تشهد أسهم المضاربات فى البورصة المصرية تراجعات متتالية منذ ما يُقارب شهرين من التداولات فى السوق، الأمر الذى أفقد المؤشر السبعينى للأسهم الصغيرة والمتوسطة «egx70ewi» قدرته على تحقيق أى قمم جديدة فى حركة المؤشر الفنية، ليدخل فى خندق هبوط متتالٍ خلال تلك الفترة.
ورصدت «المال» حركة مؤشر «egx70ewi» منذ 5 سبتمبر الماضى والتى شهدت بداية الحركة المتراجعة للمؤشر، الذى سجل تراجعًا بما يَقرب من %23 فى غضون شهرين من التعاملات.
ورصدت «المال» تحركات شريحة عشوائية من الأسهم المكونة لمؤشر « EGX70» وذلك فى الفترة من جلسة 5 سبتمبر الماضى، وأظهرت تراجعًا كبيرًا، إذ سجل سهم «الخليجية الكندية» بتلك الفترة هبوطًا بنسبة %76، بينما هبط «العربية الإسلامية للتنمية العمرانية» بنسبة %64، مع تراجع سهم «الشمس للإسكان والتعمير» بنحو %58، و انخفاض سعر سهم «الإسماعيلية للدواجن» بنسبة %47 بالإضافة إلى تراجع سهم «المنصورة للدواجن» بنسبة %44.
خبراء يرجحون استمرار التراجعات خلال الفترة المقبلة
استطلعت «المال» أراء مجموعة من خبراء سوق المال، للوقوف على الأسباب الحقيقة للتراجع، بجانب معرفة مستقبل تحركات المؤشر مع رسم صورة عن قرب لحركة الأسهم المقيدة بهِ خاصة فى ظل العوامل المؤثرة الحالية والمتعلقة بقرار الجهات الرقابية بإيقاف التعاملات على بعض أسهم المضاربات وفتح تحقيقات بغرض بحث تعاملاتها الأخيرة.
يُذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية فى إطار قراراتها لحماية المتعاملين فى السوق، أقرت إيقاف أكواد 3 متعاملين فى البورصة، وهم أحمد فاروق أحمد عبداللطيف، وأحمد جلال حامد سيد أحمد، وأحمد محمد نبيه، ومنعهم من التعامل بالشراء على أسهم «زهراء المعادى» و«الإسماعيلية الجديدة للتطوير» و«رواد السياحة».
فيما قررت إدارة البورصة المصرية إدراج 3 شركات هى النصر لتصنيع الحاصلات، والخليجية الكندية وشمال الصعيد «نيوداب» فى قائمة (د) -تضم الأوراق المالية المحتمل أن يتم شطبها- مع وضع شركتين تحت الملاحظة، وهما «العقارية للبنوك» و«الإسماعيلية للتطوير» لدراسة أوضاعهما وبحث نقلهما إلى القائمة (د).
واتفق الخبراء على أن تخوفات الأفراد جراء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية بداية العام المقبل، قد تكون هى العامل الرئيسى الذى دفعهم لمحاولة تسييل محافظهم من الأسهم والتخارج ببحث أوعية استثمارية أخرى، أو البقاء فى سوق الأسهم و التعامل بشكل انتقائى والتركيز على الأسهم ذات القيمة الحقيقية.
فيما أشاروا إلى أن هناك عاملا آخر يرتبط بحالة التشبع التى وصلت لها أسهم المضاربات مؤخرًا وتحقيقها لقمم كبيرة، مما دفع لظهور عمليات بيع قوية بها، موضحين أن استمرار البيع أدى إلى تراجع الأسهم مما اضطر لظهور تفعيل جبرى لعمليات «المارجن كول» وتفعيل حدود وقف الخسائر على الأوراق المالية، إلى جانب قرار الجهات الرقابية بوقف تعاملات بعض الأسهم.
كانت الجريدة الرسمية نشرت مؤخرًا قرار وزارة المالية رقم 428 لسنة 2021 بشأن إصدار دليل قواعد المعالجة الضريبية للأرباح الرأسمالية الناتجة عن التصرف فى الأوراق المالية والحصص وأذون الخزانة وضريبة الدمغة على التعامل فى الأوراق المالية، ونص الدليل على تطبيق ضريبة %10 على صافى أرباح التعامل فى البورصة على المقيمين، على أن يبدأ التطبيق الفعلى مع بداية شهر يناير المقبل
الأمر غير مخيف والمؤشر قادر على العودة
بداية قال محمد فتح الله، العضو المنتدب بشركة «بلوم لتداول الأوراق المالية»، إن تخوفات تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية قد تكون هى المحرك الأساسى لتعاملات الأفراد وتوجههم البيعى خلال الفترة الحالية.
فتح الله: الضريبة هى المحرك الأساسى
ولفت إلى أن أسهم المضاربات حققت ارتفاعات بالغة منذ بداية العام الجارى، على الرغم من كافة التأثيرات السلبية التى عاصرتها السوق فى تلك الفترات وتجاهلتها الأسهم الصغيرة مستكملة طفرتها السعرية بضغط من تمركز الأفراد بها.
وأشار إلى أن المضاربات بشكل عام، هى أمر مشروع فى أسواق المال وجزء حيوى منها لا يمكن تجاهله، موضحًا أن المستثمر الفرد دائمًا ما يركز على الأسهم التى تمكنه من تحقيق مكسب سريع وهو جانب يتوفر فى الأسهم الصغيرة دون غيرها من القياديات على سبيل المثال.
وأوضح، أن سلسلة التراجعات التى يشهدها مؤشر «egx70ewi» للأسهم الصغيرة والمتوسطة، هى عمليات تسييل محافظ من جانب الأفراد تخوفًا من تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية مطلع العام المقبل، وجزء آخر طبيعى نتيجة الهبوط المتتالى بغرض محاولات تحجيم الخسائر.
وأضاف أن هذا الأمر غير مخيف خاصة أن المؤشر لديه قدرة على معاودة التماسك مرة أخرى، خلال الفترات المقبلة.
وأشار إلى أن تخوفات الأفراد جراء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية قد لا ينتج عنها أى تخارجات كلية للأفراد وقد تكون عمليات تسييل يتبعها توجهات شرائية لأسهم ما فى أوقات أخرى، لافتًا إلى أن البورصة المصرية تُعد وجهة محببه للبعض.
الضريبة وتسييل محافظ الأفراد
فى سياق متصل، قال ياسر راشد، رئيس مجلس الإدارة فى شركة «كابيتال» لتداول الأوراق المالية، إن تخوفات تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية دفعت الأفراد إلى تسييل محافظهم بشكل كبير.
ولفت إلى أن تلك الضغوط الطبيعية دفعت بعملاء «المارجن» تحديدا للمسارعة بملف آلية حد إيقاف الخسائر على محافظهم المالية وهو ما زاد من عمليات البيع أكثر فأكثر.
ياسر راشد: تخارج محتمل لشريحة من المستثمرين وتوجههم لأوعية ادخارية أخرى
تجدر الإشارة إلى أن الأرباح الرأسمالية الخاضعة للضريبة تتحدد على أساس قيمة صافى الأرباح الرأسمالية لمحفظة الأوراق المالية المحققة فى نهاية السنة الضريبية بناء على الفرق بين سعر بيع أو استبدال أو أى صورة من صور التصرف فى الأوراق المالية وبين تكلفة شرائها بعد خصم عمولة الوساطة .
وأكد «راشد» أن أكثر ما يخيف الأفراد من تطبيق الضريبة هى آلية التطبيق ذاتها و بيروقراطية إجراءاتها، لافتًا إلى أنه فى تلك الحالة قد يفضل مجموعة من المتعاملين الأفراد التخارج نهائيًا من سوق الأسهم وبحث أى من الأوعية الادخارية الأخرى ذات العائد الثابت.
