نفذت الحكومة الاتحادية الأمريكية أول حكم بالإعدام منذ ما يقارب العقدين من الزمن، باستخدام حقنة قاتلة، مع دانيال لي المُدان بقتل أسرة من كنساس عام 1990، بهدف بناء دولة للبيض فقط، في شمال غرب الباسيفيك، حسبما ذكرت وكالة يورو نيوز.
وقد تم تنفيذ الحكم رغم اعتراض أقارب الضحايا، وبعد أيام من الجدل القانوني والتأجيل.
لي البالغ من العمر 47 عامًا، من يوكون في أوكلاهوما، أعلن براءته قبل إعدامه بالسجن الفيدرالي في تيري هوت، وقال: “لست الفاعل، ارتكبت الكثير من الأخطاء في حياتي، لكنني لستُ القاتل، أنتم تقتلون شخصًا بريئًا”.
وقد أثارت عملية الإعدام، وعمليتان من المقرر تطبيقهما خلال هذا الأسبوع، حفيظة منظمات حقوقية في المدينة، وأقارب لي، الذين رفعوا دعوى قضائية طالبوا فيها بوقف التنفيذ.
ويرى المعارضون لحكم الإعدام أن الحكومة أقدمت على هذا القرار لتحقيق مكاسب سياسية.
روث فريدمان، محامي لي قال:”من العار أن ترى الحكومة أنه من المناسب تنفيذ الإعدام، خلال تفشي فيروس كورونا، وأن تنفذه على عجالة”.
وبات من المرجح أن تزداد المطالبات بإصلاحات قضائية في الفترة التي تسبق الانتخابات المقرر إجراؤها في نوفمبر من هذا العام.
وحُكم على دانيال لي بالإعدام سنة 1999 لإدانته بتهمة قتل زوجين وطفلة في الثامنة من العمر، علمًا بأنه من مؤيدي نظرية تفوّق العِرق الأبيض.
ووضعت الإدارة الجمهورية على جدول التنفيذ إعدامين آخرين على الصعيد الفيدرالي هذا الأسبوع، وإعدامًا رابعًا في 28 أغسطس، مشدّدة على أنها تفعل ذلك “باسم العامة وعائلات” الضحايا.
وهذه الإعدامات كلها هي لرجالٍ صدرت في حقهم أحكام بالإعدام من محاكم فيدرالية لقتلهم أطفالًا.
وفي الولايات المتحدة تصدر أكثرية الأحكام في القضايا الجُرمية على مستوى الولايات، لكن يمكن الاحتكام إلى القضاء الفيدرالي في الملفات الأكثر خطورة (اعتداءات أو جرائم عنصرية على سبيل المثال)، أو في الجرائم المرتكبة في القواعد العسكرية أو بين ولايات عدة أو في محميات السكان الأصليين.
وفي السنوات الـ45 المنصرمة نُفذ حكم الإعدام بثلاثة أشخاص فقط على المستوى الفيدرالي، بينهم تيموتي ماكفاي المسؤول عن هجوم أوكلاهوما سيتي الذي أوقع 168 قتيلًا في 1995. وآخِر مرة نُفذ فيها حكم فيدرالي بالإعدام كانت في 2003.
غير أن وزير العدل بيل بار فاجأ الجميع بإعلانه قبل عام عزمه على تنفيذ أحكام الإعدام مجددًا على المستوى الفيدرالي. وبعد سلسلة من التقلبات القضائية حدّد بار في يونيو الماضي جدول الإعدامات، فيما كانت أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ تتزايد مجددًا في مناطق عدة من الولايات المتحدة.
إلا أن تنفيذ عملية إعدام يستلزم مشاركة عدد كبير من الأشخاص، منهم “موظفو السجن والمحامون وأقارب الضحايا أو المحكوم عليه والصحفيون والكاهن…”، حسبما شرح مدير مركز المعلومات عن عقوبة الإعدام روبرت دانهام.
ووصف دانهام بـ”غير المسئول” قرار “تنفيذ هذا العدد من عمليات الإعدام في وقت قصير إلى هذا الحد”، في ظل أزمة فيروس كورونا المستجدّ، مستنكرًا “تسخير عقوبة الإعدام لأهدافٍ سياسية”.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن تأييد الأميركيين لعقوبة الإعدام تراجع، لكنه لا يزال قويًّا في صفوف الناخبين الجمهوريين، الذين يؤيدون بنسبة 77% إنزال هذه العقوبة بمرتكبي جرائم القتل.
ومن ثم فإن ترامب، الساعي إلى الفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي تُجرى في 3 نوفمبر المقبل، يطالب باستمرارٍ أمام مناصريه بتعزيز استخدام العقوبة القصوى بحق قاتلي عناصر الشرطة، أو بحق تجار المخدرات.
ومع اقتراب موعد تنفيذ حكم الإعدام بدانيال لي، صدرت مواقف عدة تناشد ترامب الرأفة به.
وفي رسالة مفتوحة إلى ترامب، قالت إيرلين بترسون، والدة نانسي مولر التي قُتلت في العام 1996 “بصفتي من مناصري الرئيس ترامب، أصلّي لكي يسمع رسالتي: إن إعدام داني لي لقتله ابنتي وحفيدتي، ليس ما أريده، وسيسبب لعائلتي المزيد من الألم”.
وإذ لاحظت السيدة البالغة الحادية والثمانين أن رجلًا آخر أدى دورًا رئيسيًّا في جرائم القتل لم ينل سوى عقوبة بالسجن مدى الحياة، أضافت: “نعتقد أن هذا ما يستحقه السيد لي”.
وفي موازاة ذلك، تقدمت بترسون مع أفراد آخرين من عائلة الضحايا، بطلب قضائي لإرجاء تنفيذ الحكم، بحجة المخاوف من الإصابة بفيروس كورونا المستجدّ، معتبرين أن من المستحيل عليهم الاختيار بين ضرورة احترام صحتهم، ورغبتهم في ممارسة حقهم في متابعة اللحظات الأخيرة للمحكوم.
وأيّدت محكمة من الدرجة الأولى، مساء الجمعة، طلب العائلة، لكنّ محكمة الاستئناف فسخت الحكم، الأحد، بناء على مراجعة بصفة العجلة.
وكان نحو ألف مسئول ديني من الكاثوليك والإنجيليين قد دعوا الرئيس ترامب إلى “التركيز على حماية الحياة، لا على عمليات الإعدام” في زمن جائحة “كوفيد- 19”.
كذلك دعا الاتحاد الأوروبي، الجمعة “الإدارة الأميركية الى إعادة النظر في (هذا القرار) وعدم المضي قدمًا في عمليات الإعدام الفيدرالية، فهذا القرار يتعارض مع الاتجاه العام في الولايات المتحدة وحول العالم لإلغاء عقوبة الإعدام، سواء في القوانين أو الممارسة”.
وفي الواقع، لم تنفذ في الولايات المتحدة سوى 22 عملية إعدام عام 2019 وسبع منذ مطلع السنة الحالية.