في أحدث دراسة تناقش الوضع االاقتصادي الراهن، صرح كبار المديرين التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط بتفاؤلهم حيال الوضع الاقتصادي والتوقعات المستقبلية لشركاتهم واستثماراتهم في المستقبل، وذلك بالرغم من عدم وضوح الوضع الاقتصادي. وأتى ذلك في دراسة استطلاعية لتوقعات الإنفاق العالمي على الأعمال لعام 2019 الذي أصدرته أمريكان إكسبريس الشرق الأوسط مع مؤسسة إنسستيوشنال إنفستر اليوم.
وتستند نتائج هذه الدراسة المشتركة، التي أجرتها أمريكان إكسبريس مع مؤسسة إنستتيوشنال إنفستور، على دراسة استقصائية عالمية، شارك فيها 901 من المدراء الماليين التنفيذيين وغيرهم من كبار المديرين التنفيذيين الماليين لشركات تبلغ إيراداتها السنوية 500 مليون دولار أو أكثر. حيث يتواجد 180 من هؤلاء المشاركين في الاستبيان في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والبحرين. وقد تم إجراء هذه الدراسة في أواخر شهر نوفمبر من العام 2018، وهي السنة الثانية عشر على التوالي التي يتم فيها إجراؤها.
وعلى الرغم من أن كبار المسؤولين التنفيذيين يشيرون إلى أنه من غير المحتمل أن يشهدوا نموا في الاقتصاد في المنطقة كما حدث في العام الماضي (72٪ في 2019 مقابل 92٪ في 2018) بسبب انخفاض أسعار النفط، إلا أن توقعات النمو في الشرق الأوسط تتماشى مع التوقعات في جميع أنحاء العالم. حيث يتوقع 71٪ من المشاركين في الاستبيان توسعًا كبيرًا أو معتدلا في بلدانهم الأصلية. وعلاوة على ذلك ، فإن توقعات النمو في المنطقة تراوحت بين 67 % من المشاركين في البحرين توقعوا زيادة مرتفعة أو معتدلة، وحتى نسبة 77 ٪ في مصر.
ولكن 10٪ فقط من كبار المديرين التنفيذيين في مجال التمويل من الشرق الأوسط يتوقعون حدوث تباين في الانكماش بين قليل أو كبير في عام 2019. ومن بين المشاركين يتوقع 72٪ منهم أن يشهدوا نمواً في عام 2019، حيث يتوقع 45٪ منهم حدوث توسع معتدل بينما يتوقع 27٪ منهم حدوث توسع اقتصادي كبير. وقد شهد غالبية المديرين التنفيذيين بارتفاع إيرادات شركاتهم في جميع أنحاء العالم في عام 2018 ، وأظهرت منطقة الشرق الأوسط أداءً قويًا على مستوى الشركات مقارنةً بأوروبا وآسيا.
وفي هذا السياق، صرح السيد مازن خوري ، الرئيس التنفيذي لشركة أمريكان إكسبريس الشرق الأوسط، “على الرغم من العمل في أوقات غير ثابتة ، فإن كبار المسؤولين الماليين في المنطقة على أعمالهم اليومية لكنهم يراقبون المستقبل”، “بينما يعملون على موازنة الإنفاق للدفع بعجلة النمو إلى الأعلى مع زيادة الأرباح، إلا أنهم يمضون قدماً في خطط التوسع ، والتي تشمل متابعة فرص التجارة الخارجية ، والتوظيف والاستثمار في تكنولوجيا الجيل التالي”.
التجارة الخارجية تمسك بزمام قيادة النمو في الشرق الأوسط
وقد بين استطلاع هذا العام أنه على الرغم من عدم اليقين حول ما سيحصل للتجارة العالمية، فقد توقعت الغالبية، بنسبة (64٪)، من كبار المديرين التنفيذيين في الشرق الأوسط أن تؤدي التغيرات الاجتماعية والاقتصادية وسياسة التجارة العالمية إلى تعزيز آفاق نمو شركاتهم في المستقبل القريب، بينما 5٪ فقط من كبار المسؤولين التنفيذيين يعتقدون أن هذه القضايا سوف تضعف آفاق النمو.
وتتوافق وجهة النظر هذه مع المشاركين من جميع أنحاء العالم، حيث يعتقد 66 ٪ أن التغيرات الاقتصادية والسياسة التجارية العالمية ستقوي فرص نمو شركاتهم.
وبالإضافة إلى ذلك ، فقد أشارت الدراسة إلى أن توسع التجارة الخارجية سوف يعتمد بشكل أكبر على الاستراتيجيات الذاتية بدلا من الشراكات التقليدية، وذلك بقيام الشركات على الأرجح بتوسيع نطاق العمليات الأجنبية (75٪) واستخدام الإعلام الألكتروني عبر الإنترنت لبرامج التسويق (70٪) لمتابعة فرص النمو العالمية. وتعتبر هذه الاستراتيجيات (التي يمكن للشركة أن تتحكم بها) هي المفضلة بدلا من الشراكات والتحالفات المحلية في الأسواق الخارجية وهي تمثل نسبة (58٪)، ونسبة وتوطين المنتجات/الخدمات (48٪)، إذ يشير ذلك إلى أن هناك نهجًا أكثر ذكاءً للتجارة الخارجية ينتشر في الشرق الأوسط.
الابتكار التكنولوجي وتقنيات الجيل التكنولوجيا القادم على قمة أولويات الاستراتيجية والإنفاق للشركات
يعتبر التحول الرقمي من المواضيع الرئيسية بالنسبة لأغلب المؤسسات في المنطقة، فقد كشفت دراسة هذا العام أيضًا عن وعي متزايد بالتأثير المذهل لتكنولوجيا الجيل-التالي على متغيرات التنافسية داخل الصناعات (ارتفاع يصل إلى 31٪، عما كان عليه 23٪ في العام الماضي ). وقد تراجعت توقعات حدوث خلل كبير في عمليات الشركة وأدائها (16٪ مقارنةً بنسبة 18٪ في العام الماضي) أو في البلدان (14٪ ، انخفاضًا عن 21٪ العام الماضي). من بين تلك الصناعات التي شملتها الدراسة الاستقصائية، ومن المرجح أن تتوقع صناعات الترفيه / السفر (43٪) ، وتجارة الجملة/التجزئة (41٪) والبناء (38٪) حدوث خلل كبير في المتغيرات التنافسية للصناعة.
وعندما تم طرح التساؤل عن أكبر التحديات التكنولوجية التي تواجه الوضع الاقتصادي، أشار المدراء التنفيذيين الماليين في دراسة هذا العام إلى أن أكبر التحديات هو تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي (59٪) وتطبيقات Fintech للمدفوعات وإدارة المخاطر أو إدارة الاستثمار (48٪) وإنترنت الأشياء، والتي تشمل أجهزة استشعار مدمجة وأجهزة الاتصال بالإنترنت في كل مكان (43٪).
وفي ظل هذه الظروف، وبالتوازي مع التركيز على الجيل القادم ، فإن العديد من الشركات في الشرق الأوسط أضحت تستثمر في هذه التقنيات الناشئة. وأكثرها شيوعًا هي تقنية الذكاء الاصطناعي، حيث أشار 66٪ من المشاركين في الدراسة إلى أن هذا كان مجال التركيز الرئيسي لها (ومثل ذلك ارتفاعًا من 40٪ في عام 2018). وشملت مجالات التركيز الأخرى أيضا تقنية إنترنت الأشياء (57٪ في 2019 مقابل 24٪ في 2018)، والخدمات التكنولوجية المالية “فينتيك” (44% في 2019 مقابل 27 % في 2018).
استمرار ظهور “الجيل Z”
ومن أبرز المواضيع الرئيسية التي تم التطرق لها في استطلاع هذا العام هو استمرار ظهور “الجيل Z” في الساحة الاقتصادية، حيث تمثل هذه الظاهرة “الزبون والموظف” في نفس الوقت. ويمثل هذا الجيل شريحة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 24 عامًا وتبلغ نسبتهم بين 50٪ و 65٪ من سكان الشرق الأوسط ، ويعتقد كبار المديرين التنفيذيين في المنطقة أن شركاتهم على اهبة الاستعداد لهذا الجيل (“الجيل Z”) والتغيرات التكنولوجية والاقتصادية التي يجلبونها معهم.
وقد استجاب 81٪ من المشاركين في الاستبيان بهذه العبارة، “لدى شركتي خطة طويلة الأجل تراعي التغيرات التكنولوجية والديومغرافية والاقتصادية على مدى 5-10 سنوات القادمة” وقد أوضح أيضا 78٪ من المشاركين بالآتي “لشركتي استراتيجيات واضحة لجذب المستهلكين “الجيل Z” المولودون بين عامي 1995 و 2005″.
احتدام المنافسة لاستقطاب المواهب تتخطى المكافآت المالية
ومن جهة أخرى، سوف تستمر الشركات في جميع أنحاء المنطقة في التنافس على استقطاب المواهب في سوق تنافسي جدا حتى العام المقبل، إلا أن كبار المسؤولين التنفيذيين في المالية ينظرون إلى حوافز أخرى غير مادية لاستقطاب أفضل الكفاءات والمهارات من الموظفين والاحتفاظ بهم.
في الشرق الأوسط ، يتوقع 61٪ من كبار المديرين التنفيذيين زيادة عدد موظفي شركاتهم في جميع أنحاء العالم بين 8٪ إلى 15٪. في المتوسط، كما سينمو عدد الموظفين بنسبة 8.6 ٪ للشركات في جميع أنحاء المنطقة، أي أقل نسبيا من المتوسط العالمي الذي يبلغ 9.2 ٪.
ومع ذلك، فإن هذه الزيادة لن تكون مصحوبة بزيادة كبيرة في المكافآت المالية. وبدلاً من ذلك، فإن الشركات سوف تركز على تحسين فرص التطوير الوظيفي وبيئات العمل. وعلى صعيد آخر، فإن 31% فقط من المشاركين ينوون رفع الأجور أو الرواتب لجذب الموظفين والاحتفاظ بهم في عام 2019. وبدلاً من ذلك، فإن الشركات ستقوم بتوسيع فرص التطوير الوظيفي (بنسبة 56٪)، وتحسين بيئات العمل من خلال إعادة هيكلة المساحات المكتبية وزيادة وسائل الراحة (بنسبة 56٪)، والسماح بمزاولة العمل بأوقات مرنة (بنسبة 45 ٪).