وتابع إن بعض المتعاملين الأفراد يرون أن تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية سيفقدهم جزءا كبيرا من مكاسبهم خاصة فى ظل أوضاع السوق المتذبذبة التى تتأثر دائمًا بأى أحداث خارجية.
وأشار إلى أن البعض الآخر من المتعاملين على أسهم المضاربات قد يتجهوا إلى بحث الدخول بشكل انتقائى فى الأسهم ذات القيمة الجيدة، وتخفيف التعامل على أسهم المضاربات خاصة أن معدلات صعودها فى كثير من الأحيان تكون غير حقيقة وغير معبرة عن وضعها الحقيقى.
وتوقع أن تستكمل أسهم المضاربات حركتها المتراجعة خلال الفترة المقبلة، خاصة عقب الارتفاعات المبالغة التى حققتها خلال الفترات الماضية، بشكل غير معبر عن قيمة الشركات الحقيقة،إلى جانب غياب العوامل المحفزة فى السوق بشكل عام.
وأضاف أن الجهات الرقابية يقع على عاتقها دور كبير فى متابعة وبحث تحركات تلك الأسهم للوقوف على أسباب ارتفاعاتها الحقيقية والحد من أى تلاعبات قد تحدث على تلك الأسهم وتكون مضللة للسوق.
وأوضح أن أحجام تعاملات السوق بشكل عام بعيدًا عن تحركات الأسهم الصغيرة والمتوسطة غير معبرة عن وضعها الحقيقى فى ظل تحكم شركة أو شركتين على الوزن النسبى الأكبر من مؤشر البورصة الرئيسى والتحكم بشكل كلى فى حركته.
وفيما يتعلق بملف ضرائب البورصة المصرية وتحديدًا ضريبة الأرباح الرأسمالية المثارة حالياً، نوه إلى أن حجم السوق المصرية غير محفزة تمامًا لفرض أى ضرائب جديدة خاصة الأرباح الرأسمالية التى سيصاحب إجراءات روتينية.
ولفت إلى أنه كان يجب الأخذ فى الاعتبار وضع السوق، إلى جانب الاقتداء بتجارب الأسواق المجاورة التى دائما ما تقدم محفزات ضريبية لمتعامليها، مشيرًا إلى أنه فى الوقت الذى تسجل فيه البورصة المصرية تداولات يومية بما يقرب 1.5 مليار جنيه وأحيانًا تنخفض عن ذلك الحد، فإن متوسطات أحجام المتداول فى السوق السعودية تصل يوميًا إلى 30 مليار جنيه.
مصطفى فوزى: البورصة جهة مفضلة للمتعاملين الأفراد والبيع نتيجة ضغط عمليات «المارجن كول»
فيما رجح مصطفى فوزى، رئيس مجلس الإدارة بشركة «بايونيرز لتداول الأوراق المالية» أن تكون الحركة الهابطة التى يشاهدها المؤشر السبعينى وأسهمه حاليا تتعلق بحالة التشبع التى شهدتها تلك الأسهم خلال الفترات الماضية وبالتالى كان من الطبيعى أن تتعرض لحالة ضغط المبيعات.
ولفت إلى أن رحلة الصعود التى شهدها المؤشر السبعينى خلال الفترة الماضية كانت ناتجة عن عوامل مضاربية بحتة، موضحا أن كافة التأثيرات تشهدها السوق وأهمها العامل المتوقع بتطبيق الضريبة منذ بداية العام دفعت الأفراد لمحاولة تسييل محافظهم قبل بدء تطبيق الضريبة.
واستبعد «فوزى» خروج بعض المستثمرين الأفراد من السوق فى ظل حالات تسييل المحافظ الحالية، متوقعًا أن يتريثوا لفترة زمنية تتخللها مراقبة وضع السوق عن بعد ثم الدخول مجددا.
