قال الدكتور علاء العسكرى؛ أستاذ التأمين بكلية التجارة بجامعة الأزهر، إن هناك نوعين من المخاطر الطبيعية التى تنوء بها البلدان، الأول هو الخطر العام، والذى يلحق الضرر بعدد هائل من السكان ومجتمع كبير من البشر، مما يعد كارثة طبيعية، بينما الآخر هو «الخاص»، بمعنى أنه لا يلحق ضررا سوى بعدد محدود من البشر ومجتمع محصور ولا يوصف بالعمومية، ولذلك فإن النوع الأول لا يمكن لشركات التأمين تحمله ولا يقبله معيدو التأمين من الأساس، بينما الآخر يمكن حصره وتحديد أقساطه وإرفاقه بوثائق التأمين من خلال ملاحق خاصة تحدد كل خطر ومدى تحمل الشركات له، ولا توجد له وثائق منفردة، نظرا للأمن المناخى المعتاد بمصر، والذى ابتدأ فى التغير حديثا.
وأرجع ضعف انتشار هذا النوع من التأمين -بإلحاق المخاطر الطبيعية بالوثائق- إلى انخفاض التوعية المطلوبة بأهميته، فضلا عن ارتفاع أسعار تلك التغطيات باتفاقيات الإعادة العالمية، مشيرا إلى أن انخفاض الوعى التأمينى بمصر إلى عائد إلى مستويات الدخول بها، مقارنة بالأسواق الأخرى التى ترتفع فيها مستويات الدخول ويرتفع فيها الإقبال على شراء الخدمات التأمينية، حيث إن ن الفرد قد يكون مدركا لأهمية التأمين لكنه لا يعلم أى نوع من المنتجات هو فى احتياج إليه.
وأوضح أن بعض الأخطار الطبيعية قد تُلحق خسائر فادحة بالمالية العامة؛ إذ يتعين على الحكومات تغطية تكاليف جهود الطوارئ والإغاثة، وكذلك عمليات إعادة الإعمار، ومع ذلك، فإن معظم هذه البلدان غير قادرة على الوصول إلى أسواق التأمين الدولية، لتغطية نفسها ضد تلك الالتزامات الطارئة.
وأشار إلى أن إنشاء مجمعة للكوارث الطبيعية قد غدا ضروريا جدا بعد التغيرات المناخية العنيفة وغير المتوقعة، فقد باتت مصر تجتاحها أمطار غزيرة وارتفاع فى درجات الحرارة والبرودة؛ الأمر الذى يؤدى إلى عديد من الخسائر، سواء بالممتلكات أو على حياة الإنسان، مطالبا بفرض التأمين على الكوارث الطبيعية فى بعض أنواعه، مما يسهم فى رفع عبء التعويضات عن الخزانة العامة للدولة.
وأشاد بنجاح فكرة المجمّعات التأمينية عمليا، فيما لاحظه بعين أكاديمية؛ إذ هى تخفف عبء وقع الخسارة على الشركة الواحدة من كيانات المجال، بما تعمل به من إستراتيجية توزيع الضرر على العديد من مؤسسات القطاع.
وعزا عدم اهتمام العميل بقراءة الشروط والاشتراطات الموجودة بوثيقة التأمين إلى قلة الوعى، مما قد يتسبب فى ظهور مشاكل عديدة مع الشركات، فضلا على أن عدم الالتزام بتنفيذ توصيات شركات التأمين عند معاينة الممتلكات المراد تأمينها وإعطاء الأولوية المطلقة لسعر التأمين وقيمة القسط بغض النظر عن الخدمة التأمينية المقدمة من خلال الشركة أو المنتج التأمينى الذى يفى باحتياجاته من عدمه.
وأضاف إلى أسباب قلة الوعى التأمينى؛ شعور الأفراد بعدم أهمية الأخير وأن التكلفة التى يدفعها لشراء التأمين عبء وثقل يرهق ميزانيته، مشيرا إلى وجوب الرجوع للهيئة العامة للرقابة المالية للاستفسار عن المسائل التأمينية التى قد تواجه العميل، الأمر الذى يزيد من الوعى بدور الهيئة فى حماية حقوق حملة الوثائق والمستفيدين منها.
وبيّن أن الوعى التأمينى لدى المتعاملين ما زال موضوع الساعة وكل ساعة بالنسبة لقطاع التأمين، حيث يعد من أبرز مشكلاته ويحتاج إلى أساليب مبتكرة لتنميته لدى الأفراد والعملاء، من خلال استصدار مجموعة من التأمينات الإجبارية، إذ لا بد من مخاطبة الدولة لإصدار تشريعات جديدة تعمل على إلزام المجتمع بشراء أنواع من التأمين بشكل إجبارى، مثل إلزام أصحاب الأعمال بشراء تأمين مسئولية رب العمل، نظرا لارتباطه بحجم الضرر الواقع على العامل، وكذلك مسئولية المنتجات وغيرها من الأنواع، وتأمينات المسئولية المهنية للعديد من أصحاب المهن وتأمين المنشآت بقيمة أقساط منخفضة.
وثمّن من ضرورة تطوير المنتجات، بابتكار منتجات تأمينية جديدة تلبى رغبات قطاع كبير من العملاء، وتحسين المنتجات الموجودة بما يتناسب واحتياجات السوق المصرية، وعدم الاعتماد على الأساليب النمطية، فضلا على وجوب أن تتابع شركات التأمين مستوى قياس خدمة العملاء، بهدف تحقيق السرعة الواجبة لمواجهة مشاكلهم وإيجاد حلول لها.
ودعا الشركات للاتجاه إلى التأمينات الصغيرة ومتناهية الصغر، والتى تستهدف الفئات الفقيرة، حيث إن عليها دور كبير فى التوعية بفوائد التأمين، من خلال توفير التغطيات التى تتناسب مع دخول واحتياجات تلك الفئات، كما تولى نسبة كبيرة من الشركات العاملة بالسوق أهمية كبيرة لهذا النوع من التأمين، فى إطار دورها فى حماية محدودى الدخل.
والجراف التالى يوضح الخسائر الاقتصادية إثر الكوارث الطبيعية للعامين 2021 و2022 ومتوسط الـ10 سنوات الماضية: