 بمنطقة الخليج.
3.7 تريليون دولار حجم القطاع المصرفى العربى بنهاية 2019 و2.3 تريليون للودائع.. 2 تريليون للقروض.. 431.1 مليار رؤوس الأموال
وقال فتوح إن إجمالى أصول القطاع المصرفى العربى سجلت 3.7 تريليون دولار بنهاية العام الماضى، وبلغت الودائع 2.4 تريليون دولار، والقروض 2 تريليون دولار، مشيراً إلى استحواذ السعودية والإمارات على الجزء الأكبر من تلك الأصول بنحو %40، بقيمة 700 مليار دولار للأولى، و800 مليار للثانية.
وأشار إلى جودة أصول البنوك المصرية، وتسجيل نسبة القروض للودائع مستوى %44 تقريباً، وهو مستوى جيد يساهم فى تفادى البنوك الكثير من المخاطر المتعلقة بالائتمان، ويدل على مدى صلابة القطاع المصرفى وقدرته على مواجهة الأزمات.
وأشاد فتوح بنجاح برنامج الإصلاح الإقتصادى المصرى، لافتا إلى نجاح مصر فى استعادة الثقة وتحقيق تحسّن كبير فى المؤشرات الاقتصادية، لافتاً إلى أن بيانات صندوق النقد الدولى تشير إلى زيادة النمو الاقتصادى من %4.35 عام 2016 إلى %5.51 بنهاية العام الحالى، ومن المتوقع أن تكون نسبة النمو فى حدود %6 خلال السنوات الخمس القادمة، وهى من أعلى نسب النمو الاقتصادى التى تسجلها الدول النامية.
وتابع: “تماشياً مع تحسن الأوضاع الاقتصادية تراجعت البطالة فى مصر من %12.7 عام 2016 إلى %10.9 فى 2018، ومن المتوقع أن تنخفض إلى %8.6 بنهاية العام الحالى مع استمرار انخفاضها تدريجياً إلى حوالى %5.4 خلال 5 سنوات، ويعود ذلك بشكل أساسى للمشروعات القومية الكبيرة التى تحتاج لعمالة كثيفة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وأنفاق قناة السويس، وشبكة الطرق الجديدة، ومشروع المليون ونصف المليون فدان وغيرها”.
فقدان الثقة فى المصارف أحد أسباب أزمة لبنان.. وأستبعد تحرير سعر الليرة فى الوقت الحالى
وحول الأزمة الإقتصادية فى لبنان قال أمين عام المصارف العربية، إن المشكلة جاءت بسبب فساد الحكومات السابقة، لكنها تفاقمت بالأساس نتيجة فقدان الثقة فى القطاع المصرفى بشكل تام، بسبب مخاوف العملاء من عدم القدرة على استرداد أموالهم أو تحويلها للخارج، ما دفعهم للجوء للتعاملات الكاش، كما سجل القطاع المصرفى معدل انكماش للأصول بلغ %13 العام الماضى.
تابع: “أرى أن الأزمة لم يتم إدارتها بشكل جيد منذ البداية، وتم إغلاق المصارف ورفض التحويلات، وكذلك القرار الأخير الخاص بتكبيل يد عدد من البنوك رؤسائها فى التصرف بأصولها، وهو القرار الذى تم تجميده”.
وحول إمكانية لجوء لبنان للاقتراض من صندوق النقد الدولى للبدء فى إجراءات الإصلاح وحل الأزمة، قال إن المواطن اللبنانى لن يتحمل شروط الصندوق، التى من بينها رفع الدعم وتحرير سعر الليرة، وقد تدفع تلك الإجراءات باتجاه ثورة شعبية ثانية، مشيراً إلى إمكانية اللجوء للدول المانحة كبديل لقرض الصندوق، ولفترة مؤقتة لحين تحرك عجلة الاقتصاد.
الغردقة – محمد سالم