ورجح أن تظل تعاملات الأفراد متمركزة فى الأسهم الصغيرة والمتوسطة دون غيرها من القيادية،خاصة أن أهم ما يجذب الأفراد هو المكسب السريع بغض النظر عن وضع الشركة وقيمتها.
وأشار إلى أن بعض الأفراد يعتبرون أن سوق الأسهم هى وجهة استثمارية مفضلة لهم مقارنة مع باقى الأوعية الادخارية الأخرى، وبالتالى فإن أمر تخارجهم نهائيا من البورصة جراء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية هو أمر غير محتمل.
وأشار إلى أن توقيت فرض الضريبة بمستهل العام المقبل غير مناسب وكان من الأفضل أن يتم زيادة حجم السوق بمزيد من الطروحات الجديدة ثم بحث التطبيق.
ولفت إلى أن موجة التضخم المتوقعة خلال الفترة المقبلة، من المفترض أن تكون إيجابية للعديد من القطاعات مثل قطاعات الأغذية والبتروكيماويات وغيرها.
سامح غريب: فتح ملفات ضريبية جديدة من أبرز المخاوف
من جانبه، قال سامح غريب، مدير كبار العملاء بشركة «عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية»، إنه منذ إعادة الحديث عن تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية بدأ المؤشر السبعينى فى منحنى هبوط مستمر.
وأشار إلى أن موجة الهبوط طالت كل مؤشرات السوق، ولكن المؤشر الرئيسى تمكن من التماسك بدعم من تماسك أسهمه القيادية، فيما استمرت تراجعات نظيره السبعينى.
واتفق مع سابقيه فى أن العامل الرئيسى لتراجعات أسهم السبعينى جاءت ناتجة عن تخوفات الأفراد جراء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، إلى جانب حالات الإيقاف التى تعرضت لها بعض أسهم المضاربات.
وعلى سبيل المثال فإن الهيئة العامة للرقابة المالية قررت فى جلسة 17 أكتوبر الجارى إلغاء 122 عملية على الورقة المالية زهراء المعادى للاستثمار والتعمير بغرض بحث تعاملاتها .
ولفت «غريب» إلى أن كافة تلك العوامل مجمعة أثارت تحفظ الأفراد بتعاملاتهم الحالية، مرجحًا أن تكون شريحة أخرى قررت توجيه استثماراتها لوعاء ادخارى آخر قبل إقرار ضريبة الأرباح الرأسمالية.
وأضاف أن تخوفات الضريبة تتضمن عدة جوانب تتعلق ببند التطبيق وفتح ملفات ضريبية جديدة وليس فقط قيمة الضريبة.
وتوقع أن تكون هناك محاولات للمؤشر للتماسك خلال الفترة المقبلة ولكنها ستكون مجرد حركة تصحيحية فقط دون تحقيق أى قمم جديدة، مرجحا أن ينتقل جزء من سيولة الأفراد للأسهم القيادية.
وقالت بحوث شركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية» فى ورقة بحثية لها حصلت «المال» على نسخة منها، إن الأداء السلبى للمؤشر السبعينى يأتى بسبب الأداء السلبى للعديد من مكوناته.
ولفتت إلى أن ارتفاع الأسعار فى مؤشر« EGX 70 » بعد جائحة كورونا (كوفيد19-) حتى الآن كان مدفوعاً إلى حد ما بقروض الهامش، وهو سلاح ذو حدين، موضحةً أن الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة متراجعة لأكثر من عام، مما ترك مساحة لارتفاع تقييم العديد من أسهمها.
وتوقعت أن تكون عمليات البيع بأسهم المضاربات هى سلوك تداول للتحول إلى الجودة بعد أن باع العديد من المستثمرين الأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة التى كانت تحلق عالياً فى السابق خوفاً من طلبات تغطية الهامش المحتملة.